رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

حول رؤية عميد الأدب العربى د. طه حسين لمستقبل الثقافة والتعليم فى مصر والتحديات المطلوب اجتيازها كان كتابه المرجعى الرائع «مستقبل الثقافة فى مصر» دفاعا عن مصر متنورة وديمقراطية ومتوسطية.

ويذكر الباحث الألمانى «أندرياس فليتش» فى مقال هام له كيف كان دور العميد فى دمقرطة التعليم فى مصر، وأن مشروع طه حسين الحداثى كان دفاعًا عن التنوير والديمقراطية والوسطية.

يستهل «فليتش» مقاله الذى قام بترجمته «رشيد بوطيب» على موقع «قنطرة» بتأكيد أنه ومع تحقيق الاستقلال فى العام 1936 بدا الطريق معبدًا أمام بناء مصر حديثة. وقد اشترط طه حسين لتحقيق ذلك إصلاحًا جذريًا للتعليم.

ومنذ دستور 1923 جرى التنصيص على التعليم الإجبارى للجنسين كما نص الدستور على مجانية التعليم فى ما كان يسمى بالمكاتب العامة. لكن هذه المكاتب العامة التى تطورت عن الكتاتيب القرآنية لم تكن تقدم نظامًا تعليميًا حقيقيًا، فى حين ظلت المدارس الحديثة والتى كانت تعتمد المنهج الغربى حكرًا على من يستطيع دفع تكاليف الدراسة. وفقط عبر هذه المدارس أمكن الحصول على مستوى تعليمى كبير والوصول إلى مناصب عالية فى جهاز الدولة. وهو ما يعنى وجود نظام طبقى يخدم مصالح البرجوازية ضد الطبقات الفقيرة.

وقد اعتقد طه حسين فى «مستقبل الثقافة فى مصر» بإمكانية أن تلعب المدارس الابتدائية دورا فى تقوية وحدة المجتمع المصرى لكنه اكتشف خلال عمله كمستشار لوزارة التعليم من عام 1942 وحتى العام 1944 البناء المزدوج للنظام التعليمى والذى يهدد بانقسام المجتمع. ولم تكلل محاولات وزير التعليم خلال تلك المرحلة، أحمد نجيب الهلالى من أجل دمقرطة التعليم عبر إلغاء الرسوم المدرسية بالنجاح. لكن طه حسين سيتأتى له ذلك بعد أن خلف الهلالى فى الوزارة عام 1950، مؤكدا على مجانية التعليم لكل طفل، مجانية الهواء والماء، ليلغى الرسوم الدراسية عام 1950 ويجمع بين المدارس التقليدية والحديثة سنة 1951 ويزيد فى مدة التعليم الابتدائى من أربع إلى ست سنوات، محققا بذلك تعليمًا ابتدائيًا موحدًا لكل المصريين.

ويذكرنا الباحث الألمانى بدعوة طه حسين العرب إلى تجاوز عقدة النقص من التفوق الغربى ورأى أن من الواجب على المصريين بعد الحصول على الاستقلال التام بناء نظام ديمقراطى وتحديث المجتمع وتجاوز الفكرة الرائجة التى تقول بأنهم مختلفون عن الأوروبيين. ويمثل التعليم فى هذا السياق الطريق الذهبى إلى تحقيق هذه الأهداف والتحول إلى شريك يقف على قدم المساواة مع الأوروبيين. وبهذا يكون طه حسين قد وضع الأسس لسياسة تعليمية جديدة. لكن خروج الأفكار إلى حيز التنفيذ احتاج لوقت أكبر، وخصوصًا بسبب غياب الإمكانيات المادية، ظل هذا الإصلاح حبرًا على ورق، حتى أنه عشية ثورة يوليو 1952 لم يكن عدد الأطفال المصريين الذين يرتادون المدرسة بين ست سنوات واثنتى عشرة سنة يتجاوز الخمسين فى المائة. كما أن مستوى الدراسة فى المدارس الابتدائية استمر على سوئه رغم تحويلها إلى مدارس حديثة، حتى أنه يمكن القول إن الأمر لم يكن أكثر من تغيير اسمى. وبعد ثورة 1952 واصل الحكام الجدد سياسة إصلاح التعليم، لكنهم ركزوا على الجانب الكمي، ما أثر سلبا على نوعية التعليم. وهو المشكل الذى مازال قائمًا إلى يومنا هذا، والذى يرتبط إلى حد كبير بالانفجار الديموغرافى فى مصر.. (وللمقال تتمة فى «رؤية» قادمة).

[email protected]