رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

(إن شجرة الصداقة الصينية – الأفريقية التى غرسها الأجداد تحتاج رعاية مستمرة من الأحفاد جيلاً بعد جيل) «هيو جنتاو» الرئيس الصينى فى كلمته الافتتاحية للمنتدى الاقتصادى الصينى - الأفريقى ببكين 2012 م.. ودعونا ندقق معاً قرائى الكرام فيما تريد الصين ترسيخه فى أذهان الأفارقة.. وكنا قد تحدثنا فى مقالنا السابق عن التواجد الصينى فى القارة السمراء وعرضنا سريعاً لوجهات نظر ثلاث بخصوص هذا التواجد وختمنا بأننا سوف نتعرض فى تلك المرة لاستراتيجية عمل الصين فى أفريقيا.

وتعالوا بنا نستعين بلغة الأرقام فى الأسطر القادمة: ففى عام 1978 م، لم تكن تتعدى قيمة المبادلات التجارية بين الصين وأفريقيا مبلغ الـ 700 مليون دولار, تتضاعف هذا الرقم فى التسعينيات ليصل إلى 700%, وفى 2004 م كان قد بلغ 20 مليار دولار, ووصل إلى 100 مليار دولار بنهاية 2008 م، وهو ما كانت قد خططت الصين للوصول إليه فى 2010 م.

فماذا فعلت الصين للوصول إلى هذه الأرقام؟.. وتحقيق تلك المعدلات المرتفعة!

المتتبع منا لتطور العلاقات الصينية – الأفريقية يلاحظ الآتى: أن الصين قد ركزت على الحضور المادى والمتمثل فى تكثيف زيارتها للقارة السمراء سواء كان ذلك بشكل رسمى رفيع المستوى أو بشكل غير رسمى, فلا ننسى مثلاً الزيارة التاريخية لـ «شوان لاى» فى الستينيات، وكذلك زيارة أسطول القوات البحرية الصينية لدولة «تنزانيا» فى عام 2000 م فى سابقة هى الأولى من نوعها.. أما بالنسبة للحضور غير الرسمى فيتمثل فى مشاركة الجنود الصينيين للجهود الأمنية لقوات حفظ السلام فى عدد من دول القارة مثل (الكونغو, ليبيريا, السودان)، هذا بالإضافة لإرسالها للمراقبين العسكريين أيضاً.. ونستطيع القول بأنه منذ منتصف التسعينيات تحديداً كانت قد تزايدت وتيرة تلك الزيارات بشكل كبير لدرجة أصبحت فيها زيارة وزير الخارجية الصينى لأفريقيا تقليداً دبلوماسياً سنوياً.. ونلاحظ أيضاً أن الصين فى كل تلك الزيارات كانت ولا تزال تحرص على ترديد العبارات التى تؤكد مدى اهتمامها الكبير بأفريقيا وتعزيز التضامن والتعاون معها، وأن أفريقيا مكون أساسى فى السياسة الخارجية الصينية، وجدير بالذكر أيضاً أن زيارات الصين لأفريقيا تركز على استكشاف النفط والمعادن بالأساس.

هذا من جانب ومن جانب آخر نجد أن الصين أيضا تبنت «خطاب ذكى» حرصت من خلاله على تأكيد دورها الريادى بالنسبة العالم النامى ودول العالم الثالث وذلك فى إطار التقاء مصالحها كأكبر دولة نامية بمصالح الدول الأفريقية, ويجب أن نشير هنا إلى ما تمتلكه الصين من ميزة مهمة تنافس بها التواجد الأوروبى حيث إنها لا تملك ماضياً استعمارياً فى القارة، ومن هنا سهل عليها ترويج صورة «الدولة الصديقة» التى تدافع عن مصالح الأفارقة فى إطار مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية، وقد تم تأكيد ذلك من خلال إعلان بكين عام 2000 م.

وأخيراً نجد أن الصين  تعمل على وضع أسس سياسية أو بعبارة أخرى بنيات سياسية لترسيخ وتقوية العلاقات التى تقوم ببنائها مع أفريقيا وإمداد تلك العلاقات بالآليات اللازمة للحوار والتنسيق بين القادة هنا وهناك, وفى ذلك مثلاً نجدها لجأت لمحاكاة الكومنولث والفرانكوفون كنمادج، مع إضافة التعديلات الخاصة بها التى تحرص عليها من خصائص العالم الثالث، لذا قامت بتأسيس ما يعرف بمنتدى التعاون الصينى الأفريقى.

ويمكن أن نجمل القول بأن استراتيجية التواجد الصينى فى أفريقيا تتسم بالتعاون العملى البرجماتى والمساواة والمنفعة المتبادلة (حوار سياسى وتعاون اقتصادى)، فالصين استطاعت توفير شروط نجاحها فى أفريقيا وجعلت من قارتنا السمراء مصدرا للموارد والمواد الخام وأيضاً سوق للمنتجات، رافعة شعار (رابح/رابح) بحد تعبير الخطاب الصينى، مؤكدة دائماً على أنها تسعى لبناء سياسة واقتصاد على أسس من العدالة والمصداقية.. فهل لنا فى الصين عبرة!