نظرة تأمل
فى حواره التليفزيونى الأخير طرق الرئيس عبدالفتاح السيسى وتراً حساساً يتمثل فى العلاقة بين الأجيال لا سيما فى مرحلة التنمية والبناء وكان الرجل واضحًا فى ثقته بقدرة الشباب على البذل والعطاء من أجل الوطن وأكد أنه لا يوجد خلاف مع الشباب، وفى اعتقادى أن التوصيف الدقيق للعلاقة الحالية بين الأجيال هو ما يمكن تسميته مخرجات مساحة تنوع الرؤية.
ويقبل البعض هذه المساحة بينما يرفضها البعض الآخر أو دعونى أقول لا يقبل الخوض فى مناقشتها حتى لا يصطدم مع الآراء المستحدثة التى لا تتفق والموروث المحافظ الذى لا يقبل المناقشة من وجهة نظر كثيرين من جيل الكبار وعليه أن يواجه موجة الطموح المتحرر النابعة من جيل الشباب.
ويصبح المطلوب مساحة أخرى مشتركة بين الجيلين أو بين الحاضر والمستقبل لأن تكوين هذا الأخير مرتبط بما يقدمه الجيل الحالى من عطاء معنوى ومادى من أجل المستقبل على أساس اقتناع مهم وهو أن الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل ومن هنا لابد من صياغة علاقة آمنة بين الجانبين يتقبل من خلالها كل منهما الآخر خاصة أن المنطق الثورى الذى يسيطر على خطاب الشباب أصبح لا يتقبل اليوم بسهولة من قبل من هم دونهم، ونؤكد أنه من الضرورى تفهمه حتى نتجنب إشكالية ولدت انطباعاً خاطئاً لدى جيل الكبار الذى يرى فى ثورة الشباب جموحًا ويرى جيل الشباب تحفظ الكبار جموداً.
ويبدو أن كلا الانطباعين قد جانبهما الصواب حيث يضحى التجديد ضرورة تتفق وطبيعة الأشياء ولا يمكن وصفه بأنه جموح حتى ولو خرجت من هنا أو هناك شذرات تمثل استثناءً ولا يمكن النظر إليها على أنها قاعدة وفى الوقت نفسه تريث جيل الكبار وتمسكه بالثوابت المتفق عليها مجتمعياً لا يمكن وصفها بالجمود لأنه لا تناقض بين درجات البناء والتطور الطبيعى لحركة التاريخ التى تستند إلى تراكم المعرفة لأن التاريخ ليس سوى طبقات متتالية فى شكل سلسلة متصلة الحلقات ولو فقدت إحداها لضاعت هوية الأمة وهذا أمر يصعب على كثير من الشباب تفهمه أو أن جيل الكبار يفشل فى توصيله للنشء منذ نعومة الأظفار وهنا نصل إلى بيت القصيد منظومة التعليم المهترئة هى سبب مباشر فى صنع إشكاليات سوء الفهم بين الحاضر والمستقبل!!