نظرة تأمل
عندما اندلعت الأزمة في سوريا ارتبطت بعدد من المشكلات الإقليمية التي أدت تداعياتها الى تفجر أزمات تلو الأزمات وآخرها الأزمة بين تركيا وروسيا بسبب إسقاط أنقرة لإحدى المقاتلات الروسية وتبلورت الأزمة السورية نتيجة عوامل منها عدم قيام النظام السوري من بداية الأزمة في عام 2011 بعملية احتواء للمشكلات في مهدها وترك الأمور تتفاقم الى حد خلق حالة تناقض رئيسي في الإقليم السوري جراء استخدام العنف في مواجهة المعارضة لنظام حكم بشار الأسد الأمر الذي أدى الى خلق تيار قوي مثل تهديدا مباشرا للنظام الذي انتقل من العنف المحدود الى استخدام المزيد من العنف اللامحدود.
ومن ثم خرج في النهاية الموقف عن حدود السيطرة ولم تفرق بعض الأطراف في التعامل مع الأزمة السورية بين النظام الحاكم والشعب السوري من ناحية أو الخلط بين المعارضة والشعب السوري من ناحية أخرى ما ترتب عليه وجود تناقضات خطيرة في المواقف الإقليمية والدولية تجاه تطورات الأزمة السورية وتراوحت بين تناقضات رئيسية أثرت في صنع القرارات وتناقضات ثانوية أدت بشكل أو بآخر الى توقف عجلة الحياة في معظم المدن والبلدات السورية واصبح المواطن السوري هو الضحية خاصة خارج دمشق يعيش حالة الأزمة التي فاقت كل حدود القبول الانساني وتحولت الى درب من المآسي التي تتنافى مع الأعراف الدينية والانسانية وتحولت سوريا الى ارض محروقة يراق على ثراها الدم العربي المسلم ما يجعلنا نقول إن الضمير العربي والإنساني يتحمل المسئولية.
وقد جعلت معاقبة النظام السوري من المواطن السوري مرة أخرى ضحية لأن الإجراءات العقابية سواء من هذا الطرف او ذاك انعكست بالتبعية على تحميل الشعب السوري وطأة عقوبات من الطبيعي عدم وجودها وكان سيؤدي الى التخفيف النسبي من الضغوط الحياتية والمآسي الإنسانية اليومية التي يعانيها السوريون داخل وطنهم وبالتالي كان امرا طبيعيا ان تتعقد المشكلات خاصة على المستوى اللوجيستي الذي من المفترض انه المستوى المتاح والمستمر في كل منطقة ساخنة من مناطق العالم التي تعاني من أزمة ما.
ومن هنا كانت ظاهرة النزوح الجماعي الى خارج الارض المحروقة تشكل هربا من وضع غريب هو في واقع الأمر أصبح «وصمة عار» ليس في جبين الأمة الناطقة بلغة الضاد فقط بل في جبين العالم أجمع، وتعاملت الجماعة الدولية مع معطيات الأزمة السورية برفض نظام الأسد الذي لم يستجب لمتطلبات التغيير الديموقراطي – اذا جاز التعبير – والذي ساد المنطقة العربية تحت ما سمي بثورات الربيع العربي، وكان بيد بشار السد ان يتعامل وفق روح العصر بذكاء وينقذ نظامه من مخاطر السقوط من هنا تجلى رفض نظام الأسد في إنهاك للدولة السورية.
ولم يكن هذا في واقع الأمر إلا جعل المواطن السوري يسقط ضحية للمرة الثالثة عندما وقع بين سندان الإرهاب الداعشي ومطرقة الضغوط الدولية، اما الموقف العربي كان من الناحية النظرية في صف الشعب السوري لكنه من الناحية العملية لم تكن لديه المرونة الكافية خاصة لدى جامعة الدول العربية باعتبارها التنظيم الاقليمي العربي للتعاطي مع الأزمة السورية بشكل يزيل مسبباتها ويبحث عن حلول فاعلة لها ولكننا وجدناه يلتقي مع الموقف الدولي نقطة التقاطع التي لا تفرق بين نظام الاسد والشعب السوري.
وإن كنت اعتقد ان الحكومة السورية تتحمل قدرا كبيرا من المسئولية لأنها لم تتجاوب مع رغبة اطراف عربية عديدة من بينها مصر والسعودية في جعل حماية الشعب السوري والحفاظ على وحدته الوطنية الهدف والمرتكز لأي تسوية سياسية محتملة كما ان دخول تنظيم داعش الإرهابي الى الاراضي السورية قادما من العراق غير من الموازين وخلط بين المفاهيم وجعل البعض ينظر للمعارضة السورية على أنها هي داعش وهنا مكمن الخطر لأن الحقيقة كانت دخول داعش الى الاراضي السورية جاء نتيجة طبيعية لسقوط الدولة السورية.