نظرة تأمل
عندما يتجاوز مذيع (ليس من أبناء ماسبيرو) في قناة فضائية غير مصرية في حق التليفزيون المصري وعندما تنتهك مذيعة (من الدخلاء على المهنة) خصوصيات الآخرين. إذن نحن أمام مشهد إعلامي في حالة يرثى لها بسبب غياب ما نسميه القيم التحريرية عن أداء كثير من القنوات الفضائية وأهمها من وجهة نظري قيمتان هما المحاسبة والمصلحة العامة حيث يعتقد كثيرون أن القيمتين يخضع لها فقط إعلام الدولة الذي يسميه خطأ البعض الإعلام الحكومي وهناك فرق كبير بين الدولة والحكومة لأن دولة المؤسسات باقية، أما الحكومات فلن تستمر مهما طال وجودها في السلطة فلابد أن يأتي يوم قريب أو بعيد كي ترحل من هنا لا يوجد إعلام حكومي انما هو إعلام دولة أما الإعلام الخاص المملوك للأفراد أو الشركات غير الحكومية والإعلام الوافد من خارج الحدود أتصور أنه أيضاً يتحمل مسئولية هذا المشهد ويجب أن يتمسك القائمون عليه بالقيمتين المشار إليهما حتى يحافظوا على رقي ما يقدمون ومن خلال ما نراه يمكن القول إن حالة التردي هذه هي حالة مرضيَّة سببها سيطرة الوكالات الإعلانية على المحتوى البرامجي لكثير من القنوات الفضائية وبما إن الإعلانات هي المصدر الرئيسي لدخل هذه القنوات فإنها يمكن ان تغض الطرف عن كثير من البرامج التي تخدش الحياء أو تشكك في قيم المجتمع وموروثه الفكري إلى حد ازدراء الأديان وفي بعض الحالات هناك برامج تفتح حواراً يومياً حول معارك مفتعلة بين المذاهب وهناك برامج يتعامل المذيع فيها مع المتلقي كما لو كان تلميذاً بليداً ويظل بعضهم يتحدث للمتلقي بالساعات في ظاهرة غريبة لا توجد إلا في الإعلام المصري فقط وهناك من يسوق أفكاره من منطلق «الحق الذي يراد به باطل» وينتهك خصوصيات الآخرين أو آخرون يتعالون على المشاهد وينظرون إليه من قمة الهرم فيبدو لهم صغيراً لكن أسأل هذا المذيع أو ذاك كيف يراك المشاهد وأنت تقف على قمة الهرم؟ يراك بالطبع صغيراً إذن لن يضيف لك هذا الغرور والتعالي إلا نفوراً منك وهناك من يستخدم الصوت العالي إلى حد الصراخ في الاتصال مع المتلقين.
كما تابعنا المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ووجدنا مذيعين ومقدمي برامج يروجون لبرامجهم من خلال تحويلها إلى حلبة صراع شخصي بين المرشحين سواء كان هذا بشكل إعلامي أو إعلاني ويصبح البرنامج مجالاً لتصفية الحسابات والتعريض بالسمعة وتبادل الاتهامات والتشكيك في الذمم المالية ومن ثم تخرج الرسالة الإعلامية بشأن الانتخابات عن مسارها وتخطئ هدفها وأدعو كل البرامجيين وكل من يتصدى لمهمة تغطية الانتخابات في مرحلتها الثانية إلى العودة إلى أدلة السياسة التحريرية لتغطية الانتخابات وهو موجود ضمن أي إطار مرجعي مهني وعلمي للمحطات التليفزيونية التي تتعامل بمهنية خاصة الإخبارية منها وفي مقدمتها الـBBC البريطانية والـCNN الأمريكية وقناة SKY NEWS عربية ويوجد بقطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون منذ عام 2012 دليل لتغطية الانتخابات البرلمانية تم وضعه بالتنسيق مع هيئة الإذاعة البريطانية والمجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة بعد ورشة عمل لمجموعة من مراسلي القطاع من أخبار التليفزيون وقناة النيل للأخبار وقناة النيل الدولية في المرحلة الثانية من الانتخابات يجب تدارك الأخطاء التي وقع فيها كثير من القنوات الخاصة والتركيز على تعريف الناخبين بالمرشحين وفق آليات برامجية جديدة تنتجها هذه القنوات بشكل جاذب وتعد المناظرات إحداها وفيها نتعرف على رؤى القوى السياسية من قضايا العمل الوطني مثل تطوير التعليم وكيفية نشر مظلة التأمين الصحي وتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي ورؤيتهم للتطبيق الفعلي للديمقراطية وسبل مكافحة الفساد في كل أشكاله والاهتمام بمشكلات الشباب الذي يمثل نصف الحاضر وكل المستقبل وتفعيل دور المرأة في العمل العام وكيفية مواجهة مشكلة البطالة والحد من التضخم حل مشكلة العشوائيات وغيرها من القضايا ونتساءل أليست مناقشة هذه الموضوعات أفضل من السب والقذف المتبادل بين المرشحين؟