نظرة تأمل
بدأت خطوات حثيثة تمضي في اتجاه إنجاز الاستحقاق الثالث لثورة الثلاثين من يونية وهو إجراء الانتخابات البرلمانية وفي غضون ذلك تواكب معها الاحتفال بمرور 42 سنة على حرب أكتوبر التي حقق المصريون فيها انتصاراً عسكرياً غير الكثير من المفاهيم السائدة في ذلك الوقت وقلب التوازنات التي كانت تميل لصالح اسرائيل بعد هزيمة يونية عام 1967 وتلاحقني ذكريات أكتوبر ويسارع العقل الى الربط بين مانحن فيه وكنا فيه حتى تحقق النصر ليبرز سؤال عريض: هل نحن في حاجة الى عبور جديد؟
نقول نجح الجندي المصري في أن يسترد زمام المبادرة ويثبت أكذوبة اسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر بل ويؤكد أن جزءا ليس قليلا من الدعاية المعادية قد استند الى غير الحقيقة وهو ما كان موجها الى العمق المصري أكثر من جبهة القتال للنيل من معنويات المواطن البسيط .
إن حرب اكتوبر قد أعادت للشخصية المصرية زخمها وقدرتها على الانجاز وتراجع الى حد كبير قبل عام 1973 خاصة بعد رحيل جمال عبد الناصر لكن المعجزة من وجهة نظري كانت تحويل الهزيمة الى قدرة على ازالة آثار العدوان واعادة بناء الجيش من جديد وشارك المصريون جميعهم في تحمل عبء الهزيمة النفسي والمادي حتى تم الانتقال عام 68 الى مرحلة الاستعداد لتحرير الارض وعندما تم التهجير الكامل لمدن القناة الثلاث عام 69 كان هذا مؤشرا لمرحلة اخرى جديدة على طريق معركة الثأر ولكن رحيل جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 كان هزة قوية واختبارا صعبا للشعب المصري الذي أثبت مدى تحديه للواقع الجديد بدون عبد الناصر .
وفي الفترة من عام 70 إلى عام 73 استطاع الرئيس انور السادات أن يكمل مسيرة بناء قوة مصر العسكرية ويعد لخطة نجح في التمويه والخداع لاخفائها ثم يتخذ في السادس من اكتوبر قرارا انتظره المصريون بفارغ الصبر بعبور اكبر مانع مائي في التاريخ وتدمير خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس الذي كم اشادت به العسكرية الاسرائيلية وضخمت منه في محاولة لإرهاب المصريين هكذا نجد أن الانتصار في حرب أكتوبر فتح صفحة جديدة في حياة الشعب المصري وجدناها في الشارع المصري تتسم بالقدرة على التحدي وتجسد ملامح الطابع القومي الحقيقي للمواطن عندما انتقل من روح الهزيمة إلى روح النصر وقد انعكس هذا بالإيجاب على الشخصية المصرية .
ويتفق علماء السياسة والإجتماع على أن حرب اكتوبر قد ساعدت المصريين على استرداد هويتهم التي في حقيقة الأمر لم تفقد ولكنها تعرضت لنوع من الضبابية الاجتماعية والسياسية نتيجة ضغوط الفترة من 1967 حتى 1973.
وأتصور ان مصر بعد عام 2011 عانت من ضبابية جديدة نتيجة ما حدث من اختراق ثم اختطاف لثورة 25 يناير وهنا لحقت بالشخصية المصرية مؤثرات سلبية لم نعهدها من قبل في الأداء السلوكي لقطاع كبير من الشعب المصري ما يؤكد أنها دخيلة على النسق القيمي للمجتمع المصري ولكن بعد نحو ثلاثة اعوام عبر المصريون هذه الغمة عندما قامت ثورة ال 30 من يونية لتؤكد من جديد قدرة المصريين على استرداد الهوية لكن المشكلة ودعونا نتحدث بصراحة أن عدونا في 73 كان محددا وواضحا انما اعداؤنا اليوم كثر ومتلونون وغير واضحين ومن هنا تصبح المشكلة اعقد نسبيا خاصة إذا اضفنا لصورة الواقع تحديات أخرى مثل الفساد والتخلف بثالوثه الشهير الفقر والجهل والمرض ما يجعلنا في حاجة ماسة لروح اكتوبر من جديد وأي متطلع للمستقبل لابد أن يسعى إلى هذه الروح لمواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية فهل لدينا القدرة على العبور من جديد؟!