عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصريون تحت الحصار:

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

ننتظر الموت فى كل لحظة.. والأسعار تضاعفت 10 مرات.. ونبحث عن وسيلة للنجاة

تذكرة الأتوبيس بـ 500 ألف جنيه سودانى.. وكيلو الطماطم بـ 2500

 

 

مازالت صرخات أبناء الجالية المصرية فى السودان تتوالى، صيحات تدمى قلوب ذويهم فى مصر بل وقلوب المصريين جميعا، ورغم محاولات الحكومة المضنية لإنقاذ من يمكن إنقاذه منهم، إلا أن الباقين هناك مازالوا مهددين بالموت إما جوعًا أو قتلا بنيران قوات الدعم السريع فى حربها مع الجيش السودانى.

«الوفد» واصلت اتصالاتها ببعض الباقين تحت الحصار هناك، وبعض من حالفهم الحظ ونجحوا فى الهروب من نيران الحرب إلى حضن الوطن الدافئ، وسردوا لنا فصولا من تلك المآسى التى تعرضوا لها فى أرض الموت فى السودان.

وليد محمد صبرى، أحد المصريين العالقين فى السودان ما زال محتجزًا فى منزله الذى تحول إلى سجن مظلم بعد انقطاع التيار الكهربائى والإنترنت.

قصة «وليد» تعود لعام 2018، حينما ذهب إلى السودان للعمل فى إحدى الشركات الخاصة أملاً فى توفير لقمة العيش لأبنائه، وبعد سنوات من العمل الشاق وجد نفسه محاصرا فى حرب لا ناقة له ولا جمل فيها، وأصبح أمله الوحيد هو العودة إلى بلاده سالما.

20 ألف جنيه هى قيمة تذكرة الاتوبيس التى تحول بينه وبين العودة إلى مصر، فضلاً عن مخاطر الطريق من العصابات والجماعات المسلحة التى تجوب الشوارع، حاول وليد التواصل مع الجهات المختصة آناء الليل وآطراف النهار لمعرفة الإجراءات التى يمكن أن تعيده إلى ذويه ولكن دون جدوى، مشيرا إلى أن الأمر يزداد سوءًا ساعة تلو الاخرى مع تفاقم الأسعار، فسعر كيلو الطماطم وصل إلى 2500 جنيه، والبطاطس 2000 جنيه سودانى ومثلها للتر الزيت إن وجدت من الأساس بعد أن أغلقت المحال أبوابها.

يستكمل «وليد» حديثه قائلا: إنّ هذه الأسعار هى المتداولة فى الأسواق الآن، وهى فى زيادة مستمرة منذ اندلاع الحرب، مشيرا إلى أنهم يعتمدون على البيض بشكل أساسى فى طعامهم، ولكن سعره تضاعف ليصل إلى 5 آلاف جنيه سودانى للطبق، أما رغيف العيش فيباع بـ 50 جنيهًا، وتابع: «قبل الحرب الأسعار كانت اقل، فالطماطم كانت تباع بـ ٥٠٠ جنيه سودانى والبطاطس بـ٧٠٠ والزيت بـ١٢٠٠ والعيش كان الثلاثة أرغفة بـ١٠٠ جنيه».

ومن «وليد» إلى أحمد صابر الذى أكد لنا أن الأتوبيسات التى تقل المصريين من السودان إلى مصر تحصل الآن على 500 ألف جنيه سودانى بدلاً من 25 ألفا، وكشف لنا أوضاع التعليم فى السودان قائلا: إن الحكومة السودانية أعلنت توقف الدراسة فى جميع المراحل لحين إشعار آخر، وتابع: «الدراسة هنا طوال السنة تعرضت للتأجيل أكثر من مرة بسبب إضراب المدرسين عن العمل للمطالبة بزيادة المرتبات، مضيفا: «الأوضاع متردية جدًا والمدارس الخاصة نار وبرضو مفيش تعليم».

«دفعنا دم قلبنا ومش عارفين مستقبل عيالنا رايح على فين».. يستكمل «أحمد» حديثه قائلا: إنه جاء الى السودان بحثًا عن مستقبل لأبنائه ولكن تبدلت أحلامه إلى كوابيس، فضلاً عن حالة الرعب التى يعيشون فيها بسبب الهجوم المستمر على المنازل.

«بقيت ببص على عيالى وعنيا تدمع على مستقبلهم».. بصوت حزين يستكمل الأب المكلوم حديثه، مشيرا إلى أنهم جميعا يعيشون تحت الحصار.

 

 

الناجون يروون لـ«الوفد» تفاصيل اللحظات الصعبة:

رأينا الموت بأعيينا حتى وصلنا لبر الأمان

سلمى: وزيرة الهجرة تواصلت معنا حتى تم إجلاؤنا.. وشمس: نمنا يومين فى الشارع والسفارة ساعدتنا على العودة

فى الوقت الذى ما زال فيه عدد من المصريون يبحثون عن طريق للخلاص، نجح عدد آخر منهم فى الوصول إلى بر الأمان، بعد أن تمكنت الطائرات الحربية من نقل عدد منهم، بينما نجح عدد آخر فى الوصول إلى مصر عبر معبرى قسطل وأرقين ودخول مصر برا، ولكن هؤلاء وهؤلاء عانوا كثيرا من أجل الوصول إلى بر الأمان، وحكوا لـ«الوفد» تفاصيل رحلة الموت التى لن ينسوها طوال حياتهم.

سلمى البابلى.. طالبة فى الفرقة الثالثة كلية علاج طبيعى بالسودان، حكت لنا قصتها قائلة: «إحنا صحينا فى يوم على صوت انفجارات وضرب نار ودبابات وصوت طيران كتير ومش فاهمين ايه الى بيحصل، كلمنا صحابنا على جروب الدفعة مصريين وسودانين قالوا إن فيه ضرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، واستولت القوات على المطار واتقفل وقفلوا مدينة الخرطوم كلها ومحدش بقى عارف يطلع من البيت.. تستكمل «سلمى» حديثها: لقينا صحابنا مصورين فيديو ضرب النار من البلكونة، بقينا قاعدين مش عارفين نعمل ايه بنتابع الاخبار ونتابع مع صحابنا فى مناطق مختلفة من الخرطوم، كلمنا مستشارة وزيرة الهجرة قالت لنا: فيه اجتماع ليكم على زوم الساعة ٣، حضرنا وكلمنا الوزيرة اللى اخدت عناوينا فى الخرطوم وارقام التليفونات وسألتنا عن أوضاعنا، احنا كنا مش بننام من الرعب والأصوات الى جنبنا، ومش عارفين ننزل نجيب أكل ولا ميه ولا أى حاجة، الكهربا قطعت وعايشين فى سجن».

واستكملت: كلمنا أصحابنا لما عرفنا أن فى ناس بدأت تتحرك على مصر والمعبر اشتغل، جمعنا بعض ومشينا فى أتوبيس لأن كدا كدا كنا هنموت، وصلنا بلدا يبعد عن الخرطوم بـ٥ ساعات تقريبا لقينا السواق زود سعر الفرد فى الأتوبيس ٢٥٠ دولارا يعنى حوالى ٨ آلاف مصرى نزلنا من الباص كلنا لأن فلوسنا كانت خلصت واهالينا مش عارفين يحولولنا فلوس، حتى نجحنا فى الوصول للطائرات المصرية التى أعادتنا إلى أرض الوطن.

وأضافت شمس الشرقاوى طالبة فى الفرقة الثالثة بكلية العلاج الطبيعى بالسودان: إنها كانت تعيش فى المعمورة جنوب الخرطوم، وكانت الأجواء إلى حد ما مستقرة مقارنه بشارع المطار، ولكن كانت أصوات الضرب تدوى فى أرجاء المكان، وتابعت: «فيه قذيفة اضربت فى الشارع اللى ورانا فى اول يوم من الحرب، بعدها الهايبر اللى بنجيب منه متطلباتنا قفل ومفيش عيش ومفيش أكل، فضلنا أسبوع قبل العيد بنحاول نقتصد فى الأكل اللى معانا فى الفريزر علشان مش عارفين بعد كدة ايه اللى هيحصل، كانت معانا وزيرة الهجرة فى الجروب بتتابع كل اللى بيحصل، لكن فى وقت أصبحنا مش لاقيين اى تحرك من مصر، لكن اكتشفنا أنهم مستنين اللحظة اللى يكون فيه هدنة يلتزم بيها الطرفين، لكن القلق كان اتمكن مننا تماما فلما لاقينا مفيش اى تحرك جمعنا بعض واتفقنا مع أتوبيس يرجعنا القاهرة مقابل 9 مليون سودانى والمبلغ ماكانش كامل معانا اتقفنا مع السواق نحوله باقى الفلوس الناقصة لما نوصل القاهرة، إلا أن السواق رفض

وطلب المبلغ كله كاش، ونزل شنط السفر فاضطرينا ننام فى الشارع فى منطقة قندهار ليلتين كاملتين من غير أكل أو شرب.

واستكملت: خلال الفترة دى أصدرت الوزارة بيانا بأماكن الإجلاء وتواصلنا مع وزيرة الهجرة وارسلنا لها صورنا واحنا فى الشارع وارسلنا لها اللوكيشن، فارسلت لنا رقم استاذة سها فى السفارة، وحكينا لها مشكلة الفلوس، فقالت ادفعوا اللى معاكم واحنا فى السفارة هنكملكم الباقى لما تيجوا، كلمنا السواق مرة تانية فاخدنا من قندهار لوادى حلفا وتواصل معنا القنصل أحمد شريف، وتابع كل تحركتنا، حتى وصولنا لمنطقة التمام، وبعدها وصلنا لمطار دنجلة وركبنا الطائرة الحربية وتم استقبالنا بحفاوة بالغة، وقاموا بتوزيع الطعام والشراب علينا خاصة وأننا ظللنا خمسة أيام منها 3 أيام فى الخرطوم، واثنين حتى وصلنا للطائرة.

محمد عطية، مصرى مقيم فى السودان، منذ أكثر من 15 سنة، قال: احنا دلوقتى فى طريقنا لقاعدة وادى سيدنا الجوية، والسفارة بعتت أتوبيسات عند جامعة افريقيا العالمية، موضحا أن هناك عددا كبيرا من المصريين عائدين من الخرطوم، وأضاف قائلا: «موضوع الحرب كان متوقعا، كان فيه مناوشات بين الجيش وقوات الدعم السريع من فترة، بس السودانين كانوا بيقولوا إن شاء الله ما بيحصل شى، الدعم السريع زعلان من الإعلام المصرى عشان بيقولوا عليهم ميليشيات وواخدين صف البرهان، وهو ما أساء إلى موقفنا كمصريين أكثر وجعلهم أكثر عداء ضدنا.

استمر تواصلنا مع عطية لعدة أيام منذ اندلاع الأزمة، فأكد أنه بعد رحلة طويلة نجح هو وعدد من زملائه الوصول إلى قاعدة وادى سيدنا الجوية منتظرين الطيران المصرى لإجلائهم، مؤكدا أنهم أكثر من الف مصرى ومعهم اطفال وبنات وأمهات ومرضى.

وطالبت الدكتورة وفاء محمد عباس بتوصيل أصواتهم للمسئولين، مشيرة إلى أن هناك عددا من الطلاب المصريين يقفون امام بوابة مطار وادى سيدنا من يوم الثلاثاء، إلا أن سلطات المطار ترفض دخولهم ومعظمهم فى حالة إعياء شديد بسبب حرارة الجو ومنهم من أغمى عليه، ولا توجد فرق طبية ولا ماء ولا طعام.

وأكد عدد من الطلاب المتواجدين أمام قاعدة وادى سيدنا والذين يصل عددهم إلى 800 طالب وطالبة أن الطائرات التى تأتى لإجلاء المصريين حمولتها صغيرة، ففى يوم الأربعاء وصلت طائرتان فقط إحداهما الساعة ٤ عصرا وتحمل ٨٠ فردا وغير مسموح بحقائب الا حقيبة يد صغيرة، والثانية ٦٠ فردا، وقيل لنا إنه ستكون هناك طائرات اضافية غدا ولحين انتهاء عمليات الاجلاء من القاعدة.

طوارئ فى أرقين وقسطل

مصدر يعمل فى معبر «قسطل» البرى بين مصر والسودان -رفض ذكر اسمه- قال: «إن المعبرين الحدوديين ارقين وقسطل على استعداد تام لاستقبال المصريين وقت وصولهم من السودان، مشيرا إلى أن الهلال الأحمر وصل يوم الثلاثاء وتم تجهيز المكان بالاجهزة والطعام والشراب، ويوجد حجر صحى بالميناء به إقامة كاملة، موضحا أن الميناءين استقبلا حتى الآن 1276 مواطنا مصريا جاءوا على متن عدد كبير من الاتوبيسات والميكروباصات والسيارات الملاكى».

حقوق العمال

من ناحية أخرى، استنجد عدد من العاملين المصريين فى السودان بالحكومة للحصول على مستحقاتهم المالية، حيث إنهم يعملون فى السودان منذ سنوات، وبعد اندلاع الحرب تهرب أصحاب العمل منهم وأصبحت مستحقاتهم المالية فى ذمة الله.

ولكن زكريا عبدالمطلب، المحامى بالنقض والخبير القانونى، أوضح أن هذه المشكلة لها حل، فقانون سنة 1997 بتاريخ 1-1- 1997، ينص على أن عقد العمل اتفاق شفهى أو كتابى صريح يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو إدارته مقابل أجر، ويكون عقد العمل لمدة محدودة أو غير محدودة أو لعمل معين أو غير معين.

وأضاف المحامى بالنقض أنّ طبقا للمادة (1) من قانون العمل السودانى رقم (61) يكون العامل الذى يقضى مدة لا تقل عن ثلاث سنوات فى الخدمة المستمرة، وينهى عقد عمله وفقًا لأحكام المادة 57 مستحقًا لمكافأة تحسب على الوجه الآتى (أ) اذا اكمل خمس سنوات فيستحق ربع المكافأة، ولهذا من حق العمالة المصرية المطالبة بكافة حقوقهم المالية.

ونوه المحامى بالنقض إلى ضرورة توافر ما يُثبت ارتباط العامل المصرى بجهة العمل بورقة رسمية، ومنها يستطيع المحامى الخاص به التحرك مع الجهات الرسمية المنوط بها التدخل للمطالبة بحقوقه، حتى وإن سافر المصرى للسودان بطريقة غير شرعية.