رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

شاهد.."المنوات" قرية تنتظر كارثة صحية محققة

بوابة الوفد الإلكترونية

"كنت راضي ببق ميه وأقول دي هانت"..صرخات لم تجد لها آذانًا صاغية، عبارات تغاضت عنها حكومة المهندس شريف إسماعيل، وكوابيس لم يفسرها أعضاء البرلمان، ودموع تتساقط بعلم المحليات، ودقات قلب ارتوى بمياه ممزوجة بالمجاري وتحجر من الخضراوات المُسرطنة، هنا طوفان المجاري، هنا قرية "المنوات" التابعة لمركز ومدينة أبو النمرس بمحافظة الجيزة.

لا يوجد حياة بدون مياه

قال الله تعالي"وجعلنا من الماء كل شي حي".. معاناة يعيشها الآلاف من المواطنين بالقرية، لم يتذوقوا طعم نهر النيل، يروون عطشهم بمياه مختلطة بمياه الصرف الصحي والرواسب الطينية، التى تفوح منها رائحة كريهة لا تُطاق، وتغير لونها من الشفاف إلى الداكن، ولم يعد الأهالى قادرين على استخدامها إلا فى الاستحمام، وعلى الرغم من قلة حيلتهم المادية يُجبَرون على شراء مياه نظيفة تجنبًا للأمراض مثل: "الفشل الكلوي وفيروس سي"، وفى بعض الحالات يصل إلى السرطان.

محاصيل ملوثة

 كل هذا ولم يكتفِ القدر فى قسوته على أهالى القرية التى تعتمد بشكل شبه كامل على الأراضى الرازعية التى لم تسلم أيضًا من الأذى، وما تنتجه من محاصيل يتناولونها، ويصدّرون الباقى لربوع المحروسة؛ إلا أنه بعد جفاف الترع من مياه الرى النظيفة وامتلائها بمياه المجاري، اضطر الفلاحون لرى أراضيهم الزراعية من مياه الصرف الصحى، عوضًا عن جفاف عدد كبير من الأراضى، وتلف المحاصيل.

صرف الموت  

تعاني القرية "المنوات" من عدم وجود شبكة الصرف الصحي بها، وأصبحت البالوعات المفتوحة والحفر كابوسًا يهدد الأهالى، ونتيجة لذلك لجأوا إلى حفر الآبار واستخدام الطرنشات؛ التي تهدد أساسات المنازل، فضلًا عن اختلاط المجاري بمياه الشرب لما نتج عنه انتشار "الناموس" و"الباعوض"، اللذين ينقلان الأمراض القاتلة كالالتهاب الكبدي الوبائي والفشل الكلوي، وغيرها من الأمراض الخبيثة.

سبوبة الكسح

فى أغلب المناطق يلجأ أغلب الشباب للعمل سائق "توك توك" نظرًا لارتفاع نسبة البطالة بين الشباب على مستوي الجمهورية، إلا أنه فى قرية المنوات يحلم الشباب بها للعمل على سيارات الكسح أو شرائها، رغم ما ينقلون من صرف صحي، وذلك لمكسبها الوفير، حيث يصل سعر النقلة الواحدة إلى 50 جنيهًا، ومتوسط استخدام المنازل لهذه السيارات مرة كل أسبوع بتكلفة 200 جنيه شهريًا من كل منزل فى القرية، وما عليهم سوى إلقاء مخلفات صرف طرنشات المنازل فى الأراضي الزراعية أو الترعة، فى ظل غياب الرقابة من المحليات، ومن يعترضهم يتعرض للضرب بأسلحة بيضاء، وفى حالات أخرى يستخدمون فرد خرطوش، أو سبّ المعترض، واستكمال باقى التفريغ فى أرض رزاعية أخرى.

الوحدة بتاخد رشاوى

تحاول "بوابة الوفد" عرض مشاكل وقصص بعض الحالات بقرية المنوات لنتعرف على مشاكلهم وأحلامهم البسيطة فى الحياة بعد ثورتين، عسى أن نكون لنا دور فى عرض هذه المشاكل على المسئولين.

كانت البداية مع "عبدالرحمن هشام" أحد الفلاحين، يقول إن الترعة لا يوجد بها قطرة مياه لرى الأرض الزراعية، نتيجة تفريغ سيارات الكسح حمولاتها بها، الأمر الذى جعلنا نروي بمياه الصرف الصحي، وهو ما جعل الأرض جافة ودمر العديد من المحاصيل، فضًلا عن الأمراض التى تصيب الأطفال بسبب الخضراوات الفاسدة.

 

قاطع الحديث "محمود الطهماوي" أحد الفلاحين أيضًا، بقوله "محدش بيبص لينا، ولا بيساعدنا، ولا بيعاملنا على إننا بنى آدمين ومن حقنا إننا نعيش زي باقي الناس"، وتابع قائلا: "الأرض تدهورت حالتها بسبب المجاري وتراجع إنتاجها، والمسئولين فى الوحدة كأنك مفيش لا حياة لمن تنادي".

بينما أشار إسلام نزار أحد الفلاحين، إلى أن الوحدة بالقرية بتتقاضى أموالا من أصحاب سيارات الكسح على كل نقلة أو باليوم، من أجل عدم مضايقتهم ومنعهم، مشيرًا إلى أن عضو البرلمان عن الدائرة لم يفعل شيئا منذ حصوله على كرسي المجلس، سوى توظيف بعض الشباب بالقرية أفراد أمن فى شركة قبل الانتخابات.

مش هنوقف عسكرى على كل ترعة

أكد المهندس وليد حقيقي- المتحدث الرسمي باسم وزارة الري، أن تفريغ حمولة سيارات الكسح بما تحمله من مياه  الصرف الصحي بالترع، ليست مسئولية الوزارة، ولكن يُعاقب عليها المخالفون من المحليات، لافتًا إلى أن الوزارة لن تقدر على تحمل عبء جديد ناتج عن أخطاء من المحليات.

وأضاف حقيقي، فى تصريحات خاصة لـ" الوفد"، أن هذه ممارسات قديمة ليست وليدة الساعة، ولكن ناتجه عن أخطاء من الوزارات السابقة، قائلًا: "دى ممارسات قديمة منذ سنوات تضر الأراضى الزراعية والمحاصيل، وإحنا مش هنقدر نوقف عسكرى على كل ترعة لتجنب إلقاء مياه الصرف الصحي بالترعة".

بوادر الكارثة

بينما قال الدكتور نادر نور

الدين- أستاذ الموارد المائية والأراضي بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن هناك تقاعسا كبيرا من الدولة، وبالتحديد من رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل، فى التعامل مع هذه المشكلة الخطيرة جدًا على البيئة والمواطنين والمحاصيل، لافتًا إلى أن مياه الصرف الصحي تحتوي على جميع أنواع الميكروبات، بداية من الفيروسات البكتيرية وفيروسات التيفود، كما تحتوي على الفلزات الثقيلة  التى لها تأثير ضار على النباتات وعلى جميع الثمار والمحاصيل الزراعية.

وأوضح نور الدين، فى تصريحات خاصة لـ" الوفد"، أن هذه النوعية من الفلزات المتواجدة فى الثمار لا تموت بسهولة أثناء الطهي، ولكن تحتاج طرق خاصة للتعامل معاها ودرجات حرارة معينة للتخلص من الأضرار، وتؤدي إلى الإصابة بالأمراض الخطيرة لأنها تبقى في الدم لفترات طويلة ولا يستطيع الجسم التخلص منها مثل: "السرطان، والفشل الكلوي والكبدي"، وقد تصيب مخ الإنسان.

وأشار أستاذ الموارد المائية والأراضي بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إلى أن أكثر الخضراوات الخطرة على جسم الإنسان هى التى لا تتعرض للغليان أثناء الطهي، منها الطماطم والجرجير والخس والبقدونس، بالإضافة إلى جميع أنواع الفاكهة، وذلك لأنها تؤكل طازجة.

وفى نفس السياق، أكد الدكتور محمد نصر الدين علام- وزير الرى والموارد المائية الأسبق، أن إلقاء حملات سيارات الكسح فى الترعة التى تستخدم للزراعة كارثة تتحملها حكومة المهندس شريف إسماعيل، وبذلك لأن المياه ملوثة بالبكتيريا التى تضر الإنسان والمحاصيل والأراضى والفلاح الذى يزرع.

وتابع نصر الدين، فى تصريحات خاصة لـ" الوفد"، أن الهدف من استخدام مياه الصرف لزراعة الأشجار وليس الأطعمة ولا حتى أعلاف المواشي والأغنام، والفلاح الذي يستخدم هذه المياه ويروي منها الأرض يتعرض للكثير من الأمراض عن طريق وقوفه بها وتعرضه لها.

وأضاف وزير الرى والموارد المائية الأسبق، ميزانية الري والصرف الصحي غير كافية وتحتاج إلى الدعم، من أجل تطوير المنظومة الري بشكل عام على مستوى جميع محافظات مصر، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات فى مجال الري، ورفع حالة الطوارئ.

وأوضح الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن مياه الصرف الصحي تحتاج إلى معالجة ثلاثية ورباعية وخماسية حتى تستخدم فى الزراعة، موضحًا أنه حتى بعد معالجة المحاصيل التى تزرع من الصرف الصحي تتعرض للتلف وتتعفن بشكل أسرع مقارنة بغيرها التى تزرع من المياه العذبة، ومرفوضة فى التصدير وتشويه سمعة مصر بالخارج.

وأكد صيام، على أن ظاهرة الزراعة باستخدام مياه الصرف الصحي، منتشرة فى جميع محافظات الجمهورية، وذلك بعد انخفاض مستوي المياه بمصر، وسوف تكلف الدولة أموال ضخمة لمحاولة إصلاح هذه الأراضى، مؤكدًا أن ما تمر به مصر فى الوقت الحالي بوادر الكارثة، وبداية من الشهر القادم العديد من الأراضى الزراعية ستصاب بالجفاف.

وحذر أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، من انتشار الري بالصرف، وذلك لأنها تصيب الأرض الزراعية وتتحول إلى أرض ملوثة، مما يؤدي إلى قلة المحصول تدريجيًا كل عام، وإعادة إصلاح الأرض الملوثة غاية في الصعوبة.

شاهد الفيديو كاملا