رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحيق مختوم

لم تكن سمعة الهند فى مجال التكنولوجيا الرقمية شيئا مذكوراً قبل عملية الاصلاح الاقتصادي 1991، أما الآن فهى ثانى قوة عالمية فى هذه الصناعة الحيوية التى تعد قاطرة التنمية من خلال خلق فرص عمل حقيقية و مستدامة تسهم فى زيادة الناتج المحلى والمتوقع أن يصل إلى 300-350 مليار دولار فى 2025.

قد يرجع البعض هذه القفزة النوعية إلى الرؤية العبقرية لحكومة نيو دلهى الرشيدة وخططها الذكية لبناء نظام تعليم عصرى وتوفير بيئة عمل مثالية تدعمها بنية تحتية متطورة ربما هذا التصور الأفلاطونى ينطبق على أيرلندا الجنوبية المنافس الطموح فى هذا المضمار ، لكن الهند تنتمى إلى دول العالم الثالث تعانى من التخلف والفساد والعشوائية مع انفجار سكانى كارثى يبلغ 1,435 مليار نسمة بما يعادل 17,76% من إجمالى سكان العالم، لتتنافس مع الصين على المركز الأول يعيش 70% منهم فى قرى معدمة تعج بالعمالة اليدوية التى تقاسى صعوبات وتحديات يومية، بالمناسبة الهند أكبر منتج للطاقة الكهربائية فى العالم ومع ذلك تعيش بومباى فى ظلام دامس ليس لمدة ساعتين وإنما لأيام. بالإضافة إلى التقسيم الطبقي الذى يضع حدود صارمة تستند لعرق الأسرة ونسبها ونمط حياتها ،لكن ثمة شق إيجابى لهذه الآفة وهو استثمار الطبقة البرجوازية فى تعليم أبنائهم للمستقبل مما جعل قطاع التكنولوجيا يمثل 45% من صادرات الخدمات متفوقاً على القطاعات التقليدية كالمنسوجات والأحجار الكريمة.

لقد أصبح هو السبيل الأمثل للقضاء علي البطالة فهناك 4 ملايين محترف بشكل مباشر و12 مليون بشكل غير مباشر فى قطاعات الضيافة والنقل وبيع بالتجزئة بالإضافة إلى تصدير الكفاءات الماهرة الرخيصة 6% من العاملة المتميزة بوادى السيليكون من الهنود لذا يستحوذون بسهولة على معظم المناصب الرفيعة فالرؤساء التنفيذيين الهنود يديرون 44 شركة عملاقة مثل جوجل وتويتر ومايكروسوفت.. إلخ، بقيمة سوقية إجمالية تبلغ 5,5 تريليون دولار.

لا توجد دولة فى العالم تدرب مواطنيها بطريقة أشبه بالمصارعة كما تفعل الهند وهنا أقتبس قول الخبير الهندى الأشهر سى كيه براهالاد « ينشأ الاشخاص فى الهند ليكونوا مديرين بشكل طبيعى بدءاً من معاناتهم الاولى للحصول على شهادة الميلاد الى استخراج شهادة الوفاة وبيروقراطية قبولهم فى المدارس الى حصولهم على الوظائف ناهيك عن معاناتهم مع البنية التحتية المتردية إلى القدرات غير الكافية» بعبارة أخرى تجعلهم المنافسة والفوضى قادرين على التكيف مع المشكلات التى تعترضهم مضيفا انهم غالبا ما يمنحون الاولوية للأمور المهنية أكثر من التفاصيل الشخصية.

هذه التجربة الملهمة مثال يحتذى به لكل الشعوب الفقيرة التى تبحث عن مكان تحت الشمس، فهل مازلنا لا نعرف لماذا نجحت الهند و فشلت مصر؟

أعتقد بسبب تجذر مساوئ الثقافة الفرعونية المملوكية البالية فى السلوك الجمعى فهى تمجد التفاخر الكاذب الذى يرسّخ الطبقية المقيتة وليس أدل على ذلك سوى انتشار هذا المثل العنصرى بين العوام «أنت فاكرنى هندى» والذى لا يوجد تأصيل موثوق به من أين أتى؟

أظن بكل أمانة لن يصل شبابنا إلى هذه المكانة العلمية و المهنية المرموقة إلا بثورة ثقافية تكسبهم مهارات وقيم الجادة وهذا لا يتأتى إلا بالتواضع والدأب والمثابرة أو كما قال روزفلت «المستقبل ملك لأولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم».