رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بسبب تلاعب التجار فى سعر التوريد

موسم حصاد القمح.. فرحة لم تكتمل

بوابة الوفد الإلكترونية

اسمه «قمح» لكنه «ذهب أصفر».. موسم حصاده عيد عند الفلاحين، أما عند الحكومة، فهو موسم جمع وضرب وقسمة وحسابات الاكتفاء الذاتى، وفاتورة الاستيراد، وعند خبراء البحوث الزراعية هو موسم إعلان نجاح الوصول بإنتاجية الفدان إلى 30 إردبًا.

كل المؤشرات تقول إن موسم حصاد هذا العام أفضل من سابقه، وأن الحكومة ستجمع كميات من القمح المحلى أكبر من كل عام سابق، ولكن الفرحة دومًا لا تكتمل فى مصر، فوسط كل المؤشرات الإيجابية، ووسط فرحة الفلاحين بسعر التوريد الحكومى ظهر تجار الحبوب الذين يتلاعبون بالأسواق ويجمعون القمح من الفلاحين بأقل من سعر التوريد الرسمى، فالحكومة حددت سعر توريد إردب القمح بـ 2000 جنيه، ولكن تجار الحبوب يشترونه من الفلاحين بأسعار تبدأ من 1700 جنيه ولا تتجاوز 1900 جنيه.

الملف التالى يرسم صورة كاملة لموسم حصاد القمح، وهى صورة تجمع الفرحة الممزوجة باستغلال تجار الحبوب، والمتداخل معها حلم تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، وفاتورة استيراد مصر للقمح من الخارج.

 

15 صنفاً.. وإنتاجية الفدان 30 إردبًا

بوابة الوفد الإلكترونية
الدكتور أحمد فوزى القط- أستاذ مساعد بقسم بحوث القمح

القمح فى مصر ليس مجرد محصول استراتيجى فقط، ولكنه منظومة عمل ضخمة يشارك فيها مراكز البحوث، وخبراء وزارة الزراعة، والفلاحون، ومسئولو صوامع تخزين القمح.

فى المقابل تواجه زراعة القمح فى مصر مجموعة من التحديات والعوامل البيئية والمناخية، مما يجعل تطوير سلالات القمح ضرورة حتمية للتكيف مع المناخ، وبدورها تسعى المعاهد البحثية بالمركز القومى للبحوث الزراعية لاستنباط سلالات جديدة للقمح أكثر إنتاجًا وتحملًا للمتغيرات البيئية. 

وقال الدكتور أحمد فوزى القط- أستاذ مساعد بقسم بحوث القمح، معهد بحوث المحاصيل الحقلية، بمركز البحوث الزراعية، إن المركز مسئول عن إنتاج تقاوى محصول القمح، وخلال السنوات الأخير وتماشيا مع التوسعات الكبيرة فى المشروعات الزراعية بالأراضى الصحراوية الجديدة، تم إنتاج أصناف جديدة لديها «مرونة» فى تحمل التغيرات المناخية ودرجة الحرارة ونسب ملوحة التربة والجفاف. 

وأضاف: وزارة الزراعة توفر كل أصناف التقاوى المسموح بتداولها فى جميع محافظات مصر، وحاليًا يتم تداول أكثر من 15 صنفًا للقمح، ومن سنة لأخرى يتم إلغاء بعض الأصناف وتسجيل أصناف جديدة، وعلى سبيل الحصر لدينا هذا العام أصناف القمح: «مصر 3، جيزة 171، ســخــا 95 و96، بنى سويف 5 و7 و8، سدس 14 و15، وخلال العام المقبل سيتم إضافة صنفين جديدين وهما: مصر 4 والصنف المبكر سخا 96 والأخير يناسب الزراعة المتأخرة. 

وأوضح أنه كل عام تتم إضافة ما بين صنفين إلى ثلاثة أصناف جُديدة من سلالات القمح، وتم بالفعل عمل برامج وتجارب على أصناف من القمح أكثر تحملا للملوحة، ولدينا الآن سلالات جديدة تسمى «مرنة مناخيًا»، ومنها: مصر 4، وهو صنف سيكون متواجدًا فى حقول المزارعين الموسم المقبل، وجارى العمل على خمس سلالات وصلت إلى مرحلة التقييم الآن ومن ثم يتم تسجيلها، وهى أصناف جديدة تتحمل التغيرات المناخية، ويمكن زراعتها فى الظروف المناخية المختلفة من أسوان إلى الإسكندرية، وهى أصناف عالية الإنتاجية. 

وأضاف «القط» أن الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح، تنفذ بالتعاون مع صندوق دعم الأبحاث الزراعية وأكاديمية البحث العلمى، وتم تمويل 7 آلاف حقل إرشادى، بالإضافة إلى دعم مشروع ترشيد استهلاك مياه الرى وتنفيذ مشروع التغيرات المناخية، بالتعاون مع منظمات دولية، مؤكدًا أنه تم تطبيق جميع الممارسات الزراعية للقمح بمجمل 23 ألف حقل إرشادى على مستوى الجمهورية خلال الموسم الحالى.

وكشف عن أن مزارعى جنوب سيناء، حققوا 22 إردبًا للفدان خلال هذا الموسم، بفضل تطوير السلالات وتحديث أساليب الزراعة التى تتماشى مع الطبيعة البيئية والمناخية لسيناء، ووصلت الإنتاجية فى أراضى الدلتا إلى 30 أردبًا للفدان.. وقال: «كل المؤشرات تؤكد أن إنتاجية القمح فى مصر هذا العام جيدة فى جميع المحافظات». 

وأشار إلى أن باحثى المركز القومى للبحوث بالتعاون مع جهاز الإرشاد الزراعى، دشنوا ندوات توعوية عديدة خلال الموسم الزراعى الحالى لتوعية المزارعين بكيفية تقليل الفاقد من القمح وكيفية الدرس والتعبئة والنقل للشون والصوامع، وحثهم على توريد القمح للجهات الحكومية المسؤولة من أجل تقليل فاتورة الاستيراد. 

وتعليقًا على تحديات زراعة القمح فى مصر، قال «القط»: «إن الإمكانيات المادية والبشرية والتكنولوجية تعُوق أى معهد بحثى فى مصر، بالأخص تطوير برامج التربية الذى يتطلب ميكنة قوية، فنحن بحاجة إلى دعم كبير لقطاع الميكنة الزراعية، وتذويد المعاهد البحثية بأحدث الأجهزة العلمية، التى تتماشى مع الفكر العالمى لبرامج التربية البحثية السريعة، كما تحتاج المعاهد البحثية الزراعية إلى صوب زراعية عالية بإمكانيات ضخمة تعمل أوتوماتك، مع الانفتاح على تعاون أكبر مع مؤسسات دولية وجامعات عالمية مميزة فى إنتاجية القمح».

المصريون يستهلكون 2% من القمح العالمى

بوابة الوفد الإلكترونية
النائب طارق سعيد حسانين، عضو مجلس النواب

قفزت واردات مصر من القمح خلال العام الماضى إلى 10 ملايين طن بنسبة نمو 30% مقارنة بعام 2022، وأغلب المستورد من القمح الروسى بنسبة 67%، مقارنة بـ55.1% خلال العام 2022.

ورغم المشروعات الجديدة، وتسعى الدولة جاهدة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، من خلال التوسع فى زراعة مساحات جديدة ضمن المشروعات القومية الزراعية. 

وتراجعت قيمة الواردات المصرية من القمح خلال يناير 2024، بنسبــة 41.8% لتسجل نحو 251.6 مليون دولار، مقابل 432 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2022، بانخفاض بقيمة 180.5 مليون دولار، وفقًا لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وتُعد مصر أحد أكبر مستوردى القمح فى العالم، كما أن مشترياتها تُتابع عن كثب كمرجع عالمى، وهى تشترى عادة من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنويًا للقطاعين الحكومى والخاص.

كما تأتى مصر فى قائمة أكثر الدول استهلاكًا للقمح فى موسم 2023/2024 بما يزيد على 20 مليون طن، وهو ما يمثل 2.6% من الاستهلاك العالمى، بحسب تقرير أكتوبر الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية.

ويقول النائب طارق سعيد حسانين، عضو مجلس النواب، ورئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن مصر تستورد قمحاً «أحمر» من روسيا وأوكرانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، بكميات تصل إلى 6 ملايين طن لاستكمال منظومة رغيف الخبز بوزارة التموين، فضلًا عن استيراد القمح الأبيض والبنى لاستكمال منظومة الخبز السياحى والشامى والفينو والمكرونة نحو 6 ملايين طن من نفس الدول. 

وأوضح رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، أن هناك مواصفات واشتراطات للقمح المستورد ومعايير جودة عالمية محددة، مثل: وزن حبة القمح وحجمها، وضرورى أن يكون البروتين أقل من 11.5٪ غير ذلك لا يدخل مصر، ونسبة الرطوبة تكون 13.5 ودرجة النظافة لا تقل عن 95%. 

وأشار إلى أن إنتاج مصر من الأقماح 7 ملايين طن، يخصص 4 أطنان منهم لوزارة التموين، و3 ملايين طن يطحنها الفلاحون فى بيوتهم.. وقال: الإنتاج المحلى يكفى الاستهلاك لمدة 6 أشهر، ونستورد 12 طنًا لـ6 أشهر أخرى. 

وأشار «حسانين» إلى أن إنتاج المشروعات الجديدة خلال موسم حصاد القمح الحالى سيحد من الكميات المستوردة، مضيفًا أن إنتاج مشروعات توشكى وشرق العوينات والوداى الجديد سيحدث فارقًا فى حجم الإنتاج هذا العام، وقال: «حتى الآن هناك نصف مليون طن زيادة فى كميات التوريد مقارنة بمعدلات التوريد العام الماضى». 

وأشار «حسانين» إلى أن زيادة نسبة استيراد القمح الروسى خلال 2023 بنحو 67% مقارنة بـ55.1% خلال العام 2022، قائلًا: إن الزيادة جاءت على حساب عدم الاستيراد من دول أخرى مقارنة بالأعوام السابقة، والقمح الروسى مواصفاته ملائمة للمستهلك المصرى، بالإضافة إلى قرب المسافة. 

وأكد أن التعاقد على استيراد الأقماح من الخارج يسير وفق البورصة العالمية، والآن سعر القمح العالمى 250 دولارًا للإردب، والعلاقات الدبلوماسية تكون فى التعاقد بالأجل لكن الأسعار تكون وفق بورصة الأقماح فى السوق العالمية. 

وقال: «الأقماح المستوردة تخضع لـ فحوصات جودة فى وزارة الزراعة وهيئة سلامة الغداء والصادرات والواردات، وفى حال وجود شحن غير مطابق للمواصفات يتم إعادتها لبلاده على الفور، وحدث ذلك كثيرًا».

 

حملة قومية لزيادة الإنتاج

بوابة الوفد الإلكترونية
الدكتور إبراهيم عبدالهادى، رئيس قسم بحوث القمح 

القمح ليس محصولًا عاديًا، ولهذا انطلقت حملة قومية فى نوفمبر 2022 الماضى، برئاسة محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية، لتحقيق أهداف محددة وهى العمل على زيادة إنتاج القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه فى ظل الصراعات الدولية والإقليمية الحالية، والتى نتج عنها خفض واردات القمح لدول الشرق الأوسط عمومًا. 

وكشف الدكتور إبراهيم عبدالهادى، رئيس قسم بحوث القمح بمركز البحوث الزراعية، عن أهم النتائج التى توصلت لها الحملة على مدار عامين، قائلًا: إن الحملة القومية للقمح شملت جميع محافظات الجمهورية وتمول أكثر من 19 ألف حقل إرشادى، وحققت نتائج مبشرة خلال هذا الموسم، مقارنة بإنتاجية الفدان خلال العام الماضى. 

وأضاف أن الإنتاج أفضل من العام الماضى، وجارى التوريد الفورى إلى السلع التموينية، مؤكدًا أن الفلاحين وردوا أكثر من 1٫6 مليون طن قمح حتى يوم الأحد الماضى، والسلع التموينية تستهدف 3.5 مليون طن قمح، والحصاد مستمر إلى نهاية مايو.

وأشار إلى أن إنتاجية الحقول الإرشادية فى محصول القمح تتراوح ما بين 20 و28 إردبًا للفدان، وهناك حقول نموذجية لبعض المزارعين وصلت إنتاجيتها إلى 30 إردبًا للفدان، خاصة فى مصر الوسطى، والتى تشمل محافظات: المنيا وبنى سويف وأسيوط وسوهاج، لخصوبة التربة وملائمة الظروف المناخية والبيئية، وعلى نحوهم الدقهلية والبحيرة.

 

الاكتفاء الذاتى ممكن.. ولكن بشروط

بوابة الوفد الإلكترونية
الدكتور على إسماعيل، أستاذ إدارة الأراضى والمياه وعضو لجنة تحديث الرى بوزارة الزراعة

تعمل الدولة على قدم وساق منذ أربع سنوات لزيادة مساحات رقعة الأراضى الزراعية، خاصة المزروعة بالقمح، وأحيت عددًا من المشروعات القومية المتوقفة، مثل: مشروع توشكى وشرق العوينات، والتى كانت تضم 85 ألف فدان استصلاح فقط، وصلت الآن إلى 450 ألف فدان.

وأضافت الدولة مشروعات جديدة بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الإستراتيجية وعلى رأسها القمح، منها مشروع مستقبل مصر ومشروع الوادى الجديد ومشروع تنمية شمال سيناء ومشروع غرب المنيا وهذه المشروعات أضافت مساحات تجاوزت المليون ونصف المليون فدان. 

وقال الدكتور على إسماعيل، أستاذ إدارة الأراضى والمياه وعضو لجنة تحديث الرى بوزارة الزراعة، إن المشروعات الجديدة وفرت ما لا يقل عن مليون طن قمح هذا العام، بخلاف ما سسينتجه مشروع المليون ونصف المليون فدان. 

وأوضح الدكتور على إسماعيل، أن مشروع المليون ونصف المليون فدان، هو مشروع شباب الخرجين ومشروع الريف المصرى الحديث.

وقال الدولة كان لديها مشروعات متوقفة منذ ثورة يناير، منها: توشكى وكان المزروع فيه 85 ألف فدان فقط، وصلت الآن إلى 450 ألف فدان خلال أربع سنوات فقط، وكان مشروع شرق العوينات يضم 85 ألف فدان ووصلت حاليًا إلى 230 ألف فدان. 

وأضاف: لدنيا مشروعات جديدة، منها: مشروع مستقبل مصر بمساحات 650 ألف فدان فدان الآن، بالإضافة إلى استصلاح نصف مليون فدان فى الوادى الجديد، منها، ومشروع تنمية شمال سيناء بمساحات 95 ألف فدان حتى الآن، إلى جانب زراعة 300 ألف فدان فى مشروع غرب المنيا.

وأوضح «إسماعيل» أن المساحات المزروعة الجديدة تنتج أكثر من مليون طن قمح والأراضى الجديدة أنقذت مصر من أزمة كبيرة فى ظل الحرب الروسية الأوكرانية، والأحداث الأخيرة فى الشرق الوسط، لأن أن تعتمد بشكل كبير على أراضينا وإنتاجنا المحلى.

وأوضح أن مصر تُنتج 9.5 مليون طن قمح بالمساحات الجديدة، وتحقيق الاكتفاء الذاتى يلزمه زراعة 5 ملايين فدان إضافية من القمح إلى جانب المساحات المزروعة، لإنتاج 13 مليون طن قمح، وعندها سنحقق اكتفاء ذاتى من قمح الخبز على الأقل، وفى حال خلط القمح بالدرة بنسبة 15% سنحقق اكتفاء ذاتى من القمح بنسبة 100%. 

وحول ما يتردد عن بيع إنتاج بعض مشروعات القمح فى مصر للإمارات، وأن الإمارات تزرع أراضى مصر بالقمح، ثم تبيعها لمصر عبر الأسواق العالمية، قال الدكتور على إسماعيل: كل ما يتردد فى هذا الشأن مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، فمصر لا تصدر القمح لأحد، معلومات الناس مغلوطة»، موضحًا أن شركة الزهرة «الإماراتية» الموجودة فى جنوب الوادى تزرع 21 ألف فدان، نصف هذه المساحة تزرعها قمحًا والنصف الأخر برسيمًا، وإجمالى إنتاجها من القمح لا يتعدى 30 ألف طن، يعنى لا شىء يذكر. 

وأشار إلى أن مصر تستورد القمح الروسى وفق اتفاقيات، ومتاح لدينا الاستيراد من أى دولة فى العالم، لكن علاقتنا جيدة مع روسيا، وهناك تعاون دبلوماسى مصرى روسى على أعلى مستوى فى مختلف المجالات، وهو ما يتيح لنا استيراد أى كميات نحتاج إليها، بالإضافة إلى أن الأسعار مناسبة ومواصفات القمح الروسى متطابقة مع القمح المصرى إلى حد ما، والقمح غير متاح فى العالم ولكن مصر لها معاملة خاصة، حتى أن روسيا استثنت مصر من أزمة إمدادات الحبوب، إلى جانب أن اوكرانيا خرجت من سوق القمح العالمى بنسبة كبيرة، وكازخستان والهند واستراليا تعانى من الجفاف فى مناطق كثيرة بسبب تغيرات المناخ الذى أثرعلى إنتاج القمح عالميًا.

وأكد «إسماعيل» أن مصر تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتى من قمح الخبز عبر استكمال المشروعات الجديدة، وإضافة من 4.5 إلى 5 ملايين فدان إلى المساحات المزروعة خلال خمس سنوات، عبر خطوات محددة، أهمها: استكمال مشروعات الاستصلاح الأراضى الجديدة، الوصول بمساحة المستصلحة الفعلية إلى 12 مليون فدان، مع استكمال منظومة إنشاء صوامع التخزين، والعمل على تطوير تقاوى المحاصيل، خاصة القمح بحيث نرفع متوسط إنتاجية الفدان عبر تفعيل دور المراكز البحثية، وتحسين الأصناف الحالية وإنتاج أصناف جديدة عالية الإنتاجية تتلائم مع الظروف البيئية، وتطوير المعاملات الزراعية من الرى والتسميد والخدمة. 

ودعا «إسماعيل» إلى ضرورة تغيير سلوك المواطن بالنسبة لاستهلاكه العام من القمح، مؤكدًا أن المواطن المصرى صاحب أعلى معدل استهلاك للقمح فى العالم، فالمعدل العالمى لاستهلاك الفرد من القمح 120 كيلو فى العام، وهناك دول استهلاك الفرد أقل بكثير، منها فرنسا فالفرنسى يستهلك 80 كيلو فقط، لكن المصرى يستهلك 260 كيلو قمحًا فى السنة، وتغيير السلوكيات أو النمط الغذائى وتحسين الاستهلاك يحتاج إلى إعلام وتوعية ودعاية من الأجهزة الحكومية المختلفة.

 

سماسرة الحبوب يتلاعبون بالأسعار الرسمية

بوابة الوفد الإلكترونية
حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين و الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى

يعيش مزارعو مصر أجواء من الفرحة والبهجة منذ منتصف شهر أبريل، وهو بدء موسم حصاد الذهب الأصفر (القمح).. فرغم التعب فى الحقول إلا أن الإنتاج الوفير من هذا المحصول الإستراتيجى، وسعر توريد القمح، جعل الرضا يرتسم على وجوه الفلاحين.

رصدت الوفد أجواء موسم حصاد القمح بين الفلاحين فى إحدى قرى جنوب محافظة الجيزة، فكانت علامات رضا تكسو وجوه المزارعين بعد إعلان الحكومة تحديد سعر توريد القمح الجديد بــ2000 جنيه للإردب، ولكن ممارسات تجار القمح تسرق فرحة الفلاحين، خاصة أن هؤلاء التجار لا يعترفون بالأسعار الرسمية المعلنة من قبل الحكومة.

وكشف مزارعون عن أن بعض موظفى التعاونيات الزراعية يشترون القمح من الفلاحين بأقل من سعر التوريد الحكومى بـ200 جنيه.. وقال أحد المزارعين: «نضطر إلى البيع لتجار الحبوب، لأن شون الحكومة بعيدة عن القرى وتكاليف النقل غالية، ولهذا نقول الخسارة القريبة ولا المكسب البعيد». 

وحكى مزارع آخر حكايته مع موظفى التعاونيات الزراعية، قائلًا إنه تواصل مع موظف الجمعية الزراعية بالقرية، والذى يشترى القمح من مزارعى القرية كل موسم بالسعر الذى يحدده، وحجته أن القمح به شوائب طينية، ولهذا لا يشترى إردب القمح إلا بسعر 1750 و1800 و1900 جنيه، على حسب درجة نقاوة القمح، كما يضيف خمسة كيلو قمح زيادة فوق كل إردب!

من جانبه، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن سعر التوريد الذى حددته الحكومة (2000 جنيه لإردب القمح) عادل وعالى مقارنة بسعر القمح العالمى، موضحًا أن شون الحكومة تشترى القمح من الفلاحين بأسعار تتراوح بين 1900 و2000 جنيه حسب درجة النقاوة، مؤكدًا أن سعر القمح المصرى أعلى من السعر العالمى، ويزيد طن القمح المصرى ثلاثة آلاف جنيه عن القمح الروسى، فطن القمح الروسى تستورده الحكومة المصرية بـ10 آلاف جنيه، وطن القمح المصرى وصل حاليًا إلى 13 ألف جنيه، وهذا يرجع لجودة القمح المصرى وسمعته العالمية. 

وأكد «أبوصدام»، أن الحكومة رفعت سعر التوريد خلال هذا الموسم منعًا لـ التلاعب فى السوق الحر لتجار الحبوب، إلى جانب أنها تدعم المستلزمات الزراعية والأسمدة والتقاوى للفلاحين.

وأكد أن الحكومة لا تصدر حبة قمح واحدة، وكل ما يُقال عن تصدير القمح المصرى وجلب قمح مستورد بدلًا منه، حديث عار من الصحة تمامًا، والقمح يعود إلى المواطن فى صورة رغيف خبز مدعم فالدولة والمواطن فى دائرة واحدة، لافتًا أن 80% من الحيازات الزراعية أقل من فدان والمزايدة مع التُجار سوف تضر الموطن فى المستقبل فى سعر رغيف الخبز. 

وأوضح نقيب الفلاحين تكاليف زراعة فدان قائلاً: يحتاج الفدان إلى ثلاثة آلاف جنيه تجهيزات أولية وتقاوى، ويلزمه أيضًا سماد بلدى ويوريا بـ أربعة آلاف جنيه، وتكاليف الرى تزيد على ألف جنيه، وتكاليف الحصاد والدرس تبلغ أربعة آلاف جنيه أخرى، إضافة إلى ثلاثة آلاف جنيه للرش وخدمات الزراعة، وبالتالى فإن تكلفة زراعة فدان القمح تبلغ 15 ألف جنيه، وإذا كانت الأرض بالإيجار فإن التكلفة يضاف إليها 10 ألاف جنيه إيجار الفدان خلال فترة زراعة القمح، فتصبح تكلفة وإيجار فدان القمح 25 ألف جنيه».

وأضاف «أبوصدام» أن فدان القمح ينتج فى المتوسط 20 إردب قمح، والإردب 150 كيلو قمح، وبالتالى فإن متوسط إنتاج الفدان من القمح يصل إلى حوالى 40 ألف جنيه، بخلاف 5 آلاف مقابل «التبن» الناتج من قش القمح، فيكون إيراد كل فدان 45 ألف جنيه، وتكليف زراعته 25 ألفًا، وبالتالى يكون صافى ربح كل فدان 20 ألف جنيه، وهذا يؤكد أن سعر التوريد عادل وفى مصلحة المزارع المصرى.

وأكد أن الحكومة تورد 3.5 مليون طن قمح من المزارعين فقط، من حوالى 10 ملايين طن قمح، الباقى يذهب إلى التجار والفلاحين تخزن القمح للاستهلاك المنزلى. 

وقال الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن الدولة أعلنت فى نوفمبر 2023 أول موسم زراعة القمح سعر استرشادى 1600 جنيه لطن القمح، ومع بدأ موسم الحصاد رفعت سعر التوريد إلى 2000 جنيه، ما أحدث مشكلة لدى المزارع، بالإضافة إلى أن التُجار والوسطاء يُصرون على التوريد بالسعر الإرشادى لأن تكلفة نقل القمح وتشوينه تستهلك 25% من مكسب الفلاح، فيضطر إلى بيع القمح إلى التُجار والوسطاء بسعر أقل من سعر التوريد الحكومى، مؤكدًا ضرورة أن يكون سعر التوريد محدد قبل بدأ الموسم حتى يطمئن المزارعون ونشجعهم على زراعة مساحات أكبر، مع إتاحة التوريد للمزارعين داخل القرى لإنقاذهم من استغلال التجار الذين يشترون منهم القمح باسعار أقل بكثير من سعر التوريد الحكومى.

ودعا الحكومة إلى تكليف الجمعيات التعاونية فى القرى بعملية توريد القمح مباشرة بعيد عن التجار، موضحًا أن دور الجمعيات التعاونية معدوم ولا تقوم إلا بتوزيع الأسمدة على الفلاحين منذ عام 1986 تقريبًا، وتأخذ عمولة على توزيع الأسمدة 10 جنيهات على كل شيكارة، لافتًا إلى أن مصر تزرع 9 ملايين فدان قمح، الفدان يحتاج إلى ثلاثة «شكاير» أسمدة فيكون الإجمالى 27 مليون شكارة سماد، بمعنى أن الجمعيات التعاونية تًحصل 270 مليون جنيه عمولة فوق سعر الدعم الحكومى للأسمدة، و«تلك المبالغ الطائلة تدخل جيوب «مافيا» جمعيات التعاون الزراعة، فضلًا عن أن تقاوى المحاصيل يشتريها المزارعون من محطات البحوث الزراعية».

وأكد «صيام» أن التُجار تورد القمح بعد شرائه من الفلاحين إلى مصانع الأعلاف، ويحدث خلط القمح بمكونات تصنيع الأعلاف، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التى وصلت إلى 35 ألف جنيه للطن فى وقت سابق. 

وأضاف أن مركز البحوث يضم 16 معهدًا بحثيًا متخصصًا فى مختلف المحاصيل الزراعية والإنتاج الحيوانى وميزانيته لا تتعدى 300 مليون جنيه، ويجب تخصيص 1% من الإنتاج الزراعى لمراكز البحوث الزراعية، مع عودة مهندسى الإرشاد الزراعى لجمعيات التعاون الزراعى فى القرى، التى يديرها حاليًا الحاصلون على دبلومات المدارس الثانوية الزراعية، ففى الثمانينات كان لدينا 15 ألف مرشد زراعى، الآن لا يوجد سوى 900 مرشد على مستوى الجمهورية ويحالون على المعاش واحدًا تلو الآخر وبعضهم لا يحمل شهادة بكالوريوس زراعة من الأساس، بسبب وقف تعيينات خريجى الإرشاد الزراعى منذ عام 1986.