رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

لم تكن أمسية كمثلها من الأمسيات. كثير مما جرى فيها كان مختلفًا، من ابتسامة المبدع د. فهمى عبدالسلام إلى سلاسة القاص سمير فوزى، إلى التجلي–المعتاد- من الناقد والكاتب الدكتور يسرى عبدالله.

حضور نوعى هذه الليلة شهده «منتدى المستقبل»، وهو علامة من العلامات الثقافية المضيئة فى ليل القاهرة الساحرة، وما يستحق التوقف عنده أولًا هو إنجاز الدكتور يسرى الذى يقدمه كل شهر، عبر قراءة وتفكيك أربعة كتب (ما بين الابداع القصصى والروائى) اثنين منها يقدمان فى منتدى المستقبل والآخرين فى «منتدى أوراق» المؤسس حديثًا بجريدة الدستور.. فضلًا عن محاضراته الأسبوعية بالجامعتين البريطانية وحلوان.. جهد أظنكم تخيلتموه من دون استطراد أو زيادة فى البيان.

«دولاب مريم» أحدث روايات الدكتور فهمى عبدالسلام، وضعت على طاولة المنتدى، مؤلفها فى تقديرى أحد أهم كتابنا الآن، وتلك أولى رواياته (كتبت على مدى الفترة من ٢٠١٨، حتى صدرت فى العام ٢٠٢٤ عن دار الأدهم )، وتناولها بالقراءة المبدع سمير فوزى والدكتور يسرى عبدالله.

خبأ فهمى عبدالسلام مصر كلها فى «دولاب مريم»، ثم راح يخرجها من الدولاب على مهل، وبأسلوبه الذى تغلب عليه السخرية والجرأة.. فهذه سامية عبدالفتاح الزوجة النارية الجبارة التى تلمس رجلًا فى مرقص فيشتعل عقلها فى إصرار على أن هذا الرجل ستتزوجه، مع أن لديها رجلًا آخر تحبه وتعشقه، حتى أنها ذات وشاية بها، تخبئه فى دولاب ابنتها، لكى لا يفتضح زوجها أمرهما!

الذين خرجوا من الدولاب يمثلون شخصيات مصرية متنوعة، من الكاتب «نصف لبَّه» سالم الحوفى، الذى تلاعبت به بطلة الرواية سامية عبدالفتاح، ولما لفظته وشى بها إلى زوجها، وهو رجل مباحث، ونعرف انه كاتب لا قيمة له، عندما يلقنه ناقد كبير معروف فى تلك الأيام (الستينيات جزء من زمن الرواية بكل ما فيها من عظمة وانحدار معًا) درسًا فى أصول الكتابة، وهناك فى الدولاب اختبأ- مجازًا طبعًا- أيضًا محامون وسينمائيون ويساريون وشيوعيون وناصريون وضباط شرطة وبوابون، وحتى عم فليفل النادل الشهير فى مقهى ريش الشهير.. كل هؤلاء وغيرهم -حتى البارات والفنادق والشوارع كما رصدت المبدعة إنچى همام!- كانوا مختبئين فى دولاب مصر، ثم أخرجهم تباعًا كحاوى يتلاعب بهم، تلاعب الحواة بالبيضة والحجر فهمى عبدالسلام، لينسج لنا منهم رواية مهمة، يمكن أن اقول باطمئنان أنها تميزت بجرأة وسخرية معروفة عن الدكتور فهمى، منذ أن عرفته الحياة الثقافة فى الثمانينات، كاتبًا قديرًا، ومن أوفى أصدقاء أمل دنقل، حيث لازمه فى المستشفى، فترة إصابته بالسرطان الذى افجعنا فيه فى نهاية المطاف، واثمر ديوان الجنوبى لـ«أمل» و«مذكرات الغرفة ٨» لفهمى.

المناقشات كانت ساخنة جدًا، فسمير فوزى تحدث عن النسق المحفوظى الذى سار عليه المؤلف، كما تساءل ولفت الانظار إلى «مريم» ابنة الزوجة اللعوب بطلة القصة والتى سميت الرواية على اسمها ولكنها لم تظهر أبدًا فى الأحداث، ودار نقاش ساخن بين الكاتب سمير خضر والمبدع سمير فوزى، وغيرها، ثم كان مسك الختام مع يسرى عبدالله، الذى فكك «دولاب مريم» وحدثنا عن الذين خرجوا منه والذين اختبأوا فيه، ولا يزالون!