رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كثيرا ما أتساءل عن ضرورة قيام الحروب بين البشر بينما خلق الله متسعا فى الطبيعة ليتعايش البشر مع بعضهم البعض فى وئام وسلام؟! وعادة ما تفاجئنى الأحداث الواقعية والنظريات الفلسفية التى تبرر ضرورة وجود الحروب بين البشر، فثنائية الحرب والسلام تلى فى الأهمية ثنائية الخير والشر فى ترتيب ما يمكن أن نطلق عليه الأضداد العشرة وهى من الأفكار المحورية فى فلسفة فيثاغورس؛ الفيلسوف وعالم الرياضيات اليونانى الشهير فى القرن السادس قبل الميلاد، والطريف أن مواطنه هيراقليطس كان من أوائل الذين فلسفوا الحرب وجعلوها الجانب الأهم فى حياة البشر؛ انظر اليه وهو يقول فى واحدة من أشهر شذراته الفلسفية «الحرب أب للجميع، ملك على الجميع، فهى التى تجعل من البعض آلهة ومن البعض بشرا وهى تجعل من البعض أحرارا ومن البعض عبيدا « والمعروف أن اليونانيين كانوا يؤلهون أبطال الحروب ويعبدونهم، فضلا عن أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم هم الأحرار وينظرون إلى غيرهم من الأمم على أنهم الأضعف والأحقر وأنهم لا يصلحون الا للرق والعبودية! ولذلك فلا عجب أن وجدنا أرسطو فيلسوف اليونان الأكبر والأهم فى القرن الرابع قبل الميلاد يبيح الحرب فى فلسفته السياسية فى حالة واحدة فقط وهى نقص العبيد فى دولته المثالية ؛ إذ إنه كان يعتبر أن الرقيق أحد العناصر الثلاثة الرئيسية فى تكوين الأسرة إلى جانب الرجل والمرأة! 
وربما تكون هذه الرؤية لفلاسفة اليونان الأوائل عن الحرب وضروراتها وراء تلك النزعة العدوانية التسلطية للحضارة الغربية حتى يومنا هذا فهم يعتبرون أنها من ضرورات الحياة وأداة الحرية وأساس السيادة التى دائما ما ينشدونها للسيطرة على العالم! وليس ببعيد عن ذلك أن نتذكر الاسكندر الأكبر وكان من تلاميذ أرسطو المخلصين – رغم بعض الاختلاف فى وجهات النظر بين الأستاذ والتلميذ – وما فعله حينما تولى حكم بلده مقدونيا وهو فى سن السابعة عشرة حيث واصل حرب والده الملك فيليب على بلاد اليونان وامتد بها إلى بلاد الشرق فاجتاح فارس والهند وبابل وهى البلاد التى أنتجت أعظم حضارات الشرق القديمة وذلك بغرض السيطرة على العالم، ولما حاول أرسطو أن يثنيه عن ذلك موجهًا اليه رسالة « عن الاستعمار» محذرا إياه أن اجتياح بلاد الشرق لن يكون فى مصلحة اليونان رد عليه قائلا: اننى أريد أن أجعل الثقافة واللغة اليونانية هما لغة وثقافة العالم!
وبالطبع فقد حقق الاسكندر حلمه بسيادة اليونان على العالم القديم وكون امبراطوريته الضخمة التى ضمت معظم بلاد الشرق القديم وجعلتها جزءا من الإمبراطورية المقدونية، لكن ما حدث بعد ذلك أن غزو الشرق لم يكن الا إيذانا بنهاية التميز الثقافى والعلمى لبلاد اليونان وانتقل مركز التأثير منها إلى الإسكندرية وبلاد الشرق رغم أن السيادة والقوة العسكرية بقت فى الغرب فى ظل الإمبراطورية الرومانية!
والسؤال الآن هو: هل اختلفت نظرة فلاسفة الغرب الآن عما كان عليه الحال فى بلاد اليونان القديمة؟!
لعلنا نجد إجابة هذا السؤال لدى مارتن فان كريفلد أحد فلاسفة الغرب المعاصرين فى كتابه «حرب المستقبل» حيث يستشهد بمقولة هيراقليطس القديمة «أن النضال هو أصل كل شىء»، ويؤكد «أن الحرب شىء مغروس بيولوجيا فى الانسان، فهى لا تختلف عن الاعتبارات الأخرى كالدين والعلوم والعمل والفن «ويعتبرها» غاية أو نشاطا بالغ التشويق بدرجة لا يوفرها شىء اخر..، ولا يعتبر أى نوع من الأنشطة الأخرى التى يخاطر فيها الانسان بحياته الا مجرد مباراة قياسا بالحرب، ورغم أن الحرب هى أيضا نشاطا مفتعلا فانها تختلف عن الأنشطة الأخرى فى أنها تحرر الانسان من كل شيء حتى الموت نفسه!، وتعد هى الشىء الوحيد الذى يستخدم فيه الانسان كل ملكاته ويخاطر بكل شيء ويختبر أقصى قدرة له فى مواجهة خصم على نفس القدر من القوة، ورغم أن جدوى الحرب أيا كان هدفها كانت دائما موضع جدل فالشيء الثابت فى كل زمان ومكان هو أنها دائما شيئا مشوقا!»
تلك هى رؤية الغربيين عن الحرب قديما وحديثا باعتبارها شيئا ضروريا ومشوقا، فهل يظل العرب مخدوعين بالحديث المعسول عن السلام والحريات والمساواة والحقوق والتسامح..الخ مما يتشدق به الغربيون اليوم رغم أننا نعلم أنهم هم من أبدعوا وامتلكوا كل أنواع أسلحة الدمار الشامل فى الوقت الذى يحاولون منعنا من امتلاكها؟! 
وللحديث بقية..