رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة


على مدى أسبوعين ماضيين عرضت لقصة إسلام، هذا الشاب الصغير الذي يحارب مرض السرطان وقد هاجم مخه بشراسة، وبلغ مرحلة خطيرة من المضاعفات من ضعف وازدواجية النظر وضعف السمع وتعثر الحركة والتركيز، رغم ذلك يتمسك بالأمل الباهت في أن ينهي دراسته بالجامعة، فقد المنحة التي منحتها له مستشفى السرطان في عامه الثاني بعد أن رسب السنة الأولى في مادتين، وتحملت أسرته نفقات الكلية الخاصة كما تتحمل كل أعباء مرضه.
إسلام لا يطلب شيئاً من الحياة سوى أن يرحمه من حوله، أن تقدر الكلية ووزارة التعليم العالي حالته هو وأمثاله، كما يجب أن تقدر وزارة التعليم حالة التلاميذ المصابين بهذا المرض القاسي وبأمراض أخرى مستعصية، أن يتم عمل لجان خاصة لهم، منحهم أوقات إضافية لأداء الامتحانات، أن يتم التجاوز عن نسب حضورهم للمحاضرات أو السكاشن ، أن تمتد لهم يد الرحمة لتأخذ بأياديهم لتجاوز الصعوبات والوصول للنجاح، فالنجاح يحيي الأمل، والأمل يحسن الحالة النفسية، وتحسن الحالة النفسية يقوي المناعة، وتقوية المناعة من شأنه محاربة تفاقم المرض وتفشيه في تلك الأجساد الضعيفة.
هؤلاء المرضى من الطلاب و التلاميذ يحتاجون إلى أن تطبق مصر منهج الرعاية التلطيفية التي تطبقها معظم بلدان العالم بما فيها حتى دول عربية، وهي الرعاية التي تهدف إلى الحد أو التخفيف من معاناتهم في مواجهة المرض، من خلال علاج المشاكل النفسية التي تحدث للمريض بسبب مرضه، تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والروحاني للمريض وأسرته، ومنح المريض الفرصة لاتخاذ القرارات مما يكفل له العيش بكرامة، تقديم الرعاية المنزلية وتحسين جودة الحياة حتى يعيش المريض بكرامة  
، وتمكينه من الاعتماد على نفسه قدر المستطاع، خدمة المريض بفريق متعدد التخصصات، حيث  تستخدم الرعاية الملطفة نهج العمل الجماعي في دعم المرضى والقائمين على رعايتهم،  ويشمل ذلك تلبية الاحتياجات العملية وتقديم المشورة  للتغلب على مشكلاتهم الحياتية.
والرعاية التلطيفية لا تقتصر على الخدمات الطبية بل الاجتماعية والتي يندرج تحتها تقديم التيسيرات للمرضى للدراسة والعمل، حتى يشعر أي منهم بالثقة في نفسه، وفي قدراته كعنصر نافع لنفسه وللمجتمع وليس عبء و كَلٌّ على غيره، وهذا الشعور بالثقة والقدرة يساهم كثيراً في تحسين حالة المريض النفسية والفسيولوجية، بل قد يمكنه من مقاومة المرض وتحجيم خطورته.
وقد وضعت منظمة الصحة العالمية ضمن برامجها نظام الرعاية التلطيفية، الذي لا يتوقف على التوصية بالعلاج الطبي المخفف لآلام المرضى بالسرطان وغيرها من الأمراض المستعصية، بل كما سبق وأشرت إلى مساعدات اجتماعية ونفسية وعملية للمريض وأسرته، ولا أعتقد انه لا يندرج تحت تلك الرعاية الاجتماعية والعملية تيسير سبل الدراسة والتعليم والامتحانات لهؤلاء الذين ابتلاهم الله في صحتهم ببلاء الأمراض القاسية، ولن تخسر وزارة التعليم والتعليم العالي شيئاً إذا ما تكاتفت مع المؤسسات الطبية والعلاجية في تيسير الحياة على هؤلاء فيما تبقى لهم من حياة أو حتى الوصول إلى مرحلة الشفاء بإذن الله. 
دائما ما أقول أن لكل قانون روح، ولكل لائحة مؤسسية أيضا روحها الإنسانية التي يجب التعامل بها مع الحالات الخاصة، إسلام وأمثاله من المرضي التلاميذ والطلاب يحتاجون إلى روح القانون، وروح اللوائح، ومرونة الإجراءات، لأن الحياة قست عليهم أكثر من اللازم، يحتاجون إلى الرحمة لتدفعهم إلى شواطئ من الأمل، لا يمكن لأحد أن يدرك مدى حزن إسلام لأنه فاته الامتحان وقد نام قبيل موعده بدقائق على مقربة من باب اللجنة من الألم والتعب، ولا يعرف أحد مدى حزن أمه حين عاد ليها ولدها المريض باكياً منهاراً، ولم تجد من الكلمات ما تواسيه أو تواسى به نفسها سوى نزف الدموع والحزن.
ارحموهم، ساعدوهم بخلق الأمل وتذليل الصعاب في المدارس والكليات، عسى أن تكونوا أحد أسباب شفاءهم بتحسن نفسياتهم يحين يحققوا النجاح.

[email protected]