رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار     

الانهيار الكامل أصاب غزة وحولها إلى مدينة للأموات والأشباح، وأعاد أهلها إلى ما قبل عصور التاريخ ليحيا أهلها حياة بدائية فى غياب جميع مقومات الحياة من قطرة المياه إلى كسرة الخبز مرورا بالأدوية والعلاج والتعليم، بل إنهم يعيشون تحت هول حرب الإبادة الشاملة وجرائم الحرب على مدار الساعة.

الوضع اللاإنسانى للأشقاء فى غزة والذى تجف الأحبار دون وصفه فاق فى ضراوته أفلام الرعب والخيال ومصاصى الدماء، بل أصبح حديث الصباح والمساء وتندد من هوله المظاهرات التى اجتاحت العالم وتعقد من أجل مئات المؤتمرات الدولية لكنه يبقى مجرد كلمات جوفاء لا توقف بحور الدماء ولا تهدأ من زلزال الأرض المباركة ولا تخمد نيران المعركة.

ورغم قرارات محكمة العدل الدولية التى أقرت بوجود جرائم حرب فى غزة إلا أن العالم أجمع وقف عاجزا عن فرض هذه القرارات على المحتل الغاصب الذى لا يترك فرصة إلا ويجدد تأكيده على أن المعركة مستمرة والتوقف مستحيل، وأن المفاوضات خيار لن يتحقق والمجازر لن تتوقف.

وزادت من صعوبة الحياة فى القطاع تعليق 9 دول لمساهماتها فى الأونروا لتقديم المساعدات الإنسانية لأهالى غزة لبدء مرحلة الموت البطيء، فمن لم يمت تحت وطأة الصواريخ والقنابل والمعارك جوا وبحرا وبرا حتما سيلقى حتفه بسبب الجوع، ونقص الأدوية فى محاولة لإنهاء مسيرة ووجود شعب يتمسك بوطنه ويعشق ترابه ويدافع عن أرضه وعرضه.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش – الذى لم يسلم من سهام اليهود الذين يكيلون التهم لكل من تعاطف مع قضية فلسطين- أطلق صرخة مدوية لجميع الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية لتقديم المساعدات للأونروا لإنقاذ الأرواح فى قطاع غزة، مشددا على أن نظام الدعم الإنسانى فى القطاع يتعرض للانهيار.

وقال فى كلمته فى الجلسة الافتتاحية للجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطينى لحقوقه مساء الأربعاء أن المنظومة الإنسانية فى غزة تتهاوى، وأن المدنيين يواجهون ظروفا غير إنسانية ويعانون للبقاء على قيد الحياة فى ظل انعدام الخدمات الأساسية، منددا بالعنف العسكرى المفرط من قبل الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين فى القطاع، ما تسبب فى الموت والدمار والتشريد والجوع والفقدان والمعاناة.

صرخة الأمين العام للأمم المتحدة ليست كسابقتها فإنها تأتى فى وقت بالغ الخطورة وفى لحظات فارقة بين الحياة والموت، داعيا على إطلاق سراح الرهائن والمعتقلين فورا بلا قيد أو شرط، ومشدد على ضرورة احترام القوانين الدولية والالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية، بل أعرب عن انزعاجه الشديد من الأعمال الإجرامية المتزايدة من قبل المستوطنين الإسرائيليين فى الضفة الغربية تجاه الفلسطينيين.

باختصار.. الطبيعى أن يطلق المظلومون استغاثات بالأمم المتحدة لنصرتهم من الظلم والبطش مطالبين بتدخلها لوقف العدوان عليهم، أما أن تصدر الاستغاثة من الأمين العام للمنظمة، فالأمر يعنى أن الكارثة فاقت الحدود وأن اختراق القوانين الإنسانية فى غزة تعدى كل الخطوط الحمراء، وبات أكبر من جرائم الحرب نفسها، وأن الدول الأعضاء مطالبة بحلول عاجلة تردع إسرائيل فى المقام الأول ومن خلفها الولايات المتحدة والدول الداعمة الذين يدعمون الظلم والباطل ويرسخون أقدام الاحتلال ودولته المزعومة على جثث الشهداء.

تبقى كلمة.. ما شهدته غزة خلال 117 يوما من الموت والدمار كانت الأصعب على الشعب الفلسطينى منذ نكبة عام 1948 وحتى الآن، فقد خلفت الحرب ما يقرب من 27 ألف شهيد و7 آلاف مفقود تحت الأنقاض وهم أيضا فى تعداد الشهداء بالإضافة إلى 66 ألف مصاب بينهم 7 آلاف حالة حرجة تستدعى إصابتهم العلاج العاجل خارج القطاع، وهذا العدد من الشهداء وفقا للسفير رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، أكبر من الضحايا فى أى صراع خلال هذه المدة الزمنية منذ الحرب العالمية الثانية.

الأرقام لا تكذب وفى الوقت نفسه تكشف هول ما تعرض له الغزيون منذ السابع من أكتوبر الماضى حيث ارتكبت قوات الاحتلال أكثر من 2000 مجزرة وفقا للسفير مهند العكلوك مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية، وأسقطت أكثر من 65 ألف طن من المتفجرات على غزة، ودمرت 390 مدرسة وجامعة و282 مسجدا و3 كنائس بالإضافة إلى 359 ألف منزل منها 70 ألف دمرت تدميرا كليا، كما تسببت الحرب فى نزوح 2 مليون غزاوي.

منطقة الشرق الأوسط تشهد الآن بسبب ما يحدث فى غزة تصعيدا غير مسبوق تتزايد بؤر الصراع فيه كل يوم عن سابقه من غزة إلى اليمن مرورا بجنوب لبنان والبحر الأحمر.. المنطقة كلها باتت معنية بالكارثة فالحدود الملتهبة تعنى أنه لم يعد أحد فى مأمن وأن الخطر قادم لا محالة. 

[email protected]