رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ياسمين .... والحب الحرام

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بأيّ ذنب قُتِلت... ذنبها أنها زهرة تفتح الربيع عند قلبها ونصب للحياة خيام عطر فاحت أعراشه وذاع شذاه... ذنبها أنها فتاة ، خُلِقت فتاة ، ناعمة ودود توّاقة للحب، فراشة وُئد صباها باكرا ومزقت الحياة أجنحتها بوحشية لا توصف...

 

 فتاة في ريعان الفرح ، تنسحب من الحياة بعد جريمة ارتكبها في حقها أقرب الناس إليها، أبٌ كان من المفترض أن يكون السند والكتف التي لا تميل ، الوتد الذي لا تهزّه رياح شكّ ولا ظنون مخزية ، الحضن الذي كان من المفترض أن يحتويها عندما تنكر لها الجميع ، وجعلوا من لحمها فاكهة لمجالسهم وتندراتهم وحكاياهم التي لا تنتهي ، والتي تقتات على شرف الضعفاء المستنزفين المغلوبين...

 

نعم ياسمين إبنة الــ 18 عاما ، ابنة قرية تله إحدى قرى مركز ومدينة المنيا ، انهت دراستها المتوسطة ، وتفتحت عيناها على بن القرية ، والذي شغلها حبا وولعا ، على وعد بالزواج وعش الزوجية السعيد ، ولكن هيهات ان  يحدث ذلك في قرى الصعيد ، والتي جبلت على عادات وتقاليد مازالت تعشعش في العقل ، وهو حديث الفتيات مع الشباب بالشوارع ، والإلتقاء على نواصي الحواري ، ((كبيرة من الكبائر )) ، قصة حب ياسمين وبن القرية ، تناولتها مصاطب قرية تله ما بين فكيهة وبهية وحسنية ، السيدات تهمس وتتغامز على حب ياسمين وإبن الجيران ، في الأسواق وعلى المصاطب ، ووصلت للشباب بالمقاهي .

 

يصل الأمر للأب عبد الله ، إبنتك في علاقة غير شرعية مع بن الجيران ، استشاط  غضبا وغلى الدم في عروقه ، وتطاير الشرار من عينيه بفعل الشيطان الرجيم ، والذي امتلك أذناه موشوشا ( اغسل عارك ) واقتل بنتك ، العار لا يمحوه سوى الدماء ، ستعيش طول عمرك منكس الرأس إن سكتت على الأمر .

 

يدخل الأب على إبنته ممسكا بسكين ، ياسمين لمحت الشر في عيون والدها ، اقترب منها غاضبا ، لازم اغسل عاري اللي ( مرغتيه في التراب يا فاجرة ) ، ياسمين تبكي وتصرخ ، ارجوك متقتلنيش انا فتاة شريفة وطاهرة ، معملتش حاجة غلط ، صدقني يا ولدي ، متصدقش كلام الناس في بنتك ، انا شريفة وطاهرة  ياولدي ، حرام عليك تموتني وتأخذ  ذنبي حرام يا ولدي ، الأب وكأنه أصبح (اطرش ) لا يسمع سوى وشوشات  الشيطان ، ( اقتل بنتك واغسل عارك ).

 

وفي لحظات ينهال الأب على (ياسمين )إبنته وفلذة كبده بعدة طعنات في الرقبة ، ياسمين تصرخ مستغيثة والأب يكمل طعناته حتى لفظت ياسمين البريئة انفاسها الأخيرة ، وهي تودع اركان المنزل واهلها والحياة بحلوها ومرها بدموع ساخنة ، ويتحول المنزل بين لحظة وضحاها إلى بركة دماء .

 

الأب يسرع بتسليم نفسه لمركز الشرطة ، ويعترف امام النيابة العامة قائلا ، انا قتلت بنتي حتى أغسل عاري ، دون حتى أن يتأكد من عذرية إبنته ، وإنها فتاة  بكر ، ازهقت روح ياسمين وهي تشكو إلى الله بأي ذنبِِ قتلت ، ياسمين قتلت ضحية العادات والتقاليد ، حكيم القرية على المصطبة يحكي للجميع كان من الأجدر ان يفحص الأب إبنته قبل ان يتهور ، ويسفك دماء روح طاهرة بريئة ، لتذهب روح ياسمين نتيجة لوشاية وحكاوي أهل القرية .

 

الأب داخل جدران السجن المظلم ، يصرخ باكيا ، انا قتلت ابنتي بوشاية كاذبة ، إعدموني ، موتوني ، استحق الحرق ، ولكن ندم بعد فوات الآوان ، بعد موت ياسمين لاينفع الندم ، ياسمين فاضت روحها إلى ربها  محتسبة أمرها عند الله ، الحق ، العادل ، بأي ذنبِِ قتلت ،ولينتظر والد ياسمين القصاص العادل في الدنيا والأخرة .