رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الخيال هو ذلك الحصان الأبيض الجامح الذى يحلق بأجنحة نورانية إلى سماوات فضية فسيحة تزخر بمفاتيح المعرفة وكنوز الإبداع، تتناثر حباتها كاللؤلؤ المكنون كل ما تحتاجه لتكون من أهل الحظوة أن تغمض عينيك ثم تفتح نوافذ ادراكك على مصراعيها حتى تستحضر قلبك ويتسلل النور إلى باطنك فتبصر ما لا يبصرون، لتبدأ خطوات تلك الرحلة الشيقة، لذلك يجب ربط الأحزمة، فهل أنت جاهز للإقلاع؟

تخيل أن روضة الرسول الكريم شرفت ونورت أرض الكنانة، فكيف بالله سيكون حال أهلها وهم المغرمون فى حالة البعد، وهم الذين يتحرقون شوقًا ويذوبون عشقًا فى زيارة الجانب الأعظم، فهل تعتقد أنهم سيتركون متسعًا لغيرهم فى حقهم المعلوم أم انهم لن يبرحوا المقام حتى يقضى الله أمراً كان مفعولًا؟

هذه العلاقة العجيبة فى حب النبى الأكمل بين المصريين جيلًا وراء جيل آية ربانية فى إخلاص المحبة الصافية من كدر الدنيا، تستدعى التأمل وتطرح سؤالًا جوهريًا كيف بدأت شرارة ذلك العشق السرمدى.

أعتقد أنها بدأت عندما اختلطت جينات الدم المصرى بأصل شجرة النبوة، فقد اختار الخليل ابراهيم أميرة مصرية هى أمنا هاجر  التى أنجبت له إسماعيل جد سيد الخلق، إذن المصريون أخوال سيدنا وايضا أخوال آل البيت بعدما أنجب من ماريا المصرية ابنه إبراهيم وللاسم دلالة لا تخطئها العين، فلا عجب أن يقول المصطفى (سيفتح الله عليكم مصر وهى بلد يذكر فيها القيراط فإذا فتح الله عليكم مصر استوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم نسبا وصهرا) وفى رواية (استوصوا بقبط مصر خيرا فإن لهم ذمة ورحما).

إذن كانت مصر فى فؤاد النبى قبل ان تفتح عمليًا لحكمة ربانية لا يعلمها الا الخبير، فعندما ضاقت الأرض بما رحبت على ال البيت بعد فجيعة كربلاء أوصى ابن عباس السيدة زينب بالذهاب الى مصر، فإن فيها قومًا يحبونكم لله ولقرابتكم لرسول الله فخرج لها أهل مصر عن بكرة أبيهم وحملوها على الهودج من بلبيس الى فم الخليج وأوسعوا لها فى الكرامة، فالمحروسة تحتضن أربعين من مراقد آل البيت بين جنباتها.

نعم تتعلق أرواحنا بنور السراج المنير الذى أضاء  ظلمات الأكوان، وينعكس ذلك على تفاصيل حياتنا اليومية المرتبطة بدوام الصلاة والسلام على الرحمة  المهداة فى البيع والشراء والأفراح وحتى فى الصلح بين المتخاصمين، فمن يحتفل بمولده الشريف مثلنا فنحن نقيم السرادقات التى يتفنن فى خُلقه ووصفه الشعراء والمداحون، ونصنع له صنوف الحلوى من كل لون بل ونفطم أطفالنا على حبه ونهديهم بالعروسة والحصان ولا نكترث بآراء المتنطعين التى تجافى الذوق والأدب.

لا شك أن الخصوصية المصرية عصية على التغيير مهما تبدلت مذاهب حكامنا، البعض إلا من رحم ربى يحب النبى حب الشريعة، أما نحن معشر المصريين فنحبه حب الحقيقة قبل أن تظهر المتصوفة بثلاثة قرون، فأنوار النبوة من نوره برزت وأنوارهم من نوره ظهرت وليس فى الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم فى القدم سوى نور صاحب الكرم، همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم، واسمه سبق القلم لأنه كان قبل الأمم والشيم هو سيد أهل البرية الذى اسمه أحمد ونعته أوحد وأمره أوكد وذاته أجود وصفاته أمجد وهمته أفرد. 

أجدنى أردد أبيات الشريف أحمد شوقى رضى الله عنه وأرضاه:

أبا الزهراء قد جاوزت قدري*بمدحك بيد أن لى انتسابا

مدحتُ المالكين فزدتُ قدرا * وحين مدحتك اقتدت السحابا