رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوكالات الإعلانية تحكم دولة الإعلام

بوابة الوفد الإلكترونية

الإعلان أو بمعنى أدق شركات الإعلانات والرعاة أصبحوا المخرب الأول للعقل المصرى، بالفعل هناك أزمة حقيقية تعيشها مصر منذ أن دخل على الإعلام المصرى مصطلح الراعى الإعلانى للبرامج قبل سنوات، وبالتالى أصبح لهذا الراعى أو تلك الوكالة الإعلانية التحكيم في المحتوى الذي تقدمه الشاشة، بل وأصبح المعلن يفرض عليك وجوهاً معينة لتقديم البرامج، فشاهدنا لاعبي كرة قدم من محدودي الثقافة وشاهدنا الراقصات والفنانين، وبعض الصحفيين، وبالتالى أصبح أي شخص لديه علاقة جيدة يصاحب الوكالة الإعلانية أو شركة زيت أو صابون أو شامبو أو مياه غازية أو خطوط محمول مقدم برامج في أي فضائية مهما كان اسمها أو حجمها طالما وجد الممول فأنت لك الحق أن تصبح إعلامياً.

والشىء الغريب أن هذا الشخص بمجرد أن يتحول إلى إعلامى ويظهر على الشاشة يتحول إلى «خادم» في بلاط صاحب السبوبة. وأمام هذا وذاك أصبحت المادة المقدمة تخدم أغراض الطرفين، وأغلبها يكون فكراً تجارياً ثقيلاً في الفكر.

وهنا تكمن الأزمة، وتسرب إلينا نوعيات من البرامج سواء الحوارية التي تتحدث عن أدق تفاصيل حياة الفنان، الزواج والطلاق والعلاقات المشبوهة، وعلاقاته الجنسية، ولا مانع أن يقوم برنامج بإطلاق اتهام لأحد المطربين علي أنه شاذ، وللأسف هذه النوعية من البرامج وجدت صدى في الوسط الفنى لأن الفنان من إياهم يحصل على المقابل المادى بالدولار، وبالتالى لم يعد يهمه أن تظهر للعامة أدق تفاصيل حياته حتي لو اتهم بالشذوذ، المهم بالنسبة له الدولار.. وللأسف أصبح هناك أكثر من عشرة برامج قائمة علي الفضائح بعضها لبناني والآخر المصرى، والضيوف من كل الجنسيات العربية، ولأن هذه البرامج تعتمد على الرخص في الحوار والمحتوى. والمشاهد في النهاية هو الضحية، كل هذه البرامج الإباحية تجدها مصحوبة بعشرات الإعلانات حتي برامج التوك شو السياسي والتي تحولت إلي برامج للفضائح والمشاجرات والاتهامات وتحول مقدمو هذه البرامج إلى جزء أصيل في المعركة اليومية.. لماذا؟

لأن مقدم البرنامج أصبح له رأى في كل ما يدور داخل وخارج مصر، وبالتالى الويل كل الويل لو جاء الضيف على غير هواه وميوله فالضيف يتحول إلى مادة للسخرية، كل التليفونات والمداخلات ضد الضيف، وكأن فجأة كل مصر أصبحت ضده والأزمة أن أغلب مقدمي هذه البرامج أصبحوا يستخدمون عبارات خارجة، والويل لمن يعترض.

وهذا يؤكد أن مقدم البرنامج تحول مالكاً له، و«التوك شو» الآن نوعان، الأول مدعوم من

الرعاة.. والثاني مدعوم من صاحب القناة لأنه يخدم علي مصالحه، ويكون حائط الصد عند اللزوم.

طريقة أداء معظم نجوم التوك شو علي الهواء تعكس حالة الفوضى والتخلف التي أصبحنا نعيشها.

الوكالات الإعلانية لم تساهم فقط في فرض وجوده لا تصلح للظهور الإعلامى، لكنها فرضت علينا أشكالاً معينة من الفن التجارى، فأغلب البرامج الإذاعية التي تقدم علي إذاعات الـFM المنتشرة أصبح نجوم الغناء فيها أوكا وأورتيجا وبوسى ومحمود الليثى وهوبا والمدفعجية وفريق «شبيك لبيك».. كل هذه الأسماء وغيرها أصبحوا نجوماً بفضل الرعاة والوكالات الإعلانية في الوقت الذي تجد فيه مؤسسات كبرى تقدم فناً هادفاً لا تجد راعياً واحداً، وهناك مهرجانات تقدم الغناء الهادف مثل مهرجان الموسيقي العربية لا تجد راعياً واحداً.. وإذا جاء يحاول أن يفرض أسماء معينة من الصعب أن تمر بجوار الأوبرا المصرية، وبالتالى أصبح رأس المال الإعلاني أحد أسباب الانهيار الغنائى الذي نعيشه في مصر، ناهيك عن هذا الظهور المدمر للراقصات في معظم البرامج مع وصلة رقص أثناء الحوار لزوم الترويج.

الأزمة الحقيقية من وراء انتقال السلوكيات المنهارة إلي الشاشات أن نظرة العالم لنا خاصة في عالمنا العربى أصبحت متدنية، ولا تتناسب مع اسم مصر الكبيرة التي كان إعلامها يقود العالم العربى، وكانت المدرسة التي يسعي إليها كل الفضائيات العربية.

الآن البوصلة تغيرت وأصبحنا في مصر نذهب إلي الفضائيات العربية لكي نبحث عن المفردات المهذبة، والبرامج التي تشع فكراً، والأغانى الجادة، والأفلام التي تقدم القيمة، في المقابل إذا أردت أن ترى وصلات من الردح فعليك أن تذهب إلى الفضائيات المصرية الخاصة.