رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التحدي رؤية ثقافية لمواجهة التطرف والعنف

بوابة الوفد الإلكترونية

ما هو التحدي؟ هو مجابهة الفكر المتطرف بالفكر، ولتحقيق ذلك يجب أن نبدأ بالتفكير فيما لا يتصوره التفكير. تلك هي الفكرة الأساسية التي يقدمها الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية في كتابه الجديد الذي صدر مؤخراً عن المكتبة ويرسم من خلاله خطة عمل متكاملة من أجل مواجهة خطر التطرف. وبكلماته فإن الدراسة التي بين دفتي الكتاب تتناول كيف يمكننا تحدي التيارات المتطرفة بيننا، كيف نتحداها فكرياً وكيف نستطيع استعادة تراثنا الثقافي من براثن أولئك الذين يسعون لاستغلاله ويحاولون تسخيره لأغراضهم السياسية الخاصة بهم.

وتمثل الدراسة تأملات المؤلف حول مجموعة القضايا المتعلقة بمجابهة التطرف. ويتكون الكتاب من ستة أجزاء رئيسية هي الثقافة في مصر والعالم العربي في الجزء الأول. ثم يأتي الجزء الثاني بعنوان نظرة إلى المستقبل ثورة معرفية جارفة ثم يتطرق الجزء الثالث لقضية التطرف والعنف ويأتي الجزء الرابع بعنوان ديناميكية التحول الثقافي، أما الجزء الخامس يجيء عن عناصر الاستراتيجية الثقافية وأخيراً تأتي البرامج الخاصة في الجزء السادس.

ومن خلال الجزء الأول يقدم الدكتور إسماعيل نظرة عامة للمشهد الثقافي في العالم العربي توضح نمواً قوياً في العديد من الصناعات الثقافية ولقد تسارع هذا النمو بفضل جيل شاب من الفنانين وخاصة عقب الربيع العربي ولكن تلك الجوانب تتوازى مع تنامي التعصب الذي تظهره الأنظمة الشمولية وتصاعد التشدد من جانب مجموعات تستخدم السلاح لتحقيق أشكال متطرفة من الإسلام السياسي حتى إن بعضها قد تخطى حدود السلوك الإنساني المتحضر مثل داعش ولم يعد يتبقى سوى أجزاء متفرقة من الانفتاح منثورة داخل الأراضي الشاسعة للعالم العربي الممتد من المحيط الأطلنطي حتى الخليج.

وهنا يؤكد المؤلف أنه علينا أن نواجه ظاهرة التطرف والعنف في مجتمعاتنا بوصفها ظاهرة ثقافية وينبغي علينا فهم الآليات المسببة لنموها وتمددها كما يجب علينا أيضاً أن نسأل أنفسنا عما إذا نجح فنانونا في التأثير في المجتمع كما أملنا وأملوا؟

وفي حديثه عن الثورة المعرفية الشاملة في الجزء الثاني يخلص الدكتور إسماعيل إلى أن هذا الفيض من البيانات والتقنيات القادرة على إحداث تحولات أمر يدعو للقلق، وإن كان يراها في الوقت ذاته تطورات مثيرة للبهجة وأنها تفتح آفاقاً جديدة يتعامل معها الشباب كأمر مسلم به وعلى هذا فإنه يدعو جميع مديري المؤسسات الثقافية والعلمية أن يشركوا الشباب معهم ليس كمتدربين أو متمرنين ولكن كزملاء ومتعاونين.

وفي حديثه عن التطرف والعنف ضمن ثنايا الكتاب يشير الدكتور إسماعيل إلى أن تصميم استراتيجية للعمل الثقافي من أجل نبذ العنف وتشجيع التعددية ليس عملاً هندسياً دقيقاً ولكنه تصميم لرؤية جماعية، رؤية ينظر إليها الكثيرون

بشكل مختلف ومن زوايا مختلفة فيبرزون جانبا أو آخر تبعا لدورهم في المجتمع ولمواهبهم ولأذواقهم ولكن هناك عناصر مشتركة كافية لكي تجعل كل فرد منهم يدرك أنها الرؤية ذاتها إلى حد ما التي نتمسك بها جميعاً تلك الصورة ليست صورة ثابتة فهي مستمدة من العالم كما نبصره حولنا وتصور واقع مجتمعنا وأوجه القصور فيه وتحدد القوى التي تدفعه وتحركه فتوجه لها النقد وتقدم اقتراحات من وجهات نظر متعددة وبهذا نخلق رؤيتنا وهو عمل ينمو ويتطور دوماً ولا يكتمل مطلقاً والاستراتيجية التي ترشد خطانا هي كالبوصلة تحدد الاتجاهات العامة أكثر منها خريطة دقيقة للطريق الذي ينبغي أن نتبعه.

وفي إطار تحديده لديناميكيات التغيير الثقافي وضمن توصياته يؤكد الدكتور إسماعيل أن المثقفين والفنانين ينبغي أن يتحركوا معا ويمتلكوا جرأة التفكير في القضايا المحجوبة عن التفكير وأن يذهبوا إلى مساحات في الفكر خشي غيرهم الاقتراب منها وذلك حتى لا يسقطوا هم أنفسهم ضحايا للنمط السائد من التفكير الذي هيمن على مظاهر الثقافة الإسلامية من حيث غياب الفكر النقدي والأساس النظري للحوار والامتناع عن نقد الثقافات الشعبوية بل أحياناً تبريرها والدفاع عنها.

وفي الختام وتركيزاً على الواقع المحلي يتطرق الدكتور إسماعيل إلى رؤيته لإصلاح الوضع الثقافي المصري فيطالب من أجل أن تستعيد مصر حياتها الثقافية الرائدة بأن نمكن الجيل الصاعد من أن يتقدم بعطائه بفتح الأبواب بتذليل العقبات وبتقدير الإنجازات. مع التأكيد في الوقت نفسه على صعوبة قيام الشباب بالإنتاج والإبداع في مجالات الإنتاج الثقافي مثل الفيلم أو المسرح دون مشاركة مؤسسية هامة ولذا بات ضرورياً أن نعيد النظر في الآليات والمؤسسات الثقافية في بلادنا وإعادة صياغتها بما يناسب مقتضيات العصر وتطور التكنولوجيا واحتياجات الشباب.