رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تابعت على الشاشات مظاهرات الطلبة فى جامعة كولومبيا بنيويورك بالولايات المتحدة، وشعرت أن هناك تغييرًا كبيرًا يجرى فى توجهات الشعوب الغربية تجاه قضية فلسطين.

وهذه الجامعة تحديدًا من الجامعات العريقة، وتحتل المركز الثالث والعشرين بين أفضل الجامعات فى العالم. 

لقد ارتفع صوت الطلبة فى الجامعة منددًا بوحشية إسرائيل وقسوة الموقف الأمريكى فى دعمها مطالبين بوقف إطلاق النار فى غزة ومنع تدفق الأسلحة إلى الدولة الصهيونية التى تتعمد إبادة المدنيين الفلسطينيين بوحشية منذ اندلاع الحرب فى 7 أكتوبر الماضى.

ولا شك أن الطلبة بشكل خاص يمثلون المحرك الأهم فى المجتمعات الغربية الحديثة، ولأنى واحد ممن قضوا سنوات من دراساتهم فى التعلم بالعالم الغربى، فإننى أدرك كيف تتأثر المجتمعات وتتغير كثيرًا بتصورات الأجيال الشابة من الطلبة تجاه مختلف القضايا.

وأتذكر قبل بضعة شهور أننى كنت ممن كتبوا بشكل واضح أن هناك تغيرًا كبيرًا فى مواقف الشعوب الغربية تجاه القضية الفلسطينية، وقلت أيضاً إن المجتمع الأمريكى نفسه يشهد ظهور جيل جديد من الشباب يرفض سياسات الظلم ويتمرد على المواقف الرسمية التى يراها سببا فى كراهية أمريكا من قبل شعوب العالم النامى.

ومثل كثير من المظاهرات التى تبدأ صغيرة، وتتصاعد نتيجة سوء التعامل أو السعى إلى منعها بالقوة، فقد أدى سماح رئيسة جامعة كولومبيا للشرطة الأمريكية بالدخول إلى الجامعة للقبض على الطلبة المتظاهرين إلى اتساع نطاق المظاهرات، والتفات أعداد إضافية للحدث واهتمام معظم الطلبة فى الجامعات الأخرى بالتعاطف مع زملائهم ومع القضية الفلسطينية، ليتكرر المشهد فى جامعات بيل بولاية كونيتيكت، ومينيسوتا فى مينا بوليس، وتكساس فى أوستن، وغيرها.

ولم تعد الحجة المكررة بمعاداة السامية التى يتم رفعها فى وجه كل مَن يندد بالجرائم الإسرائيلية مقبولة لدى الأجيال الشابة القادمة من خلفية إعادة النظر فى المواقف السياسية النمطية والمنحازة لصالح المعتدين.

ويبدو أن الجيل الذى نما مع تطور التكنولوجيا واتساع شبكات التواصل الاجتماعى وسرعة انتقال المعرفة والمعلومات، وظهور الذكاء الاصطناعى وانهيار النظريات السياسية والاقتصادية العظيمة، لم يعد يقبل الانصياع للمواقف الرسمية لبلاده دون تمحيص، ويرفض سياسات الكيل بمكيالين والانحياز الأعمى لإسرائيل تحت أى زعم.

وهذا ما يجعلنا نقول إن السحر يمكن فى كثير من الأحيان أن ينقلب على الساحر، وتتحول منظومة حقوق الإنسان التى اعتادت الدول الكبرى على توظيفها للضغط على بلدان أخرى إلى سيف مسلط عليها، خاصة أن الشباب رأوا بأنفسهم كيف تواجه الشرطة المجاهرين بآرائهم. وهنا فإن الحرية لا تتجزأ أبدًا ولا يمكن كبتها تحت أى مبرر.

وأتصور أن الموقف الجارى لن يمر مرور الكرام، لأن الشباب فى الولايات المتحدة لديه تأثير قوى وحقيقى خاصة فى ظل سهولة التواصل مع باقى شرائح المجتمع، وهذا هو الرهان الحقيقى فى قضية فلسطين، فالعالم يتغير ويتطور وصار هناك مَن يوجه الأسئلة ويرفض السير وراء القطيع بلا مبالاة.

وهذا ما يجب الاهتمام به والتفاعل معه فى العالم العربى كله وفى مصر أيضاً، وسلامٌ على الأمة المصرية.