عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القضاء علي "فيروس سي" قضية أمن قومي

بوابة الوفد الإلكترونية

يمثل مرض الالتهاب الكبدى الوبائى «سى» أحد أهم التحديات الصحية فى مصر لما له من تأثيرات خطيرة على المقومات الاقتصادية والبشرية، فهو مرض قاتل للطاقة الإنسانية، ويحول المصاب به إلى إنسان عازف عن العمل وعن أى رغبة فى الحركة، وتثير أمراض الكبد بأنواعها ومراحلها قلق ومخاوف المصريين خاصة بعد انتشارها بصورة غير طبيعية وبحسب الإحصائيات المعلنة وصل عدد المصابين بفيروس «سى» إلى 15 مليون مصرى، حيث تحتل مصر المرتبة الأولى فى قائمة مرضى الفيروس الكبدى «سى» على مستوى العالم العربى وبما يبلغ نسبة تبلغ 14% من تعداد سكان مصر وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية.

كما يشكل مرضى الكبد 50% تقريباً من إجمالى مرضى الجهاز الهضمى فى مصر والذى يضم الكبد والمعدة والقولون والبنكرياس والمرارة والأمعاء والمرىء والبلعوم وتبلغ الإصابة فى الرجال حوالى 8%، بينما تمثل الإصابة فى النساء 6%، وتختلف الإصابات فى محافظات مصر حيث تبلغ النسبة فى القاهرة 8%، والإسكندرية 6%، والدلتا 28%، والصعيد 26%.

«الوفد» تبحث مأساة مرضى الالتهاب الكبدى الوبائى وتطرح أهم الدراسات وأسباب الإصابة وكيفية العلاج، خاصة مع ظهور أنواع جديدة ومتطورة من الأدوية، وإعلان الأطباء عن وجود نسبة كبيرة فى معدلات الشفاء، حتى إن خبراً طالعنا مؤخراً عن طلب دول أوروبية وآسيوية من مصر مساعدتها فى علاج هذا المرض اللعين، بعد أن بدأت مصر رحلة تبدو ناجحة فى مواجهة المرض.

«قبل الخوض فى هذا الملف الصحى الحساس، تجدر الإشارة إلى دراسة أكدت أنه فى حال اتباع الأطباء المعالجين لأساليب صارمة لمنع نقل العدوى، بالإضافة إلى استخدام علاجات حديثة ستصل نسبة الشفاء إلى فوق ٩٠٪ وعلاج حوالى ٣٠٠ ألف حالة سنوياً، سوف تصل نسبة الإصابة بالمرض إلى أقل من ٢٪ عام ٢٠٢٥، بل ويمكن القضاء على المرض نهائياً بحلول عام ٢٠٣٠، وقد تم حساب أعداد المرضى باستخدام برامج قياس وتنبؤ، وتم التوصل إلى ٦ ملايين مصاب بالفيروس فى مصر عام ٢٠١٣ مع حدوث ١٦٨ ألف إصابة جديدة سنوياً، ووجود ٦٣٠ ألف مصاب بتليف الكبد و١٣٨ ألف مصاب بفشل كبدى وحدوث ١٦ ألف حالة سرطان كبد سنويا، بالإضافة إلى 360 ألف مريض بمضاعفات المرض.

وأوضحت الدراسة أنه إذا استمر معدل الإصابة والعلاج وكفاءة العلاج كالحالى بلا تغيير، سيكون هناك ٤٫٥ مليون مصاب بالفيروس سنة ٢٠٣٠ وستزداد حالات تليف الكبد وسرطان الكبد سنوياً حتى سنة ٢٠٣٠، وللتخلص من المرض قبل سنة ٢٠٣٠ يجب اتباع إجراءات منع عدوى صارمة لتقليل الإصابات الجديدة ٢٠% سنويا لتنخفض إلى أقل من ٥٠ ألف حالة سنوياً، مع استخدام علاجات ذات فاعلية فى الشفاء التام أكثر من ٩٠%، مع زيادة عدد حالات العلاج بدءاً من سنة ٢٠١٤ من ٦٥ ألف حالة سنوياً بنسبة ٥٠%-٨٠% سنويا لتصل إلى ٣٤٠ ألف حالة فى السنة بدءاً من سنة ٢٠٢٠ حتى سنة ٢٠٣٠.

وباتباع هذه الإجراءات سوف ينخفض معدل الإصابة إلى أقل من ٢% سنة ٢٠٢٥ وأقل من نصف بالمائة سنة ٢٠٣٠، وسوف يوجد فقط ٢٨٠ ألف مصاب بالفيروس سنة ٢٠٣٠ بنقص ٩٥%، وستقل حالات تليف الكبد والفشل الكبدى وسرطان الكبد والوفيات الناتجة بنسب بين ٨٠% و٩٠%.

فى حين كشفت دراسة طبية أخرى أجريت مؤخراً أن نسبة إصابة المصريين بالتهاب الكبد الفيروسي «سي» هي الأعلى من نوعها في العالم، وحذرت الدراسة من أن هذا الفيروس الذي يصل عدد المصابين به حول العالم إلى 180 مليون مصاب يهدد الأطفال بقوة جراء انتقال العدوى من أمهاتهم.

وأشارت الدراسة التي نشرت في مجلة «نيتشر ميدل إيست» (النسخة العربية من المجلة) إلى أن عدد المصابين بالفيروس مرشح للارتفاع في ظل نقص الأدوية وفقر المرضى، وأظهرت دراسة جديدة أن نحو 5 آلاف طفل مصري معرضون للإصابة بهذا الفيروس بانتقاله من أمهاتهم، وركزت الدراسة التي أجراها علماء جامعة وايل كورنيل ومدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي على إحصاءات من مصر حيث تتواجد أعلى نسبة إصابة بالفيروس.

وبحسب مجلة «نيتشر ميدل إيست» فإن القلق يظهر من انتقال الفيروس من الأم إلى طفلها ما يتسبب بإصابة نصف الحالات في الفئة العمرية أقل من 5 سنوات إضافة إلى الحالات المصابة أصلاً عند الأمهات التي تقدر بنحو 7 % من النساء المتزوجات.

ورغم إجازة هيئة العقار والدواء الأمريكية لدواء مرتفع الثمن يعالج التهاب الكبد بالفيروس «سى» العام الماضى مع نسبة شفاء قد تصل لنحو 99 % إلا أنه بحسب الأطباء لا توجد تدخلات علاجية أثناء الحمل تثبت قدرتها على الحد من خطر العدوى بالفيروس،ومع التطور البحثي حول هذا المرض الخطير الذى يتسبب كل عام بوفاة نحو نصف مليون شخص حول العالم فإن التنافس بين شركات الأدوية العالمية لإنتاج عقار يكافح هذا الفيروس على قدم وساق يسعى لتصل نسبة الشفاء إلى 100%.

الخطير أن أعراض هذا المرض القاتل لا تظهر قبل 25 عاماً من لحظة العدوى والإصابة وإذا ظهرت الأعراض قبل ذلك تكون صدفة ولكن بعد 25 عاما تبدأ التداعيات بتليف الكبد وورم في القدمين وانتفاخ في البطن وقد يفاجأ بقيء وهو لا يعلم وبعد ذلك يكتشف أنه مصاب بتليف في الكبد ناتج عن فيروس C.

أكدت نتائج آخر دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن العلاج الثلاثي (بيج إنترفيرون ألفا، وسوفوسبوفير «سوفالدى»، وريبافيرين) هو العلاج المعتمد من هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA لعلاج مرضى فيروس سي من النوع الجيني الرابع وتستغرق فترة العلاج 3 شهور، ومن أهم النقاط التي تضمنتها التوصيات أن المرضي الذين ارتد لديهم المرض يحظون بفرصة ذهبية للشفاء إذا خضعوا للعلاج الثلاثي بنسبة تتعدى الـ90 %»، كما ثبت أن العلاج الثلاثي يحقق نسب شفاء عالية جدًا وغير مسبوقة في علاج مرضى التليف من الدرجة الأولى، وأظهرت الدراسات أيضًا أن نسب الشفاء بالعلاج الثلاثي تتعدى الـ96%، وأن أنظمة العلاج التي لا تشتمل الإنترفيرون يتم استخدامها فقط مع المرضى غير المؤهلين للعلاج بالإنترفيرون ولذلك فالعلاج الثلاثي هو الأفضل والأقل تكلفةً لدولة مثل مصر حيث يحكمها السعر الأقل والنتائج المؤكدة في ظل الجهود الكبيرة لعلاج أكثر من 15 مليون مصاب بفيروس سي.

ويسمح للدخول في منظومة العلاج بالسوفالدى للفئات العمرية

ما بين 18 و70 عاماً وليس هناك أولوية للسن الأكبر بل درجة تليف الكبد هي الأولوية الأولى في اختيار المرضى كما تمنع الحوامل من أخذ العلاج ويوقف العلاج فوراً إذا ثبت وجود حمل أثناء العلاج لاحتمال خطورته على الجنين وتمنع المريضة من الحمل حتى انقضاء 6 أشهر على انتهاء العلاج ولا يعطى هذا العلاج لمن هم أقل من 18 سنة.

أما إذا رغب المريض فى تلقى العلاج على نفقته الخاصة فإنه يقوم بإجراء التحاليل المطلوبة وتقديم الأوراق اللازمة لذلك وتتراوح تكلفة العلاج من 2500 جنيه إلى 3500 جنيه شهرياً حسب نوع ومدة العلاج التى تتراوح من 3 و6 أشهر، كما أن هناك قائمة انتظار للمرضى على نفقتهم الخاصة وتتحدد أولوية المريض على حالته الطبية وليس على آلية دفع العلاج.

ورغم كل ذلك إلا أن هناك بعض المحاذير والموانع التى يجب عندها عدم استخدام السوفالدى وهى:

أولا: إذا كانت حالة الكبد أو الكلى بها مشاكل كبيرة أو إذا كنت على وشك عمل زراعة كبد عندها يجب التوقف عن تناول السوفالدى.

ثانياً: إذا كانت لدى الجسم حساسية من المادة الفعالة لعقار السوفالدى عندها أيضاً يجب الامتناع أو التوقف عن تناوله.

ثالثاً: يمنع استخدام العلاج بعقار السوفالدى فى حالة السيدات الحوامل لأن له تأثيراً ضاراً على الجنين ويجب عدم تناوله فى حالة الحمل وكذلك فى حالة الرضاعة الطبيعية لأنه ينتقل من خلال لبن الأم إلى الطفل ويؤثر تأثيراً ضاراً على صحته.

خامساً: يمنع استخدامه فى حالة تناول أدوية أخرى لعلاج فيروس سى لعدم حدوث مضاعفات سيئة على صحة المريض، كما يوجد بعض الأدوية يمنع استخدام السوفالدى معها لذلك يجب استشارة الطبيب المتخصص فى حالة تناول السوفالدى مع عقارات أخرى لعلاج أمراض أخرى أو لعلاج نفس المرض وهو فيروس سى الوبائى.

أمام بوابات معهد الكبد شاهدنا طوابير المرضى فى انتظار دورهم فى صرف علاج السوفالدى على نفقة الدولة خاصة بعد أن طفح الكيل من الأدوية والعقاقير التى اشتروها على نفقتهم الخاصة ولا تحسن من حالتهم.

ويقول عم إسماعيل عبدالسميع الذى يبلغ من العمر 65 عاماً: جئت من محافظة المنيا للحصول على العلاج بعد أن نجحت فى التسجيل عبر البريد الإلكترونى وأنا هنا منذ الساعة السادسة صباحاً وسبع ساعات من الانتظار وإلى الآن لم أحصل على أى شيء.

ويتدخل فى الحديث رجل خمسينى ويقول: اكتشفت إصابتى بالمرض اللعين منذ عامين فقط وأنا أعانى الأمرين فى الحصول على العلاج من التأمين الصحى حيث إننا ننتظر من الصباح الباكر للحصول على الدواء، ويضيف: تناولت جرعة كاملة من الإنترفيرون على مدار سنة كاملة ولكن بعد 6 أشهر أثبتت التحاليل أن الفيروس ما زال ينتشر فى جسدى بل وزادت حدته.

وبعينين زائغتين قالت أمل وهى ممسكة بأوراق وروشتات وتحاليل أنا هنا منذ شهر سبتمبر الماضى ولا أستطيع صرف العلاج حيث إننى أرملة ولدى أربع أبناء أصبت ببتر فى أصابع يدى اليمنى أثناء العمل مما أصابنى بالفيروس اللعين ومنذ ذلك الوقت وأنا أتردد على معهد الكبد لتلقى العلاج إلا أنهم فى كل مرة يتعللون بأن الأوراق غير كاملة أو أننى أحتاج إلى تحاليل إضافية ولا أعرف ماذا أفعل للحصول على العلاج.

وعلى «السلالم» جلس عم محمد عبدالله والبالغ من العمر سبعين عاماً داعياً الله أن يحصل على العلاج دون مشكلات، فالمرض أجهده على مدار 17 عاماً لم يشعر بأمل الشفاء منه إلى أن سمع عن العقار الجديد ويخاف أن يقرر الأطباء عدم أحقيته بالعلاج لسوء حالته متمنياً أن يحصل عليه ليتعافى خاصة أنه يربى أبناء نجله بعد وفاته ويقول «مش عايز من ربنا حاجة غير أن ربنا يشفينى وأقدر أربيهم»، وتعانى سيدة سعد 64 عاماً من فيروس سى منذ 10 أعوام وتقول: حصلت على 48 حقنة من «الإنترفيرون» وبعدها أخبرنى الأطباء بأنى شفيت تماماً من الفيروس إلا أننى فوجئت منذ عدة أشهر وبعد 5 سنوات من الشفاء بعودة المرض من جديد فتوجهت لأحد كبار أساتذة الكبد الذى نصحنى بانتظار العلاج الجديد وتجهيز جميع الأشعة والفحوصات اللازمة لذلك.