رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مستشفيات التأمين الصحي.. سلخانات للمرضى

بوابة الوفد الإلكترونية

مستشفيات التأمين الصحي والعام حلقات لا تنتهي من الإهمال والفوضي والعشوائية، وسوء التعامل مع المرضي وتدني مستوي الخدمات فأصبح المريض الذي يدخلها طلبا للعلاج من مرض يخرج حاملا مرضين أو ثلاثة. فمعظم الأطباء في مستشفيات وعيادات التأمين الصحي لا يلتزمون بالمواعيد المحددة في الفترة الصباحية ولا يقومون بالكشف بضمير علي المرضي بل يكتفون بسماع أعراض المرض من فم المريض ويكتبون ما تيسر لهم من علاج، والمرضي لا حول لهم ولا قوة معظمهم يأتي بعد صلاة الفجر للجلوس أمام المستشفي أو العيادة في انتظار موعد فتح أبوابه في الثامنة صباحا حتي يضمن له دورا في أول الكشف ثم عليه بعد ذلك أن ينتظر ساعتين أو أكثر حتي يحضر الطبيب والذي لا يأتي قبل الساعة 10 أو 10:30 رغم أن مواعيد عمله تبدأ في الثامنة صباحا، ومن المفترض أن كل طبيب ملزم بالكشف علي 40 حالة تقريبا يوميا، ولكن الطبيب لا يلتزم أبدا بهذا العدد حتي يتمكن من الانصراف في الـ12 ظهرا أو الواحدة علي أقصي تقدير تاركا خلفه العديد من الحالات المريضة التي مازالت أمام العيادة دون أن يصيبها الحظ في المثول بين يديه للعلاج.

كما أن الممرضة تجمع فقط بطاقات الكشف الصحي من الساعة 8 الي الساعة 9 صباحا وبعد هذا الوقت لا تقبل أي بطاقة فيكتفي الطبيب بالكشف علي الحالات التي تم جمع بطاقاتها دون الآخرين ويبقي مصير باقي المرضي في يد طبيب الفترة المسائية الي الساعة 2 تقريبا.

«الوفد» التقت بعض المرضي والعاملين بعدد من المستشفيات العامة والتأمين الصحي لتنقل عن قرب معاناتهم وشكاواهم.

 

عيادة عرابي الشاملة

هي عيادة تأمين صحي مقرها بمنطقة إمبابة بالقرب من المعهد القومي للقلب، عندما تسير في الشارع المؤدي الي العيادة ستجد القمامة تحيط بها من كل مكان وحينما تدخل العيادة سيلفت انتباهك ورقة مكتوب عليها «المصعد معطل»، علما بأن هذه العيادة يوجد بها أقسام «قلب، عظام، باطنة، أشعة، أنف وأذن وحنجرة وغيرها» ومعظم المرضي «كبار في السن محالين علي المعاش» أي لا يستطيعون صعود السلم لذلك عندما يأتي رجل مسن أو شخص مريض بالقلب أو قدمه مكسورة يتطوع مرضي آخرون أولاد حلال ليحملوه الي العيادة في الدور العلوي.

داخل العيادة ستجد دورات مياه قذرة غير آدمية تفوح منها أبشع الروائح ولن تجد بها مياه، الأسرّة داخل غرف العيادة قذرة مليئة بالبقع، الأرضيات لم تطلها يد النظافة.

 

هناك التقيت عم نور محمد - 63 عاما - كان يعمل في إحدي الشركات بعدما أحيل للمعاش كانت بطاقته التأمينية تتبع مستشفي امبابة العام، ولكن تحويله فيما بعد الي عيادة عرابي نظرا لأن المستشفي أصبح لا يستقبل حالات التأمين الصحي.

ويحكي عم نور أنه تعرض لحادث وأصيب بكسور في قدميه فتم نقله الي أقرب مستشفي وهو امبابة العام الذي قام بتحويله الي مستشفي أكتوبر «تأمين صحي» وهناك ظل يتألم دون إسعاف أو علاج سريع ولم يتم إجراء عملية تركيب مسامير وشرائح في قدميه إلا بعد 15 يوما من إصابته ذاق خلالها كل العذاب.

ويتابع عم نور أنه بعد إجراء العملية بفترة ظل يتردد علي عيادة «عرابي» حتي يتابع  أحد الأطباء حالته وإجراء الأشعة وفوجئ أن الممرضة ليست الدكتورة المختصة هي التي تدير قسم الأشعة لأن دكتورة الأشعة تقضي ساعات عملها في العيادة في التسلية والأكل وشرب الشاي.

وتدخل مريض آخر في الحديث ليشكو من سوء معاملة بعض الممرضات والعاملين بصيدليات العيادة للمرضي وكأن المرضي جاءوا ليتسولوا منهم الدواء.

وعلي الجانب الآخر يقول «سرحان، 52 عاما، مسئول أمن في العيادة: إن المصعد معطل منذ أسبوعين وتم تبليغ شركة الصيانة ولم تأت إلا يوم الخميس الماضي لمعاينة المصعد ووعدت بالعودة فيما بعد لإصلاح العطل وأنه نادرا ما يكون في الخدمة.

ويشكو «سرحان» من تدني مستوي الأجور، الأمر الذي جعل معظم العاملين بالمستشفي يعملون بوظيفتين ففي النهار يقومون بأداء أعمالهم في المستشفي وفي المساء يذهبون للعمل بوظيفة أخري، وأنه شخصيا يعمل مسئول أمن بالنهار في العيادة وبعد الظهر يعمل في مغسلة لكي الملابس ليوفي باحتياجات أسرته المكونة من زوجة وأربعة أولاد.

 

مظهر بلا جوهر

 

أما مستشفي إمبابة العام وهو مستشفي قطاع عام بمنطقة إمبابة وعلي بعد أمتار من عيادة «عرابي»، مظهر المستشفي من الخارج يوحي بالنظافة والتطوير مقارنة بنظيره في «عرابي»، ولكن من الداخل ستكتشف أن المظهر يختلف عن الجوهر تماما، فمظاهر الإهمال وعدم النظافة سواء في الحمامات أو في أقسام الرجال أو السيدات هي سيد الموقف والروائح النتنة تنبعث من كل مكان.

ويقول سيد، 30 عاما، نجار موبيليا: دخلت زوجته قسم الولادة لتضع

مولودهم الأول وفوجئ بأسوأ معاملة معه هو وزوجته من العاملين والممرضات وأنه حتي يتمكن من أن يطمئن علي زوجته فور خروجها من العمليات لابد أن «يراضي» العاملين والممرضات أي يدفع المعلوم أو ما يطلقون عليه «الشاي»، مؤكدا أنهم مثل المنشار «طالعين واكلين نازلين واكلين».

ويتابع في أسف: إن الإكراميات هي الثمن حتي يتمكن أي شخص من الاطمئنان علي زوجته ومن لا يدفع لا يراها ولا يستطيع الاطمئنان عليها فور خروجها من غرفة العمليات.

وقالت مريضة تدعي «سعدية، 45 عاما» في قسم الجراحة العامة للسيدات: رغم متابعة الأطباء لحالتي بعد إجراء العملية إلا أنني أعاني من قذارة الغرفة وقذارة الأسرّة التي يرقدن عليها فور خروجهن من العمليات، كما أن هذه الأسرّة غير مريحة ولا يوجد أماكن لجلوس زائري المرضي وعليهم البقاء واقفين طيلة الزيارة.

فيما يقول: يوسف محمد رفعت «20 عاما، سائق توك توك»: أصبت في حادث عندما كنت راكبا التوك توك حيث قام سائق ميكروباص بدهسه وهرب وقام أفراد عائلته بنقله الي مستشفي امبابة العام قسم جراحة العظام رجال.

ويتابع «رفعت»: قمت بعمل محضر في سائق الميكروباص فور وصوله إلي المستشفي، حيث أكد أنه يعرف السائق جيدا وعلي دراية بعنوان سكنه، لافتا الي أن المحضر كان في قسم شرطة إمبابة ولكن القسم أرسله الي قسم شرطة العجوزة وإلي الآن لم يتم التحقيق أو القبض علي السائق.

وأكد «رفعت» أن حالته تتطلب عمل جراحة لتركيب شرائح ومسامير، وأنه قام بدفع تكاليف العملية التي تقدر بحوالي 1500 جنيه ولكن لم تجر له العملية منذ دخوله الي المستشفي في 16 أغسطس الماضي الي الآن لأن المستشفي ليس به الطبيب المختص بإجراء هذه الجراحة له، بجانب تعطل بعض الأجهزة الطبية في قسم العظام.

وأشار «رفعت» الي أنه منذ دخوله الي المستشفي وتشخيص الطبيب لحالته لم يتابعه منذ ذلك الحين ولم يطمئن علي حالته، وهو ما يهدد قدميه بكارثة حيث تتدهور حالته، وما يمكن علاجه اليوم سيكون من الصعب علاجه غدا، مشيرا الي خوفه من تحوله الي معاق لأن الطبيب غير موجود.

 

وحالة أخري هو ياسر صلاح، 30 عاما، أصيب في حادثة علي أثرها تتطلب إجراء عملية جراحية في ساقيه لتركيب المسامير والشرائح ولكن لم تجر له العملية منذ دخوله المستشفي رغم سداده تكاليف العملية، لافتا الي أن الممرضة اكتفت معه بوضع مطهر للجروح ولفت ساقيه بالقطن والشاش، وأنه لم يزره أي طبيب ليتابع حالته منذ دخوله المستشفي ولم يتم التغيير علي الجرح منذ عدة أيام حتي أصيبت جروحه بالتقيحات الخطيرة.

وأشار «صلاح» الي أن الطعام الذي يقدم لهم رديء للغاية، ففي الإفطار تكون الوجبة مكونة من «قطعتين جبنة نستو + قطعتين حلاوة طحينية منتهية الصلاحية تقريبا منذ عام 2005»، أما في الغداء فتكون الوجبة مكونة من «أرز + قطعة لحم أو دجاج صغيرة»، ووجبة العشاء نفس الإفطار، مشيرا الي أن المرضي يدفعون ثمن كل شيء من  تأمينهم الصحي، ويجب أن تكون الخدمة الطبية والرعاية والوجبات أفضل وأكثر عناية مما هو عليه الآن.