عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكايات من تاريخ مصر .. امرأة بألف رجل

بوابة الوفد الإلكترونية

شهور قليلة عرفت مصر فيها حُكم النساء فى وسط معارك صاخبة وأخطار متعددة ودسائس لا حصر لها.

تلك كانت شجر الدر الجارية الحسناء التى اشتراها الملك نجم الدين أيوب آخر سلاطين الدولة الأيوبية ثُم أعتقها وهام بها حُبا وتزوجها لتُنجب له الأمير خليل، والذى توفى صغيرًا قبل أن يُصبح وليا للعهد.

كان السلطان مريضًا عندما تعرضت مصر لغزو صليبى ضخم،ونجحت شجر الدُر فى إخفاء خبر وفاته واستغلت وجود ختم السلطنة فى تدبير الأمور واستدعاء القواد وابلاغهم بتعليمات وقرارات السلطان حتى انتصرت مصر انتصاراً مُبهراً على جحافل الصليبيين الغزاة.

وقدمت شجر الدر المصلحة العُليا على مصلحتها الذاتية عندما استدعت توران شاه ابن نجم الدين أيوب لتُخبره بوفاة والده وتستحثه لقيادة شئون البلاد فى تلك الأوقات العصيبة. والواضح أن ذلك الابن لم يكن على دراية بشئون السياسة حتى أنه اصطدم مبكراً بقادة مماليك والده وتوعد بقتلهم، لكنهم أسرعوا باغتياله ليلحق بوالده سريعاً.

فى تلك الأثناء لم تجد شجر الدر بُدًا من استلام الحكم فعليا نظرا لحجم التقدير والاحترام الذى كان يكنه فرسان المماليك لشخصها، وقد استندت شجر الدر إلى كونها أم امير حتى لو كان قد توفى لذا فقد وقعت مراسلاتها بلقب «والدة خليل» وخطب لها على المنابر، وربما كانت المرة الوحيدة فى تاريخ ممالك المسلمين التى يُخطب فيها على المنابر باسم سيدة. وقد حرصت الملكة على تخليد اسمها فسكت عملات تحمل اسم «الملكة المستعصمية والدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين».

على أى حال فإن ذلك الوضع الغريب فى مصر لم يعجب بقايا الخلافة العباسية فى بغداد، وبعث الخليفة رسائل إلى كافة القادة المماليك يستفز رجولتهم قائلاً إن الملكة المتوجة كانت ضمن حريم قصره، وأنه «لو كان

الرجال عدمت فى مصر فإن عليهم أن يبلغوه ليبعث لهم رجلاً».

هُنا اضطر الأمراء إلى الاجتماع ثُم اتفقوا على ضرورة زواج أحدهم بالملكة لتولى شئون مصر، ووقع اختيارهم على الأمير عز الدين أيبك والذى لُقب بالملك المُعز.

وقد حارب أيبك جيشاً غازيًا من سورية من بقايا البيت الأيوبى وانتصر عليها، لكن شجر الدر نفسها تحولت إلى عدو له بعد أن خطب ابنة حاكم الموصل، وانتهزت الملكة غياب خواصه وأوعزت إلى بعض الخدم بقتله داخل حمامه بعد أن منحتهم أكياسا من الذهب.

والمثير أن شجر الدر خرجت لتدعى وفاة أيبك بشكل طبيعى، إلا أن بعض فرسانه ارتابوا فى الأمر وقاموا بتعذيب الخدم حتى اعترف بعضهم بقتله بأمر من شجر الدر.

وسارع المماليك بالقبض على شجر الدر وإلقائها فى السجن لحين إحضار زوجة أيبك لتقتص منها، وانشغلت الملكة الأسيرة بتحطيم مجوهراتها الذهبية وتحويلها إلى رماد حتى لا تلبسهن سيدة بعدها، ثُم خضعت للموت بالقباقيب الخشبية على أيدى عبيد ضرتها، وألقى جسدها عاريا فى خندق جوار القلعة حتى حملها أحد الأعيان ودفنها قرب مشهد السيدة نفيسة فى قبر صغير مازال يحمل اسمها حتى الآن.