رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الموسيقى التصويرية تواصل معزوفة الانهيار

بوابة الوفد الإلكترونية

انتهى موسم دراما رمضان، وبدأنا مرحلة جديدة من الإعداد للموسم القادم، وهو أمر جيد أن يتم من الآن وضع الخريطة الدرامية المصرية قبل عام تقريباً، لكن من الآن أيضًا يجب أن يضع صناع الدراما المشاكل والأزمات التى مرت بها أعمال رمضان الماضى، وأهمها التراجع الكبير لمستوى الموسيقى التصويرية، وألحان وموسيقى التترات.

فالدراما المصرية كل عام تتراجع بشكل كبير وعجيب على المستوى الموسيقى وكأن هناك تهميشا مقصودا لهذا الفن رغم وجود اسماء نمتلكها لها تاريخ طويل فى هذا العالم، وضعت الموسيقى التصويرية المصرية جنبًا إلى جنب مع مثيلتها العالمية، لكن يبدو أن صناع الدراما وأبطالها يرون أن الشق الفنى لايستحق الاهتمام، وبالتالى كان سعيهم وراء أسماء لا يجب أن تصنف ضمن قائمة مؤلفى الموسيقى التصويرية.. هذا العام شاهدنا وجود بعض أنصاف الملحنين ممن اشتهروا بسرقة الجمل الموسيقية والألحان سواء المصرية والعالمية ضمن قائمة الأسماء التى وضعت الموسيقى التصويرية، بعضهم تم الاستعانة به لمجرد أن صوته عال واستطاع ان يصنف نفسه من الكبار لمجرد «الدوشة» التى كان يحدثها كل فترة وللأسف هذا الامر جعل جهات كثيرة تستعين به سواء على مستوى التلحين أو التأليف الموسيقى، وآخر اشتهر بالسطو على جمل بليغ حمدى ووضعها فى اطار جديد، وثالث لا يفرق بين لحن أغنية، ووضع جملة موسيقية على مشهد مصور، ومع الأسف وجدنا بعض ضعاف النفوس من الاعلاميين يهللون لهذا الانهيار والسنة والتدنى، وآخرون تصوروا أن تقييم الموسيقى التصويرية فى استخدام المقام الموسيقى، وهذا يعنى أنهم يجهلون ماذا يعنى مصطلح الموسيقى التصويرية، ولأننا فى زمن شاع فيه الجهل والتخلف والفساد الفنى، وأصبحت الشللية تسيطر على كل شىء بداية من الاختيار، ونهاية بعمل حملات اعلامية لدعم هذا والتنكيل بآخر.

الفن المصرى بهذا المنطق كل يوم يفقد أحد أهم أسباب نبوغه وتفوقه على مر التاريخ، فالفن المصرى عبر تاريخه قدم للعالم العربى مجموعة كبيرة من أهم الموسيقيين سواء على مستوى التلحين أو التأليف الموسيقى، وكما منحنا الله هذه الأسماء الفذة، منحنا خلال هذا العصر الذى تعيشه مجموعة من «النصابين» والتى تكمن موهبتهم فى الكلام وكيفية صناعة الشو الاعلامى كما يجب أن يكون، ومع وجود أبواق إعلامية تتمتع بنفس الصفة وهى النصب والجهل، وجدنا تلك الأسماء عديمة الموهبة تحتل الشاشات لساعات طويلة، كما احتلت الوسط الموسيقى لسنوات طويلة.

هذا العام غاب كل رمز التأليف الموسيقى عن دراما رمضان الا قليلًا غاب ياسر عبدالرحمن وعمر خيرت، وأتصور أن غيابهم جاء بشكل اختيارى لأنهم يرفضون التواجد وسط هذا المناخ السيئ، وأتذكر أن الموسيقار الكبير عمر خيرت عندما سألته عن سبب غيابه، رد قائلا: الحمد لله أننى غبت، لأن الدراما المقدمة لم تكن على المستوى المطلوب، وأتصور أن ياسر عبد الرحمن غاب لهذه الأسباب أيضاً، وهناك أسماء أخرى غابت عن المشهد رغم أنهم حققوا نجاحات كبيرة فى هذا العالم، فالموسيقار الكبير محمد على سليمان يحسب له أنه صاحب أول تتر انتشر فى العالم العربى وهو تتر مسلسل «الضباب» الذى غناه شقيقه الراحل عماد عبد الحليم، وما زال هذا التتر يحقق نسب مشاهدة على اليوتيوب، أيضًا غاب موسيقار كبير بحجم جمال سلامة له أعمال لا تنسى أبرزها رائعته
«محمدًا يا رسول الله».

وكان حضور ميشيل المصرى صاحب التتر الأشهر «ليالى الحلمية» من خلال الجزء السادس لهذا العمل، لكن ميشيل غاب منذ سنوات رغم كل ما يمتلكه من فكر وإبداع، أيضًا غاب شعراء كبار مثل جمال بخيت وسيد حجاب الذى تواجد بالحلمية فقط، كما غابت أسماء لها فضل

كبير فى انتشار التترات مثل الحجار والحلو.

رمضان الماضى لم نشعر أن هناك تترا حقيقيا يجعلك تقف أمامه، وتقول أنه يعبر عن مضمون العمل يأخذك لبيئة الاحداث الحقيقية، لكننا شاهدنا واستمعنا إلى أغانى تصلح لكى تستمع اليها كأغنية منفصلة، أو انك لو وضعتها فى مقدمة أى مسلسل آخر لن تنتبه لأنها مجرد أغانى عادية، ولو حاولت أن تدخل إلى المشاهد الدخلية للعمل، لن تجد جملة موسيقية تتوقف أمامها.

تعلمنا من كبار واضعى الموسيقى التصويرية وأبرزهم الراحل الكبير عمار الشريعى أن الموسيقى التصويرية ترجمة حقيقية لمشاعر وأحاسيس تدفع المشاهد لمزيد من الانسجام مع اداء الممثل، وفى احيان كثيرة كان الفنان الكبير يحيى الفخرانى يطلب الاستماع إلى موسيقى بعض المشاهد قبل أداد المشهد حتى يتشبع من الاحساس الموسيقى الذى وضعه المؤلف الموسيقى، تعلمنا من عمار الشريعى أيضًا أن المؤلف الموسيقى لا بد أن يكون مثقفا وملما بموسيقى الشعوب والحضارات المختلفة، كما يكون ملما بتراثها، وأهم الآلات التى تنتمى بكل مدينة ونجع وقرية داخل مصر، وكذلك خارجها حتى يعبر التعبير الموسيقى الذى يليق بالأحداث، وشاهدنا واستمعنا إلى هذا فى موسيقى الراحلين عمار الشريعى، وحسن أبوالسعود، وتشبعنا بها فى أعمال عمر خيرت، وياسر عبد الرحمن، وجمال سلامة وميشيل المصرى ومحمد على سليمان.

الأزمة الحقيقية التى نعيشها أن البعض تصور أن نجاح أو انتشار أغنية له تعنى أنه أصبح موسيقارا بما تحمله الكلمة من معنى، وللأسف هناك من يشجع على هذا الفساد الفنى، خاصة أننا بدولة بحجم مصر قدمت للعالم العربى أهم الموسيقيين على مر العصور، وبالتالى لا يمكن أن نصل إلى هذا المستوى، بل ونجد من يبارك هذا الانهيار والتراجع، وكأن هناك مؤامرة على الفن المصرى، شاهدوا الاعمال الدرامية السورية واللبنانية والتركية واستمعوا إلى الموسيقى التصويرية فى هذه الاعمال وفى هذه اللحظة فقط سوف يعى بعض الجهلاء من الاعلاميين ممن يروجون لهذا السفه الموسيقى كم أنهم يرتكبون جرائم ضد هذا الوطن لمجرد أنهم يسمحون بهذه النوعية من الظهور، كما أن اصحاب الاقلام الضحلة والمتخلفة التى تطلق على كل من هب ودب كلمة موسيقار أو ملحن عليهم أن يتواروا تحت التراب لأنهم أساءوا لمهنة لصحافة قبل الإساءة للموسيقى والغناء، اما صناع الاعمال الدرامية فأتصور أن سخط الناس على تلك الاعمال الدرامية المقدمة هو الجزاء الوحيد الذى يليق بهم.