رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حول الأخلاق

بوابة الوفد الإلكترونية

لإدراك قيمة الوقوف أمام هذا العلم الذى بمعرفته والوقوف على ثماره وتطبيقاته من خلال تناول نماذج للقيم الأخلاقية سوف يستغرقنا حتى نهاية هذا الشهر الفضيل، بات من المؤكد أن دراسة علم الأخلاق من أهم قضايا الإنسانية التى تسمو، وتبصِّر الإنسان بتاريخ هذا العلم العظيم والعريق منذ التاريخ القديم. فقد كانت الفلسفة اليونانية القديمة تقسم نفسها إلى علوم ثلاثة هى: المنطق - الطبيعة - الأخلاق، وعلم الأخلاق ينقسم إلى: «علم الأخلاق النظرية - علم الأخلاق العملية» ونبدأ بالتعرف أولاً على كلمة أخلاق: «الأخلاق وهى جمع كلمة خلق: ومعناه الأصلى مأخوذ من فعل معناه «يشكل»، «يكون»، و«يبنى»، وقد كانت تستخدم فى عصر مبكر للدلالة على العمل الذى يقوم به صانع الفخار أثناء تشكيله الأوانى الصلصالية فوق عجلته، الذى يتركه الختم المنقوش فوق الطين اللين أو الشمع، أو بمعنى الطابع الذى فوق المعدن فى سك النقود، هذا المعنى سيكون له مدلوله فيما بعد، لأن الطبع والنقش يعنى الوجود المستمر للصورة المنقوشة على الشىء والملازمة له فى قيمته وهويته، وكذلك الفعل الخلقى الذى نقش وحفر فى أعماق الإنسان حتى يصبح عادة وطبعاً.

وقد أصبحت كلمة «أخلاق» فى الدولة المصرية القديمة لها مدلول اجتماعي حتى صارت بمثابة قوى اجتماعية أفضت إلى المصطلح الذى عرف باسم كلمة «ماعت»، وتعنى الحق والصدق والعدل والصواب والاستقامة، وبعبارة أدق تعنى «النظام الخلقى الذى كانت فيه تلك الصفات هى القوى المسيطرة».

أما فى العربية، فنجد أن كلمتى الأخلاق والآداب.. وإن كانت الكلمة الثانية قد استعملت للدلالة على الحكم القصار والجمل التى تعبر عن المعانى الخلقية، كما نجد ذلك فى كتاب «صوان الحكمة» لابن سليمان المنطقى، و«آداب الفلاسفة» لحنين بن إسحاق وغيرهما من الكتب العديدة التى

تتناول تاريخ حكماء اليونان فى اللغة العربية، والكلمة فى الغالب تستعمل فى صيغة الجمع، لكنها تستعمل أحياناً فى صيغة المفرد كما فى الكتب التالية: «أدب الدنيا والدين» للماوردى و«الأدب الصغير» لابن المقفع، وورد فى القاموس المحيط فى معنى الخلق: بأن الخلق السجية والمروءة والطبع، والدين، فسرها ابن عباس بالدين فى قوله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم» وورد عن سعيد بن هشام قال: «أتيت عائشة أم المؤمنين - رضى الله عنها - فقالت: أخبرينى عن خلق رسول الله فقالت: كان خلقه القرآن أما تقرأ: «وإنك لعلى خلق عظيم» ويروى كان خلقه سجيته، أى طبيعته من غير تكلف، وإذا كانت كتب اللغة تطلق الخلق على الطبع، وعلى السجية، فهل هناك فرق بين المدلولين، أم هما من الألفاظ المترادفة؟ الاتجاه من التفسيرات المختلفة فى علم النفس والأخلاق يتضح بعض الفروق، حيث إن الطبيعة تطلق على الخلق الفطرى هو الجبلة التى خلق الإنسان عليها، أما السجية فتطلق على الفطرى والمكتسب إذا أصبح عادة، ولعل قول حسان بن ثابت مما يؤيد ذلك: سجية تلك منهم غير محدثة.. ان الخلائق فاعلم شرها البدع.

وللحديث بقية.