عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأسواق البديلة.. خرابات رسمية لحكومة التخطيط العشوائي

بوابة الوفد الإلكترونية

   الأسواق البديلة.. حل رفعته الحكومة للتخلص من الباعة الجائلين المنتشرين بالشوارع والميادين، وبالفعل نقلت هؤلاء الباعة، فأنفقت ملايين الجنيهات على هذه الأسواق ولكن خاب اعتقادها وثبت فشل تخطيطها العشوائى، عندما تحولت هذه الأسواق إلى خرابات رسمية هجرها التجار، والغريب فى الأمر تجاهل الحكومة ما يعانيه التجار من مشاكل فى الأسواق البديلة وعادت من جديد لتنادى بنقل الباعة الموجودين بمنطقة العتبة لأسواق حضارية، وذلك بعد اندلاع حريق الرويعى، وتناست الحكومة افتقاد الأسواق البديلة لأبسط وسائل الأمن والأمان مما يجعلها عرضة لتكرار نفس المأساة هناك.

 

أسواق الترجمان تحولت إلى صحراء

لم تكن أسواق الترجمان وأحمد حلمى هما أول وآخر التجارب الفاشلة التى خططت لها الحكومة فى الأعوام الماضية، فقد قامت أيضا محافظة القاهرة بإنشاء سوق حلوان وتوشكى بمنطقة حلوان لنقل 3 آلاف بائع متجول تم تسكينهم بتلك الأسواق بتكلفة مالية 100 مليون جنيه حيث يستوعب سوق عين حلوان نحو 700 باكية وتبلغ مساحته 5 آلاف متر،  هذا السوق هجره الباعة لعدم وجود زبائن، نفس الأمر تكرر مع سوق توشكى الذى تبلغ مساحته نحو 1200 متر، ويضم نحو 800 باكية. كما سبق وأقامت محافظة القاهرة سوق بمدنية 15 مايو بتكلفة مالية تقدر بنحو 100 مليون جنيه لاستيعاب 979 بائعا، وذلك لنقل الباعة الموجودين بمنطقة التونسى إليه، إلا أن هذا السوق رغم ما أنفق عليه من ملايين الجنيهات ذهبت أدراج الرياح، ولم يتم نقل أى باعة إلى هناك منذ أن تم انشاؤه فى عام 2014 الماضى، الأمر الذى يؤكد فشل التعامل مع الأزمات حتى الآن وإهدار ملايين الجنيهات على الأسواق الخالية من الباعة.

 

صرخات بلا فائدة

«الوفد» قامت بجولة بأسواق الترجمان وأحمد حلمى لإلقاء الضوء على الأوضاع هناك حيث فوجئنا بخلو سوق الترجمان من الباعة والزبائن أيضا وانتابتنا حالة من الدهشة والذهول بعد أن هجره الباعة ولم يتبق منهم سوى 15 بائعا فقط، جلسوا يشكون حالهم من عجزهم عن البيع، وارتفعت صرخاتهم التى تجاهلها المسئولون فإقبال المواطنين مازال ضعيفا، ويكاد يكون منعدما، وهذا ما أكده أحمد على محمد الذى يبلغ من العمر 53 سنة ويقول: فى البداية وعدتنا المحافظة بتسلم أماكننا مؤقتا ولمدة 6 شهور ولحين استكمال إنشاء سوق «وابور الثلج» إلا أن تلك الوعود لم تنفذ حتى الآن، هذا فضلا عن سوء الأوضاع بالسوق فبعد أن كنت أحقق أرباحا من البيع فى الشارع أصبحت الآن لا أجد قوتا يوميا. كما طردت من المنزل لعدم سداد الإيجار لعدة شهور، وهجرتنى زوجتى بسبب عدم و جود مصدر رزق لى، وتركت 5 أطفال فى مراحل تعليمية مختلفة وتعرضت لخسائر مالية ضخمة بسبب غياب الإقبال على السوق، ورغم استغاثات الباعة بالسوق إلا أن المسئولين لم يهتموا بأمرنا، ويتساءل: ماذا أفعل فأنا لم أعد قادرا على العمل فى أى مهنة أخرى بعد أن أصبت بالأمراض التى جعلتنى عاجزا عن الحركة، ولمن نشكو مصابنا.

أما أم إسلام فقد أقسمت بالله أنها اضطرت لاستدانة مبلغ 20 ألف جنيه منذ أن جاءت إلى السوق وذلك من أجل الإنفاق على أبنائها الأربعة الذين رسبوا فى الدراسة بسبب عدم قدرتها على إعطائهم الدروس الخصوصية فهى تأتى يوميا فى المواعيد التى  خصصتها لهم المحافظة من الساعة العاشرة صباحا حتى الثالثة ظهرا ومع ذلك لا يوجد زبون واحد يمر فى المكان.

ويلتقط الحاج سيد أطراف الحديث لتتعالى صرخاته بمجرد رؤيتنا قائلا: نعانى من «وقف حال»، منذ قدومنا لهذا السوق، فأوضاعنا تزداد سوءا يوما بعد يوم ولم أعد قادرا على الإنفاق على بيتى لعدم وجود مصدر رزق، ولا نعلم لمن نلجأ ونحن على أعتاب شهر رمضان ولم أعد أملك ثمن شراء احتياجاته، وطالب المسئولون بالمحافظة بضرورة النظر إلى الباعة فى السوق بعين الرأفة.

وتشاركه الحديث سماح إبراهيم، بائعة مفروشات، فتقول: بعد أن كنت أحصل على مكاسب تصل إلى 500 جنيه يوميا أثناء  وجودى فى الشارع انهار كل رأسمالى وضاعت أموالي، ولم أعد أجد من يشترى البضاعة، فلجأت لبيع المفروشات لأصدقائى وجيرانى بالتقسيط، حتى أتمكن من الإنفاق على أطفالى الأربعة، ولم يقف  الأمر عند هذا الحد، بل اضطررت لبيع عفش المنزل، حتى أتمكن من تلبية احتياجات المنزل، أما حسن إبراهيم فبعد أن ضاقت أمامه الدنيا لعدم وجود مصدر رزق أمامه، فقد قام بتطليق زوجته، وتحدث معنا بانفعال شديد قائلا: احنا بيوتنا اتخربت.. ويتساءل: لماذا تعاملنا الحكومة بهذا التجاهل، فنحن لم نعترض على قرار المحافظة بنقلنا للأسواق الحضارية لكننا منذ مجيئنا للسوق ونحن نعيش فى مأساة، فالفقير فى هذا البلد ليس له وجود، فمن أين أقوم بإطعام أطفالى وأنا لا أجد قوت يومى، فقد اضطررت للاستدانة ولا أعرف من أين سأتمكن من السداد، والتقط عادل عيد أطراف الحديث قائلا: من أين نعيش وهل تقبل الحكومة بتشريد أبنائنا، احنا مش لاقيين ناكل، ويتساءل: لماذا لم يهتم المسئولون بأوضاعنا منذ مجيئنا إلى هنا، فقد أصبحنا مشردين وننتظر قدوم شهر رمضان بفارغ الصبر حتى نحجز أماكن بموائد الرحمن، فعندما كنا باعة متجولين بالشوارع كنا نتحمل مطاردات  الحكومة لكن فى النهاية نجد مصدر رزق جيد، فاليوم فى الشارع بشهر فى هذا السوق.

 

إقبال ضعيف

عندما توجهنا لسوق أحمد حلمى خلف محطة السكة الحديد لم يختلف الوضع كثيرا فقد هجر الباعة السوق وظلت الباكيات التى خصصتها الحكومة خاوية باستثناء ما يقرب من 12 بائعا تقريبا، وتحول المكان لصحراء بعد أن يأس التجار من عدم إقبال المواطنين على السوق هذا فضلا عن صغر حجم الباكيات التى خصصتها المحافظة والتى لا تتعدى متر*متر تقريبا، مما يجعلهم غير قادرين على فرش بضائعهم أو تخزينها.

وعندما التقينا بالباعة  كانت ملامح الحزن والبؤس ترتسم على وجوههم حيث أكد إبراهيم سيد بائع أحذية أنه لم يعد قادرا على الإنفاق على أسرته منذ مجيئه لسوق أحمد حلمى، فقد تحول السوق إلى خرابات تخلو من الباعة والزبائن. وتحدث قائلا: نعانى من مشاكل عديدة بالسوق فالأوضاع أصبحت سيئة للغاية ونظل طوال اليوم فى انتظار مجىء زبون واحد، ونحن الآن فى أوقات صعبة والحياة المعيشية سيئة ومع

ذلك لم يهتم المسئولين بحل مشاكلنا رغم علمهم بما نعانيه من أزمات فأنا لدى 4 أطفال ولم أستطع الإنفاق عليهم لعدم وجود دخل أو مصدر رزق منذ مجيئى للسوق، ويتساءل: لماذا تتركنا الحكومة ولا تهتم بشئون الفئات البسيطة.

فأين العدالة الاجتماعية فنحن مواطنون ولنا الحق فى العيش بكرامة أما عبدالمنعم محمد فيصرخ من عدم وجود زبائن بالسوق وكان عبوس الوجه، ويقول: أبلغ من العمر 55 عاما ولم أعد قادرا على البحث عن مهنة بديلة، فالباعة فى السوق حالهم واقف ومنذ الصباح حتى الآن لم يدخل  جيبى جنيها واحدا، كما هجر الباعة الأسواق بعد أن سقطت عليهم المظلات الصاج التى تغطى أرجاء السوق لحماية الباعة من حرارة الجو، وبعد إصلاحها رفض الكثيرون العودة، وعاد العشرات منهم للشوارع مرة أخرى من أجل الحصول على مصدر رزق لهم.

أما عم محمد فيشكو من عدم وجود مصدر رزق وغياب الخدمات، فلا توجد حمامات آدمية للباعة.

كما توجد عيوب فنية بالسقف المصنوع من الصاج. كما لا  توجد طفايات حريق بالمكان لحماية التجار فى حالة حدوث حريق ويأمل أن يعود مرة أخرى للشارع ولو يوما فى الأسبوع، ويشاركه الرأى عم رمضان قائلا: لا يوجد بيع أو شراء فى المكان الذى تحول إلى خرابات تسكنها الأشباح فلم أعد قادرا على الإنفاق وأضطر للاستدانة ويستغيث بالمسئولين بالمحافظة للنظر فى أوضاعهم وحل مشاكلهم.

 

تجربة فاشلة

 

فى بداية عام 2014 الماضى، بدأت محافظة القاهرة فى تنفيذ خطط نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد والأسواق العشوائية إلى أسواق بديلة، لحماية الباعة من المطاردات المستمرة من رجال الأمن بتسكينهم في أسواق حضارية فوفقا للبيانات بلغ عدد الأسواق العشوائية فى مصر نحو 1099 سوقا منها 143 سوقا بمحافظة القاهرة تفتقد للتنظيم، وتنقسم هذه الأسواق إلى 126 سوقا تجاريا، و7 أسواق حرفية و637 سوقا غذائيا و329 سوقا مختلطا، ويبلغ عدد الباعة الجائلين نحو 6 ملايين بائع وفى أغسطس عام 2014 الماضى قررت الحكومة بدء نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد وطلعت حرب إلى سوق الترجمان، ويبلغ عدد من تم نقلهم نحو 1700 بائع متجول، هذا السوق الذى بلغت  تكاليف إنشائه نحو 10 ملايين جنيه ويتكون من نحو 1000 باكية بمساحة تقدر بنحو 9 آلاف متر مربع، أما المرحلة الثانية من خطة الحكومة لنقل الباعة الجائلين فقد جاءت بعد 6 أشهر من نقل الباعة للترجمان، حيث تم نقل الباعة من منطقة رمسيس إلى سوق أحمد حلمى، الذى أقامته المحافظة بموقف أحمد حلمى خلف محطة السكة الحديد، ويستوعب السوق حوالى 565 بائعا ويتكون من 3 أجزاء، الجزء الأول مقام على مساحة 3 آلاف متر مربع لاستيعاب نحو 365 بائعا، أما باقى الأجزاء فهى مكونة من 100 باكية لكل جزء وتمت تغطية السوق بأكمله من أعلى بالصاج لحماية الباعة والزبائن من حرارة الشمس والأمطار.

عند اندلاع الحرائق بمنطقة الرويعى والغورية بالعتبة، انهالت العديد من التصريحات التى أكد خلالها المسئولون أن هناك ضرورة ملحة لنقل الباعة الجائلين من تلك الأسواق الشعبية والعشوائية للأسواق البديلة التى تقوم المحافظة بإنشائها، وذلك حفاظا على حياتهم خاصة أن الأسواق العشوائية تفتقر لكافة وسائل الأمن والسلامة، والغريب فى الأمر أن الحكومة تجاهلت أمرا فى غاية الخطورة عند إنشاء الأسواق الحضارية التى قامت بنقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد ورمسيس إليها، وهى خلو تلك الأسواق أيضا من وسائل الأمان، فمع الأسف لا توجد طفاية حريق واحدة بتلك الأسواق التى افتقرت أيضا للخدمات، الأمر الذى يؤكد فشل الحكومة الذريع فى التعامل مع أزمة الباعة الجائلين والتى تلخصت فى تفريغ شوارع العاصمة من الباعة، بينما تجاهل العديد من المشاكل التى ظهرت فيما بعد!

أرقام وحقائق

 

إجمالى عدد الأسواق العشوائية فى مصر 1099 سوقا.

126 سوقا تجاريا - 7 أسواق حرفية

637 سوقا غذائيا - 329 سوقا مختلطا

إجمالى عدد الباعة الجائلين 6 ملايين بائع فى مصر

1700 بائع تم نقلهم من وسط البلد إلى سوق الترجمان

565 بائعا تم نقلهم لسوق أحمد حلمى

22 مليونا تكلفة إنشاء سوق أحمد حلمى