بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

كيف تؤثر أدوية فرط الحركة على الدماغ؟.. شرح علمي مبسّط

بوابة الوفد الإلكترونية

لطالما اعتُقد أن الأدوية المنبّهة المستخدمة لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، مثل ريتالين وأديرال، تعمل عبر تصحيح الخلل في "مراكز الانتباه" داخل الدماغ. غير أن دراسة علمية حديثة قلبت هذا التصور رأسًا على عقب، مشيرةً إلى أن هذه الأدوية قد لا تُحسّن الانتباه بشكل مباشر، بل تعمل أساسًا على تنشيط الدماغ وزيادة اليقظة والدافعية، بحسب تقرير نشره موقع "ScienceDaily" العلمي.

 

الدراسة، التي أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس ونُشرت في دورية Cell، اعتمدت على تحليل صور الرنين المغناطيسي الوظيفي لأدمغة نحو 5,800 طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عامًا، ضمن مشروع أميركي واسع يُعرف باسم ABCD، يهدف إلى تتبع تطور الدماغ لدى الأطفال على المدى الطويل.

 

وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين تناولوا أدوية منبّهة يوم الفحص لم يُظهروا نشاطًا أكبر في الشبكات العصبية المرتبطة تقليديًا بالانتباه، كما كان متوقعًا. وبدلًا من ذلك، لوحظ ارتفاع واضح في نشاط الشبكات المسؤولة عن الاستثارة واليقظة، إضافة إلى مناطق دماغية مرتبطة بتوقّع المكافأة والشعور بالتحفيز.

 

وبحسب الباحثين، فإن هذه التغيرات تجعل الطفل أكثر استعدادًا للاهتمام بالمهام التي كان يتجنبها سابقًا، لا لأنه بات "أكثر تركيزًا" بالمعنى العصبي الدقيق، بل لأنه أصبح أكثر يقظة وأعلى دافعية، وهو ما ينعكس سلوكيًا على شكل تحسن في الأداء والانتباه.

 

تأثير يشبه النوم الجيد

ومن النتائج اللافتة أيضًا أن أنماط نشاط الدماغ لدى الأطفال الذين تناولوا المنبهات بدت مشابهة لتلك التي تظهر بعد الحصول على نوم كافٍ. فقد أظهرت الدراسة أن هذه الأدوية قد تعكس بعض التغيرات الدماغية المرتبطة بقلة النوم، وهو ما يفسّر تحسن الأداء الدراسي لدى بعض الأطفال حتى في حال معاناتهم من الحرمان من النوم.

 

لكن الباحثين حذروا من هذه النقطة تحديدًا، مشيرين إلى أن إخفاء آثار قلة النوم دوائيًا قد يؤدي إلى تشخيص غير دقيق لاضطراب ADHD، إذا كانت المشكلة الأساسية ناتجة عن اضطرابات النوم لا عن خلل عصبي.

 

وتفتح هذه النتائج الباب أمام إعادة التفكير في طرق تشخيص وعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، خصوصًا لدى الأطفال. فبدل الاكتفاء بالتحسن السريع بعد تناول الدواء كدليل على صحة التشخيص، يدعو الباحثون إلى تقييم نمط النوم وجودته كجزء أساسي من الفحص الطبي.

 

كما تؤكد الدراسة أن فعالية الأدوية المنبهة لا تعني بالضرورة أنها تعالج السبب الجذري للاضطراب، بل قد تعمل على تحسين الأداء مؤقتًا عبر رفع مستوى اليقظة، مع بقاء الحاجة إلى تدخلات أوسع تشمل النوم، والبيئة المدرسية، والدعم السلوكي.