الإيجار القديم في مصر.. من الأزمة إلى التعديل الضروري
منذ عقود، ظل ملف الإيجار القديم أحد أكثر القضايا تعقيدًا في الحياة الاجتماعية والقانونية في مصر، فقد ارتبطت هذه القضية بعلاقات شائكة بين المالك والمستأجر، وأدى تطبيق القوانين القديمة إلى تفاوتات شديدة في القيم الإيجارية بين المناطق المختلفة، وهذا التفاوت كان سببًا في حالة من الجمود العقاري في السوق، وأدى إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد المحلي.
ومع مرور الوقت، وتزايد التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار العقارات والخدمات، أصبح من الضروري إجراء تعديلات جوهرية في منظومة الإيجار القديم، ومع بداية ديسمبر 2023، شهدت مصر تحولًا كبيرًا في هذا الملف من خلال تطبيق القوانين الجديدة التي تهدف إلى تحقيق العدالة في العلاقة بين المالكين والمستأجرين، وضبط الأسواق العقارية بما يتناسب مع الواقع الجديد.
القيم الإيجارية الجديدة
اعتبارًا من 1 ديسمبر 2023، بدأ تنفيذ القيم الإيجارية الجديدة في عدد من المحافظات، بعد أن أكملت لجان الحصر عملها في إعداد قوائم القيم الإيجارية الرسمية، ونشرت تلك القوائم في الجريدة الرسمية، وفقًا للقانون الجديد، تم تقسيم المناطق إلى ثلاث فئات رئيسية:
1. المناطق المتميزة
2. المناطق المتوسطة
3. المناطق الاقتصادية
يهدف هذا التصنيف إلى ربط القيمة الإيجارية بجودة الخدمات والبنية التحتية والموقع الجغرافي لكل منطقة، وبموجب هذا القانون، أصبح على المستأجرين دفع القيمة الإيجارية المعدلة، والتي تتفاوت حسب الفئة التي تقع فيها الوحدة، في خطوة تهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق المالك والمستأجر.
أما بالنسبة للوحدات التجارية والمهنية، فقد تم رفع القيمة الإيجارية لتصل إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية، وذلك لمعالجة الفجوة بين **القيمة السوقية** للوحدات والاستخدام الفعلي في الأنشطة التجارية، والتي كانت ثابتة لفترات طويلة.
في خطوة تهدف إلى ضبط سوق الإيجارات بشكل تدريجي، أقرّ القانون زيادة سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية الجديدة، وهي نسبة من شأنها تقليص التشوهات التي كانت قائمة في النظام السابق، كما تهدف هذه الزيادة إلى تقديم حلول وسطية تراعي احتياجات الملاك والمستأجرين، وتجنب فرض زيادات مفاجئة على أي من الطرفين.
إخلاء الوحدات
وفيما يتعلق بعمليات الإخلاء، حدد القانون شروطًا واضحة، حيث يُلزِم المستأجر بإخلاء الوحدة في نهاية المدة القانونية. كما سمح القانون للمالك بالتقدم إلى قاضي الأمور الوقتية إذا كان المستأجر قد ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام دون مبرر أو امتلك وحدة سكنية أو تجارية أخرى صالحة للاستخدام، مما يسهل على الملاك استرجاع الوحدات المغلقة التي لم يتم استغلالها.
تعتبر هذه التعديلات بمثابة خطوة مهمة نحو إعادة تنظيم سوق الإيجار القديم في مصر، بما يضمن حقوق الملاك ويُحسن بيئة التعامل مع الأنشطة السكنية والتجارية، ومع تنفيذ هذه القوانين لأول مرة، حيث يتم تصنيف المناطق وفقًا لمستوى الخدمات المتاحة، يبقى من المهم متابعة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الإجراءات خلال الفترة المقبلة.
عدد الوحدات السكنية المغلقة
من الجدير بالذكر أن هناك حوالي 400 ألف شقة مغلقة في مصر، ولم تتمكن الجهات المعنية حتى الآن من جمع أدلة رسمية تؤكد حالة هذه الوحدات، مما يؤثر على القدرة على تطبيق بعض مواد القانون، خاصة فيما يتعلق بإخلاء الوحدات المغلقة. وفي حال تم التحقق من إغلاق الوحدة لأكثر من عام دون مبرر، يحق للمالك تقديم طلب إخلاء إلى المحكمة، ولكن المشكلة تكمن في صعوبة الحصول على المستندات اللازمة** لإثبات تلك الوقائع.
خطوات إثبات امتلاك المستأجر لوحدة أخرىلكي يتمكن المالك من إثبات امتلاك المستأجر لوحدة أخرى، يجب عليه اتباع خطوات قانونية تشمل جمع البيانات الأساسية عن المستأجر (الاسم، الرقم القومي، وغيرهما)، ثم التوجه إلى مصلحة الشهر العقاري للحصول على شهادة توضح ما إذا كان المستأجر يمتلك وحدات أخرى، وبعد ذلك، يجب تحرير محضر رسمي في قسم الشرطة، تمهيدًا لرفع دعوى قضائية أمام النيابة العامة، التي تصدر أمرًا قضائيًا بالإخلاء في حال ثبوت الامتناع عن استخدام الوحدة.