بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الهواتف بعد منتصف الليل.. محفّز صامت للأفكار الانتحارية

بوابة الوفد الإلكترونية

حذّرت دراسة طبية حديثة من أن استخدام الهواتف الذكية في ساعات الليل المتأخرة قد يزيد من مستويات الأفكار الانتحارية لدى البالغين الأكثر عرضة للمخاطر النفسية، في حين أشارت الدراسة إلى أن بعض أنماط الاستخدام قد يكون لها أثر عكسي مفاجئ.

ونشرت نتائج البحث موقع "Medicalxpress" العلمي، مستندة إلى دراسة منشورة في دورية "JAMA Network Open"، بهدف فهم العلاقة بين السلوك الرقمي والصحة النفسية في الفترات الحرجة من اليوم.

هواتف الليل وخطر صامت
تشير الدراسة إلى أن الأفكار الانتحارية تتفاقم غالباً خلال ساعات الليل الهادئة، ما يجعل أي نشاط يبقي الشخص مستيقظاً أو يزيد توتره، مثل استخدام الهواتف، عاملاً مؤثراً على الصحة النفسية. 
وتشير الإحصاءات الأميركية إلى أن أكثر من 10 ملايين بالغ يعانون سنوياً من أفكار انتحارية، ما يجعل معرفة مسبباتها أمراً حيوياً.

كما ربطت الدراسات السابقة اضطرابات النوم وقصره بزيادة خطر الأفكار الانتحارية، لكن الدراسة الجديدة تقول إن نوع النشاط الليلي، وبالأخص استخدام الهواتف، قد يرفع أو يخفض هذا الخطر بشكل ملحوظ.

دراسة معمقة رغم محدودية العينة
اعتمد الباحثون على 79 بالغاً ضمن "فئة عالية الخطورة" أبلغوا عن أفكار انتحارية خلال الشهر السابق، وعلى مدار 28 يوماً، تم تثبيت برنامج على هواتفهم لالتقاط صور للشاشة كل خمس ثوانٍ، ما نتج عنه أكثر من 7.5 مليون لقطة.

كما استخدم الفريق تقنية التقييم اللحظي البيئي (EMA) لجمع معلومات فورية عن الحالة النفسية، وطور نموذجاً ذكياً للتمييز بين الاستخدام السلبي للهاتف، مثل التصفح، والاستخدام الفعّال، مثل الكتابة والتفاعل المباشر.

أظهرت التحليلات أن الأشخاص الذين حافظوا على فجوات أطول بين فترات استخدام الهاتف (7-9 ساعات) كانت لديهم مستويات أقل من الأفكار الانتحارية، مقارنة بمن كانت فجواتهم 4-7 ساعات فقط، ما يؤكد أهمية النوم المتواصل.

كما ارتبط استخدام الهاتف بين الساعة 11 مساءً و1 فجراً بارتفاع واضح في التخطيط الانتحاري في اليوم التالي، بينما كان الاستخدام بعد الواحدة صباحاً أو في الصباح الباكر أقل خطورة.

ومن المفاجآت أن الاستخدام الفعّال للهاتف بعد منتصف الليل، وخصوصاً الكتابة والتواصل، ارتبط بانخفاض نسبي في خطورة الأفكار الانتحارية، إذ قد يعكس تواصلاً مع الآخرين بدلاً من العزلة والاستهلاك السلبي.

رغم أهمية النتائج، شدد الباحثون على توخي الحذر، لكون الدراسة أُجريت في مركز واحد وشملت عدداً محدوداً من المشاركين، مع احتمالية تأثير الاكتئاب على تقدير مدة استخدام الهاتف.

ومع ذلك، قد تساعد هذه النتائج مستقبلاً في تطوير أدوات رقمية لمراقبة خطر السلوك الانتحاري، وربما التدخل المبكر باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

علاقة معقدة بين التكنولوجيا والصحة النفسية
تأتي الدراسة في إطار النقاش العالمي حول تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية، خصوصاً لدى الفئات الهشة، وتوضح الأبحاث أن توقيت استخدام الهاتف وطريقة التفاعل معه ربما تكون أكثر تأثيراً من مدة الاستخدام وحدها.