رسالة دكتوراه بجامعة الأزهر تكشف ملامح التغطية الصحفية لحروب المعلومات
ناقش الباحث محمد عبد الغفار أبوزهرة، المدرس المساعد بقسم الصحافة والنشر بكلية الإعلام جامعة الأزهر، رسالته للدكتوراه بعنوان: «التغطية الصحفية لحروب المعلومات وعلاقتها بتقييم الخبراء لها دراسة تطبيقية».
وجاءت هذه الدراسة في إطار الاهتمام المتزايد بالقضايا المتعلقة بالصراع المعلوماتي وتداعياته على الأمن المجتمعي وصناعة الوعي، باعتبارها إحدى أبرز قضايا الإعلام في العصر الرقمي.
وأوضحت الدراسة أن حروب المعلومات لم تعد مجرد ظاهرة طارئة في البيئات السياسية والإعلامية، بل تحوّلت إلى ساحة مركزية للصراع المعاصر، تتداخل فيها أدوات الإعلام مع التقنيات الرقمية بهدف التأثير في الإدراك الجمعي وإعادة تشكيل الرأي العام، ومن هذا المنطلق، سلّطت الرسالة الضوء على طبيعة التناول الصحفي لهذا النوع من القضايا، معتمدةً إطار نظرية الأطر الإعلامية (Framing Theory) لتحليل كيفية صياغة الأخبار المتعلقة بالمعلومات والحرب السيبرانية، والطرق التي يُعاد بها بناء الأحداث في التغطيات الصحفية.

واعتمد الباحث منهج المسح الوصفي بشقيه التحليلي والميداني، حيث قام بتحليل 1326 مادة صحفية نُشرت في ثلاث صحف إلكترونية كبرى هي: الأهرام – اليوم السابع – الوفد خلال عامي 2021 و2022، كما أجرى مقابلات معمقة مع 29 خبيرًا في الإعلام والدراسات الاستراتيجية والأمن المعلوماتي؛ لتقييم مستوى التغطية الصحفية، واستكشاف رؤيتهم حول قدرات الصحافة المصرية في مواكبة طبيعة حروب المعلومات.

ونظمت الرسالة في خمسة فصول تناولت الإطار النظري والمفاهيمي لحروب المعلومات، وتطور مفهومها في البيئة الرقمية، وأشكال التناول الصحفي لها، إلى جانب عرض النتائج الكمية والنوعية التي كشفت عنها الدراسة، وبيّنت النتائج أن مستوى التغطية الصحفية جاء «متوسطًا» من حيث الشمول والعمق، مع وجود فجوات مهنية تتعلق بضعف التوسع في التحليل، وغياب التفسير العميق للتهديدات المعلوماتية، فضلًا عن الحاجة إلى تعزيز مهارات التحقق من الأخبار الزائفة وتحليل البيانات الرقمية.

وعرضت نتائج المقابلات مع الخبراء رؤى مهمة تؤكد أن المعلومات أصبحت «سلاحًا ذا طبيعة مزدوجة»؛ يمكن أن يُستخدم دفاعًا وهجومًا في آن واحد، وهو ما يفرض على المؤسسات الصحفية تطوير أدواتها المهنية، وتبنّي سياسات تحريرية تُعزّز من قدرتها على مواجهة التضليل الرقمي، ودعا الخبراء إلى ضرورة دمج الثقافة المعلوماتية في برامج التدريب الصحفي، وتطوير التشريعات المنظمة للمحتوى الرقمي، وتوسيع التعاون بين المؤسسات الإعلامية ومراكز البحوث المتخصصة في الأمن السيبراني.

واختُتمت الدراسة بجملة من التوصيات العملية، أبرزها: تعزيز مهارات التحقق والتحليل لدى الصحفيين، وتطوير المحتوى التفسيري في الصحف الإلكترونية، واعتماد سياسات تحريرية متخصصة في تغطية قضايا المعلومات، كما أوصت بضرورة بناء جسور تعاون بين المؤسسات الإعلامية ومراكز الرصد والتحليل المعلوماتي؛ لمواجهة التحديات الرقمية التي تتسارع وتيرتها يومًا بعد يوم.

وتشكلت لجنة المناقشة والإشراف من نخبة من الأساتذة والخبراء، هم: واللواء أركان حرب الدكتور سمير فرج، الخبير الاستراتيجي ومدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة سابقًا (مناقشًا)، والدكتور جمال عبد الحي النجار، أستاذ الصحافة وعميد كلية الإعلام بجامعة النهضة سابقًا (مناقشًا ورئيسًا)، والدكتور رضا عبد الواحد أمين، عميد كلية الإعلام بنين – جامعة الأزهر (مشرفًا)، والدكتور أحمد أحمد زارع، المتحدث الإعلامي لجامعة الأزهر (مشرفًا مشاركًا).

وفي ختام المناقشة، منحت اللجنة الباحث درجة العالمية (دكتوراه الفلسفة في الصحافة والنشر) بمرتبة الشرف الأولى، وأوصت بطباعة الرسالة وتبادلها بين الجامعات ومراكز البحوث نظراً لأهميتها العلمية وما تتضمنه من نتائج وتوصيات قادرة على الإسهام في تطوير التناول الإعلامي لقضايا المعلومات والصراعات الرقمية.
