بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

اتفاق مائي مرتقب بين العراق وتركيا.. خطوة أولى في طريق طويل نحو الأمن المائي

العراق وتركيا يتفقان
العراق وتركيا يتفقان على مسودة اتفاق إطاري

في تطور يوصف بالمهم في مسار أزمة المياه المستمرة بين بغداد وأنقرة، أعلنت وزارة الخارجية العراقية التوصل إلى مسودة اتفاق إطاري مع الجانب التركي لإدارة الموارد المائية المشتركة، في خطوة تهدف إلى وضع أسس للتعاون في مواجهة موجة الجفاف غير المسبوقة التي تضرب العراق منذ عقود.

وبحسب البيان، من المقرر أن يتم توقيع الاتفاق النهائي في بغداد قريبًا، تمهيدًا لإطلاق مشاريع إروائية وسدود لحصاد المياه بمشاركة كبريات الشركات التركية.

أزمة جفاف تاريخية

جاء الاتفاق بالتزامن مع طلب رسمي عاجل من وزارة الموارد المائية العراقية بزيادة الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات بمقدار مليار متر مكعب خلال الشهرين المقبلين، في ظل عام وصفه الوزير عون ذياب عبد الله بأنه "الأقسى مائيًا في تاريخ البلاد منذ عام 1933".

 

وكشفت الوزارة أن إيرادات دجلة والفرات تراجعت إلى 27% فقط من مستوياتها في العام الماضي، فيما انخفض مخزون المياه في السدود إلى 8% من طاقته التخزينية، ما أدى إلى تقليص المساحات الزراعية وانخفاض الإنتاج وتزايد موجات الهجرة من الريف إلى المدن.

 

ورقة ضغط اقتصادية بيد بغداد

ويرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي أن الملف المائي يمثل "قضية وجودية للعراق"، مشيرًا إلى أن نجاح بغداد في المفاوضات يعتمد على استثمار أوراقها الاقتصادية الضاغطة، وفي مقدمتها الميزان التجاري المختل بين البلدين، حيث تستورد العراق من تركيا ما قيمته 16 مليار دولار سنويًا مقابل صادرات عراقية لا تتجاوز المليار دولار.

 

وأكد الشيخلي أن الاتفاق الأخير "نتاج لمسار تراكمي من اللقاءات السياسية والفنية"، تُوج بلقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يمنح المفاوضات "أساسًا قويًا لبناء تفاهمات ملزمة مستقبلًا".

 

تداعيات اجتماعية واقتصادية

وحذر الشيخلي من أن استمرار تراجع الموارد المائية قد يؤدي إلى كارثة اجتماعية واقتصادية، مشيرًا إلى أن توقف الخطة الزراعية هذا العام ألحق خسائر فادحة بالمزارعين، ودفع آلاف الأسر إلى النزوح نحو المدن.
وأضاف أن استقرار الإمدادات المائية سيسهم في إحياء القطاع الزراعي وتقليل فاتورة الاستيراد وخلق فرص عمل جديدة، مما يساعد في تعزيز الأمن الغذائي وتحسين مستوى المعيشة.

 

تحذيرات من ضعف الموقف التفاوضي

في المقابل، أبدى الخبير المائي تحسين الموسوي تشككه في جدوى المباحثات الحالية، واصفًا المسودة بأنها "اتفاق غير ملزم لا يحدد حصص العراق المائية بوضوح"، مرجعًا ذلك إلى ضعف الموقف التفاوضي العراقي وعدم تفعيل أدوات الضغط السياسية والفنية.

 

وقال الموسوي إن استمرار السياسات المائية الحالية "قد يدفع البلاد إلى مرحلة كارثية تهدد الأمن الغذائي والاجتماعي"، مشيرًا إلى أن فقدان الخطة الزراعية الصيفية وتوقف الخطة الشتوية قد يؤديان إلى احتجاجات شعبية واسعة تهدد الاستقرار الداخلي.

 

مستقبل غامض

وبين الآمال العراقية بزيادة الإطلاقات المائية والتحفظات التركية المرتبطة بحصص الأنهار العابرة للحدود، يبقى الاتفاق الإطاري خطوة أولى نحو مسار تفاوضي طويل، قد يرسم مستقبل الأمن المائي للعراق في السنوات المقبلة.