بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في محبة النبي.. الإفتاء ترد على شبهات الشرك في قصيدة الإمام البوصيري

بوابة الوفد الإلكترونية

أثارت أبيات الإمام البوصيري في قصيدته الشهيرة البردة جدلًا متكررًا، وخاصة قوله:«فإنَّ من جودِكَ الدنيا وضَرَّتَها … ومِن علومِكَ علمَ اللوحِ والقَلَمِ»، إذ اعتبر بعض المعترضين أن في البيت غلوًّا ومبالغة توصل إلى حد الشرك، بزعم أنه نسب الدنيا والآخرة، بل واللوح والقلم، إلى النبي ﷺ.

رد دار الإفتاء المصرية: الفهم الصحيح للنص

أكدت دار الإفتاء أن هذا الاعتراض ناشئ عن سوء فهم وجهل بمعاني العقيدة؛ فالجود المنسوب إلى النبي ﷺ ليس بمعنى الخلق والإيجاد – وهذا لا يقول به مسلم – بل بمعنى التسبب والدلالة والهداية، حيث جعله الله قاسمًا للخير، كما في قوله ﷺ: «إنما أنا قاسم والله يعطي» (متفق عليه).

وبذلك يكون جود الدنيا والآخرة من باب ما أجراه الله على يديه من هداية وإرشاد وشفاعة، لا أنه خالق الجود.

شواهد العلماء: من الإمام الشافعي إلى الشُرّاح

أوردت دار الإفتاء نصوصًا قوية من العلماء في تأييد هذا المعنى:

قال الإمام الشافعي في الرسالة: «فلم تُمسِ بنا نعمةٌ ظاهرة ولا باطنة… إلا ومحمد ﷺ سببها، القائد إلى خيرها، الهادي إلى رشدها».

شرح إبراهيم الباجوري: المقصود بخير الدنيا هدايته ﷺ للناس، ومن خير الآخرة شفاعته.

أوضح الجلال المحلي أن النبي ﷺ أُطلع على ما كتب القلم في اللوح المحفوظ، فصار علم اللوح والقلم من علومه الموهوبة له.

وبيّن ابن حجر الهيتمي أن ليلة الإسراء شهدت اطلاعه على علوم اللوح وزيادة علوم أخرى مرتبطة بعالم الغيب.

 

علم النبي ﷺ: موهوب لا مكتسب

شددت الإفتاء على أن علم الله أزلي أبدي لا يحيط به مخلوق، لكن الله أطلع نبيه ﷺ على كثير من المغيبات والحقائق، بدليل ما رواه الصحابة عن إخباره بما كان وما سيكون حتى قيام الساعة.
وقد جاء في حديث عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ حدّثهم عن بدء الخلق حتى استقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم (رواه البخاري).

كما ورد عنه ﷺ قوله: «ما من شيء لم أكن أُريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار» (رواه البخاري).

 

الرد على شبهة الشرك والغلو

أكدت دار الإفتاء أن هذه المعاني لا تحمل شركًا ولا غلوًّا؛ لأنها منسوبة إلى النبي ﷺ على جهة التسبب بإذن الله، لا على جهة الاستقلال.
ولو فُهمت كلمة "من" في بيت البوصيري على أنها للتبعيض، فالمراد أن اللوح والقلم بعض علومه الموهوبة من الله تعالى، لا أنه يشارك الله في صفاته.

كما بيّنت أن المسألة – في أقصى درجاتها – خلافية ظنية، ولا يجوز نقلها إلى باب التكفير أو اتهام الأمة بالشرك، مشيرة إلى أن التوسل بالنبي ﷺ ومدحه من وسائل القربات التي درج عليها السلف والخلف.


خلاصة شبهات الشرك في قصيدة الإمام البوصيري

جود النبي ﷺ هو قسمة الخير والهداية بإذن الله، لا الخلق والإيجاد.

علمه باللوح والقلم من العلوم الموهوبة، لا من علم الله الأزلي المطلق.

الاعتراضات على بيت البردة ناتجة عن خلط وجهل بالمعاني الشرعية.

مدح النبي ﷺ سنة مشروعة، واتهام الأمة بالشرك بسبب ذلك هو خلل في المنهج.


وختمت دار الإفتاء بالتأكيد أن قصيدة البردة إرث حضاري وروحي للأمة، ومصدر لتثبيت محبة النبي ﷺ في القلوب، ولا يجوز تحويلها إلى ساحة للاتهام والتكفير.