بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

اللحوم تحمي من السرطان ولا تسببه

بوابة الوفد الإلكترونية

الدراسة التي تشير إليها تبدو مثيرة للجدل، خصوصًا أنها تتعارض مع الرأي العلمي السائد الذي يدعمه عدد كبير من الأبحاث والدراسات، وكذلك مع توصيات منظمات صحية دولية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO)، التي صنفت اللحوم المعالجة (مثل النقانق واللحم المقدد) كمسرطنات من المجموعة الأولى، واللحوم الحمراء كمسرطنات "محتملة" (مجموعة 2A).

 

ما الذي يمكن أن تعنيه هذه الدراسة الجديدة؟

 

الدراسات التي تشير إلى أن اللحوم قد تحمي من السرطان أو لا ترتبط به بالضرورة، عادة ما:

 

تعتمد على تحليل بيانات بطرق إحصائية مختلفة، وتأخذ في الاعتبار العوامل الغذائية الأخرى (مثل نوع اللحوم، طريقة الطهي، الكميات المستهلكة، نمط الحياة، النشاط البدني... إلخ)،

 

أو تحاول تصحيح ما يُعرف بـ"التحيّز في النشر"، حيث يتم نشر الدراسات التي تظهر نتائج سلبية ضد اللحوم أكثر من غيرها.

 

أمور يجب الانتباه لها:

 

هل هي دراسة قائمة على الملاحظة؟ إذا كانت كذلك، فإنها لا تثبت السببية، بل الارتباط فقط.

 

هل نُشرت في مجلة علمية محكمة؟ هذا يعطي مصداقية أكبر.

 

من هو الجهة الممولة؟ التمويل من قبل صناعة اللحوم مثلاً قد يثير بعض الشكوك حول الحيادية.

 

هل تأخذ بعين الاعتبار نوعية اللحوم وطريقة الطهي؟ لأن الشواء أو القلي على درجات حرارة عالية يُنتج مركبات مسرطنة مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs).

 

 

رغم أن هناك دراسات فردية قد تشير إلى أن اللحوم ليست ضارة كما يُعتقد أو قد تكون مفيدة في بعض السياقات (مثل تناولها ضمن نظام غذائي متوازن، غني بالخضروات، وبدون لحوم معالجة)، فإن الإجماع العلمي الحالي ما زال يحث على:

 

تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة،

 

وتفضيل البروتينات النباتية أو اللحوم البيضاء.

وكان قسم أبحاث السرطان في منظمة الصحة العالمية قد صنف اللحوم الحمراء على أنها "مسرطنة محتملة للبشر"، لكن الدراسة الجديدة المثيرة للجدل تُشكك في هذا الرأي، مشيرة إلى أن "البروتين الحيواني قد يحمي من وفيات السرطان بدلاً من أن يسببها".

 

وقال تقرير نشره موقع "ساينس أليرت" العلمي واطلعت عليه "العربية.نت" إن البحث الجديد الذي أجرته جامعة "ماكماستر" الكندية يشير إلى عكس الاعتقاد السائد في العالم، حيث وجد أن الأشخاص الذين يستهلكون المزيد من البروتين الحيواني قد يكون لديهم في الواقع معدلات وفيات أقل بالسرطان.

 

وتتضمن أساليب الدراسة فروقاً دقيقة مهمة تُعقّد استنتاجاتها اللافتة، فبدلاً من دراسة اللحوم الحمراء تحديداً، حلل الباحثون استهلاك "البروتين الحيواني"، وهو فئة واسعة تشمل اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والبيض ومنتجات الألبان. ويعد هذا التمييز بالغ الأهمية لأن الأسماك، وخاصةً الأنواع الزيتية منها مثل الماكريل والسردين، مرتبطة بقدرتها على الوقاية من السرطان.

 

وبجمع جميع البروتينات الحيوانية معاً، ربما تكون الدراسة قد رصدت الآثار الوقائية للأسماك وبعض منتجات الألبان بدلاً من إثبات سلامة اللحوم الحمراء، بحسب ما يؤكد تقرير "ساينس أليرت".

 

وتُقدّم منتجات الألبان نفسها بصورةً مُعقّدةً في أبحاث السرطان، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنها تُقلّل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، بينما قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. ويُبرز هذا التباين في الأدلة كيف أن فئة "البروتين الحيواني" الواسعة تخفي فروقاً مهمة بين أنواع الطعام المختلفة.

 

وتحتوي الدراسة، التي مولتها الرابطة الوطنية لمربي الماشية، وهي جماعة الضغط الرئيسية في صناعة لحوم البقر في أميركا، على العديد من القيود الأخرى. والأهم من ذلك، أن الباحثين لم يُميّزوا بين اللحوم المصنّعة وغير المصنّعة، وهو تمييزٌ أثبتت دراساتٌ لا تُحصى أهميته.

 

وتُظهر اللحوم المصنّعة، مثل اللحم المُقدّد والنقانق، باستمرار مخاطر إصابةٍ بالسرطان أعلى من قطع اللحم الطازجة غير المُصنّعة. وإضافةً إلى ذلك، لم يتناول البحث أنواعاً مُحدّدة من السرطان، مما يجعل من المستحيل تحديد ما إذا كانت التأثيرات الوقائية تنطبق على نطاقٍ واسع أو على أنواع محددة من السرطان.

ومن المُثير للاهتمام أن الدراسة فحصت أيضاً البروتينات النباتية، بما في ذلك البقوليات والمكسرات ومنتجات الصويا، ووجدت أنها لا تمتلك تأثيراً وقائياً قوياً ضد الوفاة بالسرطان. وتناقض هذه النتيجة أبحاثاً سابقة تُشير إلى ارتباط البروتينات النباتية بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان، مما يُضيف طبقةً أخرى من التعقيد إلى صورةٍ مُربكةٍ أصلًا.

 

ولا تُقلّل هذه النتائج من الفوائد الصحية المُثبتة للأغذية النباتية، التي تُوفّر الألياف ومضادات الأكسدة ومركباتٍ أخرى مُرتبطة بتقليل خطر الإصابة بالأمراض.