فرقة "نيكاب" تحيي حفلاً في باريس وسط جدل سياسي واسع
رغم تصاعد الانتقادات ومطالب الإلغاء، تستعد فرقة الراب الأيرلندية "نيكاب" للصعود إلى منصة مهرجان "روك إن سين" في ضاحية سان كلو بباريس يوم الأحد، في حدث تحوّل إلى محور نقاش سياسي وإعلامي حاد، تجاوز حدود الفن إلى مناطق الخلاف الأيديولوجي والدبلوماسي.
الفرقة، المعروفة بمواقفها المؤيدة للقضية الفلسطينية، أثارت موجة اعتراضات في فرنسا، لا سيما من أوساط الجالية اليهودية وعدد من المسؤولين الحكوميين، وسط تحذيرات من أن يتحول العرض إلى مناسبة للتعبير عن مواقف مثيرة للانقسام.
الاتهامات تتجاوز المسرح
الجدل لم يأتِ من الفراغ، إذ يواجه عضو الفرقة "ليام أوهانا"، المعروف بلقب "مو شارا"، اتهامات في بريطانيا تتعلق بالإرهاب، عقب ظهوره في حفل سابق وهو يرفع علم حزب الله، وهو ما صنفته السلطات البريطانية كرمز مرتبط بجماعة محظورة.
وفي ظهور سابق خلال مهرجان "غلاستونبري"، وصف شارا إسرائيل بـ"مجرمي الحرب"، ما زاد من حدة التوترات المحيطة بحفلات الفرقة.
انسحابات رسمية وتمسك بالعرض
ردود الفعل الرسمية لم تتأخر، وبلدية سان كلو أعلنت سحب تمويلها البالغ 40 ألف يورو من مهرجان "روك إن سين"، ولحقتها سلطات إقليم "إيل دو فرانس" بإلغاء دعمها المالي أيضًا، لكن إدارة المهرجان تمسكت بقرارها، مؤكدة أن ميزانية الحدث التي تتجاوز 16 مليون يورو تتيح استمراره دون تأثير مالي كبير.
اسم الفرقة يرمز لصراع قديم
ويحمل اسم الفرقة ذاته دلالة سياسية، إذ يشير إلى أسلوب عقابي كان يُستخدم في النزاع الأيرلندي يعرف بـ"قطع الركبة"، ما يعكس توجهها الأيديولوجي المرتبط بتاريخ النزاعات في أيرلندا الشمالية.
ويبدو أن "نيكاب" لم تكن بعيدة عن الجدل في أماكن أخرى، إذ تم منعها من دخول المجر في وقت سابق هذا العام، قبل مشاركتها في مهرجان "سيجيت" بسبب مواقفها السياسية.
تحذيرات أمنية ورسائل سياسية
مع تصاعد القلق من مظاهر معاداة السامية في فرنسا بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، دعت شخصيات بارزة، مثل يوناتان عرفي رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية، إلى إلغاء الحفل، مشيرًا إلى أن وجود الفرقة يمثل استفزازًا مباشرًا لعائلات ضحايا الهجمات الإرهابية.
وشدد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو على ضرورة المراقبة الدقيقة للحفل، محذرًا من أي محتوى قد يتضمن رسائل تتعارض مع القوانين الفرنسية أو تشجع على الكراهية أو العنف.
حرية التعبير أم تجاوز للحدود؟
بين مؤيدي العرض ومعارضيه، يبقى السؤال الأبرز مطروحًا: هل يمكن للفن أن يكون مساحة حرة للتعبير السياسي دون أن يتحول إلى منبر للتطرف؟
في دولة مثل فرنسا، حيث تتقاطع خطوط الهوية، والتاريخ الاستعماري، والسياسات الخارجية، تبدو الإجابة أكثر تعقيدًا من مجرد دفاع عن حرية التعبير أو رفضها، بل تتطلب نقاشًا أعمق حول حدود الفن في زمن الانقسام العالمي.