مظاهر إحياء ذكرى مولد سيد الخلق

يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى المولد النبوي الشريف، الذي يمثل مناسبة عظيمة للتعبير عن محبة سيد الخلق محمد “صلى الله عليه وسلم”، واستحضار سيرته العطرة التي غيّرت مجرى التاريخ الإنساني، وتتعدد مظاهر إحياء هذه الذكرى بين الشعائر الدينية والأنشطة الاجتماعية والثقافية، بما يعكس عمق الارتباط الروحي برسول الله “صلى الله عليه وسلم”.
أولًا: الإكثار من ذكر النبي والصلاة عليه:
تُعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإكثار من ذكره من أبرز صور إحياء هذه المناسبة، تعبيرًا عن الفرح بقدومه الشريف، واستشعارًا لمكانته العظيمة. وقد شرّف الله تعالى بعض أنبيائه وذكّر بيوم مولدهم، كما في قوله عن عيسى عليه السلام: "وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُ"، وقوله عن يحيى عليه السلام: "وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَومَ وُلِدَ".
ثانيًا: حلقات الذكر وتلاوة السيرة النبوية:
يجتمع الناس في المساجد وبيوت الله لتلاوة القرآن الكريم، وقراءة فصول من السيرة النبوية، وتدارس مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد جاء في الحديث أن رسول الله مرّ على أصحابه وهم يذكرون الله فقال لهم: "أَما إنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فأخْبَرَنِي، أنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بكُمُ المَلَائِكَةَ".
ثالثًا: التصدق والإحسان للفقراء:
من مظاهر إحياء ذكرى المولد أيضًا التوسع في أعمال الخير، والتصدق على المحتاجين، إحياءً لروح التكافل، واقتداءً بصفات النبي صلى الله عليه وسلم. قال تعالى في وصف عباده الصالحين: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا".
رابعًا: توزيع الحلوى وإظهار الفرح:
يحرص الناس على توزيع الحلوى والتوسعة على الأهل والأحبة، باعتبارها من وسائل إظهار الفرح بذكرى المولد، ودلالة على تعظيم شعائر الله والابتهاج برسوله الكريم.
خامسًا: إنشاد المدائح النبوية:
يشكل الشعر والإنشاد أحد أبرز مظاهر الاحتفال، حيث تُلقى القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والتعبير عن محبته، وقد ورد أن حسان بن ثابت رضي الله عنه كان ينشد الشعر في المسجد في حضور رسول الله، فقال له: "اللَّهُمَّ أيِّدْهُ برُوحِ القُدُسِ".
يحتفل المسلمون في مختلف أنحاء العالم بذكرى المولد النبوي الشريف في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام، وهو اليوم الذي أشرق فيه نور الهدى بقدوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
ويُنظر إلى هذه المناسبة باعتبارها محطة روحانية تعيد للأذهان سيرة النبي العطرة، وقيمه التي قامت على الرحمة والعدل والإحسان، حيث يجدّد المسلمون فيها مشاعر المحبة والوفاء لرسول الله “صلى الله عليه وسلم”.