المركزي التركي: تخفيض الفائدة لن يكون تلقائياً أو على مسار محدد سلفاً

أكد البنك المركزي التركي أن قرارات خفض أسعار الفائدة لن تُتخذ بشكل تلقائي أو ضمن مسار ثابت مسبق، مشدداً على أن سياسته النقدية ستظل مرنة ومتشددة، تماشياً مع التطورات الاقتصادية ومؤشرات التضخم.
وفي مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس في إسطنبول، قال محافظ البنك، "فاتح قره خان"، إن وتيرة خفض الفائدة ستُحدّد في كل اجتماع على حدة، بناءً على تقييم شامل للتضخم الحالي، والتوقعات المستقبلية، والمخاطر المحتملة.
وأضاف: "لسنا في مسار أوتوماتيكي، ما زالت التوقعات أعلى من تقديراتنا، وهذا يشكل خطراً على مسار خفض التضخم، مما يتطلب منا الإبقاء على سياسة نقدية صارمة."
توقعات التضخم وأهداف السياسة النقدية
أوضح قره خان أن البنك لا يزال يستهدف معدل تضخم عند 24% بنهاية عام 2025، فيما تتراوح التوقعات الفعلية حالياً بين 25% و29%، كما رفع البنك مستهدفه للتضخم بنهاية عام 2026 إلى 16%**، بزيادة أربع نقاط مئوية، مرجعاً ذلك إلى استمرار ارتفاع أسعار الغذاء وجمود الأسعار في بعض القطاعات.
وأكد المحافظ أن البنك لن يلتزم مسبقاً بحجم معين من التخفيضات في الاجتماعات الثلاثة المتبقية لهذا العام، وذلك بعد أن خفّض الفائدة الشهر الماضي بمقدار 300 نقطة أساس لأول مرة منذ أربعة أشهر.
إشارات للمستثمرين وسعي لاستعادة المصداقية
يُعد تقرير التضخم الفصلي للبنك أداة مهمة للمستثمرين لفهم التوجهات النقدية. وفي هذا السياق، علّق باتوهان أوزشاهين، الرئيس التنفيذي لشركة "آتا بورتفوي"، بأن توسيع نطاق التوقعات للتضخم يعكس شفافية أكبر، مما يساعد في استعادة ثقة السوق.
وتوقّع أوزشاهين أن يبدأ البنك قريباً في تقديم تقديرات قصيرة الأجل إلى جانب الأهداف المرحلية، وهو ما يُمثّل تحولاً عن النهج السابق الذي كان يكتفي بعرض الأهداف فقط.
من جانبها، قالت “سيلفا بهار بازيكي”، المحللة الاقتصادية لدى "بلومبرغ إيكونوميكس"، إن البنك المركزي التركي أعاد صياغة توقعاته للتضخم لتصبح بمثابة "أهداف مرحلية"، معتبرة هذه الخطوة محاولة لإعادة بناء المصداقية أمام الأسواق.
وأضافت: "نعتقد أن سياسة البنك المرتكزة على التوقعات الجديدة تدعم رؤيتنا بأن أي خفض قادم في الفائدة سيكون محدوداً."
استقرار الليرة وتقييم الطلب المحلي
أشار قره خان إلى أن التضخم لا يزال يتجاوز التوقعات السابقة، لكنه أكد أن هيكل الطلب المحلي ما يزال "متوازناً" بفضل السياسة النقدية الحالية، مضيفاً أن البنك لا يخطط حالياً لتخفيف القيود المفروضة على نمو الائتمان.
وخلال المؤتمر الصحفي، استقرت الليرة التركية وتداولت عند 40.7881 مقابل الدولار بحلول الساعة 11:38 صباحاً بالتوقيت المحلي.
وكان المركزي التركي قد استأنف خفض أسعار الفائدة في يوليو، بعد توقف دام أربعة أشهر، ممهداً الطريق لمزيد من التخفيضات، لكنه حذّر من أن هذا المسار لن يكون آلياً.
تحديات أمام الاقتصاد التركي
تأتي هذه التحركات في ظل تحديات داخلية وخارجية، أبرزها أزمة سياسية تفجرت عقب سجن **أكرم إمام أوغلو**، عمدة إسطنبول والمعارض البارز للرئيس **رجب طيب أردوغان**، مما أثّر على ثقة المستثمرين ودفع البنك إلى تعديل استراتيجيته.
وبحسب البيانات الرسمية، فقد شهدت الأسواق التركية **خروج تدفقات أجنبية** تُقدّر بنحو **4 مليارات دولار** من الأسهم والسندات الحكومية حتى 1 أغسطس، ما يشير إلى استمرار صعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية في ظل التوترات السياسية والضغوط الاقتصادية.