بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في ذكرى رحيله

يوسف شاهين أيقونة السينما.. مزج الواقع بالخيال وخلّد اسمه عالمياً

بوابة الوفد الإلكترونية

تحل اليوم ذكرى رحيل أحد أبرز أعلام السينما المصرية والعربية، المخرج العالمي يوسف شاهين، الذي وافته المنية في 27 يوليو من عام 2008، بعد أن قدم مسيرة سينمائية استثنائية امتدت لعقود طويلة، أثرت في وجدان المشاهد العربي وكتبت اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الفن السابع.

عُرف يوسف شاهين بأسلوبه الإبداعي الفريد، الذي تميز بدمج الواقعية بالخيال، واستحضار القضايا المجتمعية والسياسية عبر رؤى ذاتية عميقة، ولم تكن أفلامه مجرد مشاهد تُعرض على الشاشة، بل كانت أعمالاً تحمل بصمته الفكرية والشخصية، حيث نجح في تحويل السرد السينمائي إلى خطاب إنساني وفني نابض بالحياة.
كل عمل من أعماله كان بمثابة مرآة لأفكاره وتطلعاته وهواجسه، ما جعله حالة استثنائية في تاريخ الإخراج العربي.

يوسف شاهين
يوسف شاهين

بداية مبكرة وبصمة عالمية

بدأ شاهين خطواته الأولى في عالم السينما وهو في سن صغيرة، حيث أخرج أول أفلامه "بابا أمين" عام 1949، وكان حينها لم يبلغ بعد الرابعة والعشرين من عمره، في العام التالي، أخرج فيلم "ابن النيل" عام 1951، الذي شارك من خلاله في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، لتكون هذه المشاركة بداية انطلاقته نحو العالمية، وتأكيدًا على موهبته الاستثنائية التي لفتت الأنظار منذ وقت مبكر.

روائع خالدة صنعت مجده السينمائي

قدّم يوسف شاهين خلال مشواره المهني مجموعة من أهم وأشهر الأفلام التي تركت بصمة لا تُنسى في تاريخ السينما المصرية والعربية، من أبرزها:
باب الحديد (1958): 
أحد أهم أفلام المدرسة الواقعية، مثّل نقلة نوعية في سرد القضايا الاجتماعية.

الناصر صلاح الدين (1963): 
ملحمة تاريخية تناول فيها سيرة القائد الإسلامي، ولا يزال يُعرض في المناسبات القومية.

الأرض (1970) والعصفور (1974): 
عبّر فيهما عن مشاعر الانتماء وحب الوطن، متناولًا قضايا الصراع الطبقي والسياسي.

عودة الابن الضال (1976) وإسكندرية ليه؟ (1979): 
من أعماله التي تناولت سيرته الذاتية بشكل غير مباشر.

حدوتة مصرية (1982)، المصير، والآخر: أفلام جمعت بين العمق الفلسفي والطرح الإنساني.

كما أخرج أفلامًا أخرى نالت إعجاب الجمهور والنقاد مثل: الاختيار (1971)، المهاجر (1994)، صراع في الوادي، صراع في الميناء، أنت حبيبي، جميلة بوحيرد، بياع الخواتم، وسيدة القطار.

من الإسكندرية إلى العالمية

وُلد يوسف شاهين في 20 يناير عام 1926 في مدينة الإسكندرية لعائلة كاثوليكية متعددة الثقافات، تلقى تعليمه المبكر في كلية فيكتوريا المرموقة، ثم التحق لفترة وجيزة بجامعة الإسكندرية، قبل أن يقرر صقل موهبته فنيًا وأكاديميًا بالسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث درس فنون المسرح في معهد باسادينا المسرحي بولاية كاليفورنيا لمدة عامين، وقد أسهم هذا التكوين الأكاديمي المتين في إثراء أدواته الإخراجية وصقل رؤيته السينمائية، التي أصبحت لاحقًا مزيجًا بين الانفتاح الغربي والروح الشرقية.

لم يكن يوسف شاهين مجرد مخرج، بل كان صاحب مشروع فكري وثقافي وفني متكامل، ترك إرثًا ضخمًا يستمر تأثيره في الأجيال القادمة، كما ألهم صناع السينما العرب بضرورة التعبير عن الذات والواقع بطريقة مختلفة ومتفردة، وعلى الرغم من رحيله، إلا أن أعماله لا تزال حاضرة، تشهد على عبقريته الفنية ونظرته الثاقبة، وتُدرّس في المحافل الفنية حول العالم.