بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

دراسة: استخدام وسائل النقل العام يساعد في التخلص من العزلة والتوحد

استخدام وسائل النقل
استخدام وسائل النقل العام

وسائل النقل .. في عالم باتت فيه الحرية الشخصية قيمة مقدسة، يبدو امتلاك سيارة رمزًا لهذه الحرية. لكنها، كما تشير أبحاث حديثة، قد تكون أيضًا سببًا خفيًا للشعور المتزايد بالوحدة والعزلة.

واستندت دراسة بريطانية حديثة أعدتها مؤسسة السوق الاجتماعية (SMF)، استندت إلى بيانات وزارة النقل، كشفت عن علاقة وثيقة بين الاعتماد على السيارات الخاصة وزيادة مشاعر الوحدة، خصوصًا في المناطق الريفية التي تفتقر إلى وسائل نقل عام فعالة.

النقل العام: أكثر من مجرد وسيلة تنقلك من مكان إلى آخر

في المدن الكبرى مثل لندن، من الطبيعي ألا يمتلك البعض رخصة قيادة. شبكة النقل المتطورة تجعل من القيادة عبئًا لا ميزة. لكن في المناطق الأقل كثافة سكانية، يُنظر إلى من لا يقود السيارة نظرة استغراب، وكأن التنقل بدون سيارة أمر مستحيل. إلا أن الأرقام تُخبرنا بغير ذلك: كلما قلّ الاعتماد على السيارة، وزادت فرص التنقل النشط أو استخدام الحافلات والقطارات، انخفضت مستويات الشعور بالعزلة.

خلف المقود: وحدة وتوتر وغضب

السيارات تعزلنا فعليًا داخل كبسولات معدنية، تُقصينا عن التفاعلات البشرية العفوية. القيادة اليومية – رغم ما تمنحه من استقلال – تخلق ضغطًا نفسيًا متراكمًا. الغضب على الطريق في ازدياد، وبيانات عام 2023 تؤكد ذلك: آلاف الحوادث والإصابات والوفيات نتيجة القيادة العدوانية. هذا إلى جانب ما كشفته استطلاعات الرأي من أن أكثر من 40٪ من السائقين يشعرون بالتوتر أثناء القيادة.

التنقل النشط: دواء مجاني ضد التوتر

ولا يساهم المشي، وركوب الدراجات أو حتى الجري، فقط في تحسين اللياقة البدنية، بل تُفرز هرمونات السعادة، وعلى رأسها الإندورفين، وتخفض هرمونات التوتر الكورتيزول، فالتنقل النشط يخرجك إلى الهواء الطلق، يعرضك للضوء الطبيعي والخضرة، وهي عوامل أثبتت دراسات عديدة قدرتها على تحسين الحالة المزاجية وتعزيز الثقة بالنفس.

على متن الحافلة: تفاعلات بسيطة تُغيّر الكثير

استخدام وسائل النقل العام يُتيح تفاعلات بشرية قد تكون بسيطة، لكنها ذات أثر نفسي عميق. ابتسامة من غريب، محادثة عرضية، أو حتى تبادل مجاملة مع راكب آخر... كلها لحظات صغيرة تعزز شعورنا بالانتماء. 

وأثبتت دراسات نفسية حديثة أن هذه التفاعلات العفوية تقلل من الشعور بالوحدة، خاصة بين كبار السن. ومن هنا كانت الاحتجاجات واسعة النطاق ضد خطط إغلاق مكاتب التذاكر في بريطانيا، التي أُلغيَت لاحقًا لحماية الروابط الاجتماعية.

الاعتماد على الآخرين: ضعف أم قوة؟

التحول نحو استقلالية مطلقة عبر التكنولوجيا والسيارات جعل من طلب المساعدة أمرًا نادرًا. لكن، كما تشير الكاتبة هيلين كوفي، في بعض الأحيان يكون طلب توصيلة من صديق أو قريب، فرصة لبناء علاقة إنسانية حقيقية. نحن لا نعيش في عزلة ولا يجب أن نفعل والسيارة قد تُغري بالانعزال، بينما التنقل الجماعي يُعيدنا إلى صميم التجربة البشرية: الوجود المشترك.

في النهاية، حرّر نفسك من العزلة المعدنية

التنقل لا يجب أن يكون مهمة فردية بحتة. النزول من السيارة – حرفيًا ومجازيًا – قد يكون بداية لشعور أعمق بالانتماء، ولمجتمع أكثر ترابطًا. فالحرية لا تعني دائمًا قيادة السيارة بمفردك، بل أحيانًا تعني أن تكون جزءًا من حركة الحياة، مع الآخرين، لا بعيدًا عنهم.