هل يُغسَّل من مات محروقًا؟.. الإفتاء تجيب

تُعد مسألة تغسيل من مات بسبب الحروق من القضايا الفقهية التي تثير تساؤلات عديدة، خاصة مع الحوادث المؤلمة التي يتعرض لها البعض نتيجة الحرائق.
وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية الحكم الشرعي الكامل لهذا الأمر، وأجابت عن سؤال مهم مفاده: هل يُغسَّل من مات محروقًا؟ وهل يُعد شهيدًا فلا يُغسَّل أم أن له حكمًا خاصًا؟ إليكم التفاصيل الكاملة.
حكم غسل من مات بسبب الحريق
أوضحت دار الإفتاء أن الأصل الشرعي في من مات بغير ساحة المعركة أنه يجب تغسيله، ومن ذلك من مات بالحريق، إذا لم يوجد مانع حسي أو شرعي.
وأكدت الدار أن:"إذا أمكن تغسيل المتوفى بالحريق دون ضرر أو تهتك بالجسد، فإنه يُغسَّل غسلًا كاملًا كغيره من الأموات، لعدم وجود ما يمنع من الغسل شرعًا أو حسيًا".
واستندت الإفتاء إلى ما ذكره الإمام أبو الحسين العمراني في كتاب "البيان":"أما سائر الشهداء، مثل: من مات بحريق أو غرق أو هدم، فإنهم يُغسَّلون ويُصلَّى عليهم بلا خلاف، لأنه مسلم مات في غير معترك الكفار فوجب غسله والصلاة عليه، كما لو مات بغير هذه الأسباب".
وكذلك قال ابن قدامة في "المغني":"الشهيد بغير قتل، كالمبطون والمطعون والغريق وصاحب الهدم والنفساء، يُغسَّلون ويُصلَّى عليهم، لا نعلم فيه خلافًا".
ما الحكم إذا تعذر تغسيل المتوفى بالحريق؟
في حال تعذر تغسيل الميت المحترق بسبب تأذي الجسد بالماء، أو حدوث تهتك شديد في الجلد أو الأعضاء، فإن الحكم ينتقل إلى التيمم.
قالت دار الإفتاء:"إذا أدى الغسل إلى ضرر كبير بجسد المتوفى كتهرِّي اللحم أو انسلاخ الجلد، يُصار إلى التيمم، حفاظًا على حرمة الجسد، كما هو الحال مع الحي الذي يُيَمَّم عند تعذر استعمال الماء".
وقد نص على ذلك الإمام البابرتي في "العناية شرح الهداية":"من تعذر غسله؛ لعدم ما يُغسل به، يُيَمَّم بالصعيد".
وكذلك قال الإمام الدردير في "الشرح الكبير":"إذا خيف من الغسل تقطيع الجسد أو تسلُّخه، يُيَمَّم بدلًا من الغسل".
هل من مات محترقًا يُعد شهيدًا؟
نعم. أكدت دار الإفتاء أن من مات حرقًا يُعد شهيدًا من شهداء الآخرة، وهو ما يعرف شرعًا بـ"الشهيد الحُكمي"، أي من يُثاب بأجر الشهيد في الآخرة، لكن تُجرى عليه أحكام الميت العادي في الدنيا من الغسل والتكفين والصلاة.
واستدلت دار الإفتاء بحديث النبي ﷺ،:"الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغَرِق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة".
أنواع الشهداء في الإسلام
أوضحت دار الإفتاء أن الشهداء في الشرع ثلاثة أقسام:
شهيد الدنيا والآخرة:
هو من قُتل في المعركة دفاعًا عن دينه ووطنه، ولا يُغسَّل ولا يُصلى عليه، بل يُدفن بدمائه.
شهيد الدنيا فقط:
هو من قُتل في ساحة المعركة، لكن نيته لم تكن خالصة لوجه الله، كأن يكون يقاتل رياءً أو لأغراض دنيوية، فيُعامل معاملة الشهيد في الدنيا، لكنه لا يُثاب على الشهادة في الآخرة.
شهيد الآخرة فقط (الشهيد الحُكمي):
وهو من مات بأسباب حددها النبي ﷺ، كالغرق والحريق والطاعون والهدم، ويُعامل في الدنيا كالميت العادي (يُغسَّل ويُصلَّى عليه)، لكنه يُثاب في الآخرة بثواب الشهداء.