ما يُستحب فعله في يوم عاشوراء

مع دخول شهر الله المحرَّم، تتجدد في وجدان المسلمين ذكرى يوم عاشوراء، أحد الأيام المباركة التي عظّمها النبي ﷺ وبيّن فضلها، لما لها من دلالات تاريخية وروحية عظيمة، تربط بين قصص الأنبياء، وتجسّد معاني النصر والصبر والإيمان.
ما هو يوم عاشوراء؟
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء، استنادًا إلى ظاهر الأحاديث النبوية الصحيحة. وقد ثبت عن عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» [رواه مسلم]
وفي هذا الحديث دلالة على أن النبي ﷺ كان يصوم العاشر، وأراد أن يصوم التاسع معه ليخالف اليهود والنصارى الذين كانوا يُفردون اليوم العاشر بالتعظيم.
سبب تسمية "عاشوراء":
اسم "عاشوراء" مشتق من لفظ "عاشر"، أي العاشر من محرم، وقد قيل إن التسمية مأخوذة من المبالغة في التعظيم، فاليوم عظيم في فضله ومكانته.
وقال بعض العلماء إن عاشوراء سُمِّي كذلك لأنه اليوم الذي أكرم الله فيه عشرة من أنبيائه بعشر كرامات، وقيل أيضًا إنه عاشر كرامة أكرم الله بها أمة النبي محمد ﷺ.
أهمية يوم عاشوراء وفضله:
يُعد يوم عاشوراء من الأيام المشهودة في التاريخ الإسلامي، فهو اليوم الذي نجّى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام ومن آمن معه من بطش فرعون وجنوده، وغرق فيه الطغاة، فكان يوم نصرٍ وتمكينٍ للإيمان على الكفر.
وكان موسى عليه السلام يصوم هذا اليوم شكرًا لله تعالى، وقد صامه اليهود من بعده، وعظّمته قريش في الجاهلية، وكانوا يجعلونه يومًا لتجديد ستور الكعبة.
وعند قدوم النبي ﷺ إلى المدينة، وجد اليهود يصومونه، فقال:«نحن أحق بموسى منهم» فصامه وأمر بصيامه، ثم لما فُرض صيام رمضان، ترك النبي صيام عاشوراء على جهة الإلزام، وخيّر الناس فيه، كما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها في الصحيح:
«كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ﷺ يصومه، فلما قَدِم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان، ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه» [رواه البخاري].
أما في بيان فضل صيام عاشوراء، فقد روى أبو قتادة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:«صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله» [رواه مسلم]، وهو من أعظم الأحاديث التي تبين فضل هذا اليوم وكرمه.
ما يُستحب فعله في يوم عاشوراء:
أولًا: الصيام
يُستحب للمسلم صيام يوم عاشوراء، بل يستحب أيضًا أن يصوم معه يومًا قبله أو يومًا بعده، مخالفةً لأهل الكتاب.
وقد بيّن الإمام ابن القيم أن مراتب صيام عاشوراء ثلاث:
أكملها: صيام التاسع والعاشر والحادي عشر.
ثم: صيام التاسع والعاشر.
ثم: صيام العاشر وحده، وهو جائز ولا كراهة فيه، كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية.
ثانيًا: التوسعة على الأهل:
ورد في بعض الآثار استحباب التوسعة على الأهل والعيال في يوم عاشوراء، وهي من صور التقرّب إلى الله بالطاعات والبر، وإن كان الحديث في هذا الباب مختلفًا في درجته، إلا أن كثيرًا من العلماء رأوا أنه لا بأس بالعمل به في باب الفضائل.