بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في ذكرى وداع الحبيب.. 8 يونيو رحيل رسول الله

مسجد رسول الله
مسجد رسول الله

تمر علينا اليوم، 8 يونيو، ذكرى خالدة ومهيبة، هي ذكرى رحيل النبي محمد ﷺ، آخر الأنبياء وخاتم المرسلين، الذي ودّع الدنيا بكلماتٍ ستظل خالدة في قلوب محبيه:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأعلى".كلماتٌ تلخّص الرحلة، وتختم أعظم رسالة عرفها التاريخ.

 متى توفي النبي ﷺ؟

وفق ما أجمعت عليه المصادر الموثوقة، توفي النبي ﷺ يوم الاثنين 12 من ربيع الأول، في السنة 11 هجرية، الموافق 8 يونيو عام 633 ميلاديًا، عن عمر ناهز الثالثة والستين، كما ورد في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (رواه البخاري: 4466).
واختلفت الروايات في تحديد عمره الشريف بدقة بين 60 و65 سنة، لكن أجمع العلماء، ومنهم الإمام النووي، أن الأصح والأشهر هو 63 عامًا.

 النبي في أيامه الأخيرة.. إشارات وداع

لم تكن الأيام الأخيرة في حياة النبي ﷺ كغيرها، فقد كانت مليئة بالإشارات النبوية العميقة، وكأنّه يُمهّد للوداع.
في الليالي التي سبقت الرحيل، اشتد عليه المرض، حتى أنه صلى بالناس جالسًا، وطلب أن يُصب عليه الماء ليتقوى. ثم خطب في الناس آخر خطبة له قائلاً:
"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، وكان يُحذر الأمة من الغلو، ويُحذر من الضلال بعده.

وفي فجر يوم الاثنين، عندما رأى المسلمون النبي ﷺ يطل عليهم من حجرة عائشة، وقد ابتسم لهم، خال المؤمنون أنه تعافى، ففرحوا، ولم يدروا أن تلك الابتسامة كانت ابتسامة الوداع.

لحظة الرحيل: في حضن عائشة

حين اشتد عليه الألم، سكن في حِجر زوجته عائشة رضي الله عنها، وأسند رأسه إلى فخذها، ورفع بصره نحو السماء، ثم قال وهو يعاني سكرات الموت:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي، وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأعلى"، وكررها ثلاثًا حتى فاضت روحه الطاهرة.

 المشهد الإلهي أثناء الغُسل

بعد الوفاة، وقع الصحابة في حيرة: هل يُجردون رسول الله من ثيابه كما يُغسَّى الموتى، أم يُغسّلونه بثيابه؟
فبينما هم يتشاورون، غلبهم النعاس جميعًا، ثم سُمع صوتٌ لا يُعرف مصدره يقول:
"اغسلوا النبي ﷺ وعليه ثيابه"، فاستجابوا للأمر الإلهي، وكانت تلك أعجوبة من أعاجيب رحيله.

غسّله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأسنده إلى صدره وهو يبكي ويقول: "ما أطيبك حيًّا وميتًا يا رسول الله".

آخر الوصايا..

استدعى النبي ﷺ ابنته فاطمة الزهراء، وأسرّ إليها مرتين، الأولى بكت، والثانية ضحكت.
وعندما سألَتها عائشة بعد وفاة النبي عن السر، قالت:
"أخبرني في الأولى أنه سيموت، وفي الثانية أنني أول من يلحق به، وأنني سيدة نساء أهل الجنة."

كما ودّع الحسن والحسين، وقبّلهما، وأوصى بهما خيرًا، وخاطب زوجاته، ووعظهن، وكأنه يكتب وصيته للأمة.

 

ما الذي يمكن أن نتعلمه اليوم؟

إن لحظات رحيل النبي ﷺ لم تكن فقط حدثًا تاريخيًا، بل كانت درسًا أخيرًا في الصبر، في التهيؤ للقاء الله، في التواضع، وفي المحبة.
رحل النبي ﷺ بعدما أتم الأمانة، وأبلغ الرسالة، وتركنا على المحجة البيضاء.اليوم، في ذكرى رحيله، لنسأل أنفسنا:
هل سارت قلوبنا على نوره؟ هل تمسكنا بسنّته؟ هل نحن أوفياء لمن قال لنا يومًا:
"وددتُ لو أني لقيت إخواني"؟
فقيل: أولسنا إخوانك؟
قال:"أنتم أصحابي، وإخواني قومٌ يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني".