يوم النفر الأول.. أعماله وفضائله للحجاج المتعجلين في ثاني أيام التشريق

يُعدّ يوم النفر الأول، أو ما يُعرف أيضًا بـ"يوم النفير الأول"، اليوم الثاني من أيام التشريق، والثالث من أيام عيد الأضحى المبارك. وهو اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة، وتبرز خصوصيته في أنه يُجيز للحاج أن يتعجل فيه ويغادر مشعر منى بعد أداء نسكه.
سبب التسمية
سُمي هذا اليوم بـ"النفر الأول" نسبةً إلى النَّفْر، أي الخروج والانتقال من مكان إلى آخر، حيث يجوز للحاج أن ينفر من منى في هذا اليوم إذا اختار التعجل. وورد في لسان العرب أن "نَفَر الناسُ من مِنًى يَنْفِرون نَفْرًا ونَفَرًا"، أي خرجوا منها. ويُطلق على اليوم الذي ينفر فيه الناس من منى اسم "يوم النفر".
حكم التعجل وشروطه
أجاز الشرع للحاج أن يتعجل في مغادرة منى بعد رمي الجمرات في يومين من أيام التشريق، وهما الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة. إلا أن هذا التعجل مشروطٌ بالخروج من منى قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر، فإن غربت عليه الشمس وهو ما يزال داخل منى، وجب عليه المبيت والرمي في اليوم التالي، أي يوم النفر الثاني الموافق للثالث عشر من ذي الحجة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الحكم في قوله تعالى:﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ [البقرة: 203].
والأيام المعدودات المذكورة في الآية هي أيام التشريق.
أعمال يوم النفر الأول
يمارس الحاج في هذا اليوم عددًا من الشعائر المهمة، التي تُكمل مناسك حجه وتختم رحلته الإيمانية:
رمي الجمرات الثلاث: يبدأ الحاج برمي جمرة العقبة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى (العقبة الكبرى)، كل منها بسبع حصيات، مع التكبير والدعاء بعد كل رمية.
النفر من منى: بعد الانتهاء من الرمي، يجوز للحاج المتعجل أن يغادر منى قبل غروب الشمس، متجهًا إلى مكة المكرمة.
طواف الوداع: يصل الحاج إلى الحرم المكي ويطوف بالكعبة المشرفة سبعة أشواط، وهو ما يُعرف بطواف الوداع، وهو آخر المناسك.
السعي بين الصفا والمروة: لمن لم يسعَ سابقًا بعد طواف الإفاضة، يجب عليه السعي الآن، بأن يقطع المسافة بين الصفا والمروة سبع مرات.
الحلق أو التقصير: بعد السعي، يقوم الرجال بحلق رؤوسهم أو تقصيرها، بينما تكتفي النساء بتقصير جزء بسيط من شعرهن.
التحلل من الإحرام: بعد إتمام الحلق أو التقصير، يتحلل الحاج من إحرامه، ويعود إلى ارتداء ملابسه العادية.
فضل يوم النفر الأول
ليوم النفر الأول عدد من الفضائل التي تجعل منه يومًا عظيمًا في ميزان الحاج:
يوم مغفرة ورحمة: هو من أيام المغفرة التي يفيض الله فيها برحمته على الحجيج، ويُطهرهم من ذنوبهم.
يوم استجابة الدعاء: يُستحب الدعاء في هذا اليوم، وقد ورد عن بعض العلماء أنه من الأيام التي يُرجى فيها القبول.
يوم شكر لله: فيه يُتمّ الحجاج مناسكهم ويشكرون الله على تيسير الفريضة.
يوم وداعٍ روحاني: يُعدّ يوم النفر الأول خاتمة مباركة للمشاعر المقدسة، حيث يغادر الحجاج منى محملين بالسكينة والطمأنينة بعد أداء مناسكهم.
الفرق بين يومي النفر الأول والثاني
وفقًا لما أوضحته دار الإفتاء المصرية، فإن أيام النفر هي مواقيت زمنية للحج، تبدأ في اليوم الثاني عشر وتنتهي في الثالث عشر من ذي الحجة. وهي أيام أكل وشرب وذكر لله، لا يُشرع فيها الصيام، وتُختتم بها مناسك الحج.
يوم النفر الأول (12 ذو الحجة): يجوز فيه التعجل لمن رمى الجمرات وخرج من منى قبل غروب الشمس.
يوم النفر الثاني (13 ذو الحجة): هو اليوم الذي يرمي فيه غير المتعجلين الجمرات الثلاث، ثم يغادرون منى باتجاه الحرم المكي لأداء طواف الوداع.
أحكام رمي الجمرات في أيام النفر
أكدت دار الإفتاء أن رمي الجمرات من واجبات الحج، وأشارت إلى اختلاف العلماء حول توقيت الرمي، فبينما رأى بعضهم أن الرمي لا يكون إلا بعد الزوال (الظهر)، أجاز آخرون الرمي قبل الزوال، لا سيما في يوم النفر. بل إن بعضهم أجاز الرمي حتى من منتصف الليل للقادر والعاجز على حد سواء.