بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الأيام البيض.. فرصة شهرية لتجديد الروح ومضاعفة الأجر

بوابة الوفد الإلكترونية

يسعى المسلم دومًا إلى الاقتراب من ربه سبحانه وتعالى، ويبحث عن الوسائل التي تعينه على رفع رصيده من الحسنات، ومن بين هذه الوسائل الجليلة التي تتكرر كل شهر هجري: صيام الأيام البيض، التي توافق أيام 13 و14 و15 من كل شهر هجري، والتي تُعد من السنن المؤكدة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

 الأيام البيض

وقد سُمّيت الأيام البيض بهذا الاسم، لأن القمر يكون فيها بدرًا مكتملاً، ما يجعل الليالي تبدو مضيئة وساطعة، كأنها بيضاء من شدة نورها.

وقد ورد في فضل صيامها ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله"[رواه البخاري ومسلم].

ويُفهم من هذا الحديث أن المواظبة على صيام هذه الأيام كأنما تماثل صيام السنة كلها، إذ إن الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثة أيام في الشهر تعادل ثلاثين يومًا من حيث الأجر، وهذا يعادل صيام شهر كامل.

فضل صيام الأيام البيض

يحمل صيام الأيام البيض فضائل عظيمة تتجاوز النواحي الدينية لتشمل الجوانب النفسية والروحية أيضًا.

فمن الناحية الدينية، يُعد هذا الصيام وسيلة لمغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، ووسيلة لتقوية الصلة بالله عز وجل، كما يُورث القلب الطمأنينة ويزيد الشعور بالقرب من الله تعالى.

أما من الناحية النفسية، فيُعزز الصيام الصبر والانضباط، ويقوي الإرادة، ويمنح الإنسان شعورًا بالسكينة والصفاء، ويُعيد التوازن إلى النفس.

وقد ورد في حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثًا، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة"
[رواه الترمذي]، وهذا يدل بوضوح على استحباب صيام هذه الأيام تحديدًا من كل شهر هجري.

الدعاء في الأيام البيض

من الفضائل العظيمة في الأيام البيض، أن وقت الصيام يُعد من أوقات إجابة الدعاء، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"ثلاث دعوات لا تُرد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر"[رواه البيهقي، وحسنه الألباني].

لذا يُستحب للمسلم أن يُكثر من الدعاء خلال صيامه، ومن الأدعية المستحبة في هذه الأيام المباركة:

اللهم اجعلنا من الصائمين القائمين الذين ترضى عنهم في الدنيا والآخرة.

اللهم اجعل هذه الأيام بداية خير لنا، واغفر ذنوبنا، ويسّر أمورنا، وبارك لنا في أرزاقنا.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت.

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا.

ويُستحب كذلك أن يغتنم المسلم هذه الأيام في الطاعات الأخرى مثل: كثرة قراءة القرآن الكريم، والتسبيح، والاستغفار، والصدقة، وصلة الأرحام، فكلها أعمال تضاعف الأجر وتعظم الثواب.

الاستعداد لصيام الأيام البيض

التحضير لصيام الأيام البيض يعكس جدية العبد في التقرب إلى ربه، ويُفضل أن يبدأ بالنية الخالصة لله تعالى، وأن يُراجع التواريخ الهجرية بدقة حتى لا تفوته هذه الأيام المباركة.

ويُستحب أيضًا أن يحضّر المسلم سحورًا خفيفًا يُعينه على الصيام، وأن يُخصّص وقتًا في نهاره للذكر والدعاء، ويبتعد عن المعاصي والغفلة، ليحظى بصيام كامل من حيث الأثر والثواب.

إن صيام الأيام البيض يُعد نافذة إيمانية متجددة يفتحها الله عز وجل لعباده كل شهر، ليجددوا من خلالها علاقتهم به، ويُنقّوا قلوبهم من شوائب الحياة، ويستعيدوا الطمأنينة والسكينة في زحمة المشاغل.

فما أجمل أن يحرص المسلم على عادة شهرية من الطاعات، تُقرّبه من الله، وتُعلي مقامه، وتُصفّي قلبه وتُنقّي روحه. فلنجعل من صيام الأيام البيض محطة شهرية للارتقاء الإيماني والتزكية الروحية، ولنغتنمها قبل أن تمضي، فالعمر قصير، والفرص الثمينة لا تتكرر كثيرًا.