الأزهر الفتوى: زكاة الفطر شعيرة إسلامية تطهر الصائم وتغني الفقير يوم العيد

زكاة الفطر فريضة شرعية فرضها الإسلام على كل مسلم، وهي طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وسُبُل لإغناء الفقراء عن الحاجة والسؤال في يوم العيد، حتى يشارك الجميع في فرحة عيد الفطر المبارك، وتأتي هذه الزكاة كختام للصيام، تعبيرًا عن التكافل الاجتماعي وتعزيزًا لقيم الرحمة والمودة بين المسلمين.
حكم زكاة الفطر ومشروعيتها
أجمع علماء المسلمين على وجوب زكاة الفطر، استنادًا إلى حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" (رواه البخاري ومسلم).
وقد شُرعت زكاة الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وهي نفس السنة التي فُرض فيها صيام رمضان، وتعد واجبًا على كل مسلم قادر، يُخرجها عن نفسه وعن من يعولهم من أهل بيته.
على من تجب زكاة الفطر؟
أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم، سواء كان ذكرًا أم أنثى، صغيرًا أم كبيرًا، غنيًّا أم فقيرًا، بشرط أن يملك قوت يومه وليلته يوم العيد، بالإضافة إلى حاجاته الأصلية.
ولا تجب الزكاة على من تُوفي قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان، كما أنها لا تجب على الجنين إذا لم يولد قبل غروب الشمس في آخر يوم من رمضان، إلا أن بعض الفقهاء استحبوا إخراجها عنه.
مقدار زكاة الفطر
حدد النبي ﷺ مقدار زكاة الفطر بصاع من الطعام، وهو ما يعادل تقريبًا 2.5 إلى 3 كيلو جرامات من القمح أو الأرز أو التمر أو غيرها من قوت أهل البلد. وتُقدر قيمتها نقدًا وفقًا لأسعار الحبوب في كل عام، وهو ما تحدده دور الإفتاء في مختلف البلدان الإسلامية.
وقت إخراج زكاة الفطر
تبدأ زكاة الفطر من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويمتد وقت إخراجها حتى قبل صلاة العيد، ويستحب تعجيلها حتى تصل إلى مستحقيها في الوقت المناسب.
وقد أجاز بعض الفقهاء إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، بينما ذهب الإمام أبو حنيفة إلى جواز إخراجها من أول شهر رمضان، وذلك لتوسعة الوقت على المزكي والمستحق.
مصارف زكاة الفطر
يتم توزيع زكاة الفطر على الفقراء والمساكين ومن يستحقونها، امتثالًا لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60].
الحكمة من زكاة الفطر
زكاة الفطر ليست مجرد واجب مالي، بل هي نظام تكافلي يهدف إلى تحقيق التراحم بين أفراد المجتمع، ومن أبرز مقاصدها:
تطهير الصائم من أي تقصير أو لغو قد يكون وقع فيه خلال رمضان.
إغناء الفقراء والمحتاجين حتى لا يكونوا في ضيق يوم العيد.
إظهار التكافل الاجتماعي بين أفراد الأمة، حيث يسهم الأغنياء في إسعاد الفقراء.
زكاة الفطر مسؤولية اجتماعية وروحية
بهذا الفرض، يرسّخ الإسلام قيم العدالة والتكافل بين المسلمين، ليصبح العيد يومًا للفرح الحقيقي الذي يشمل الجميع. لذا، ينبغي للمسلمين المسارعة في إخراج زكاة الفطر، وإيصالها لمستحقيها، حتى يتحقق مقصودها الشرعي، ويعم الخير والبركة في يوم العيد.