نساء في نور القرآن (٤)
السيدة هاجر.. نموذج للمرأة المصرية الصابرة المؤمنة في التاريخ الإسلامي

السيدة هاجر واحدة من أبرز النساء في التاريخ الديني، فقد خلدتها النصوص الدينية بذكر مواقفها العظيمة التي جسدت معاني الإيمان، الصبر، والتوكل على الله.
فبرغم قلة الإشارات إليها في القرآن الكريم، إلا أن السنة النبوية والمصادر التاريخية سلطت الضوء على مسيرتها التي تركت أثرًا خالدًا في وجدان الأديان السماوية.
من هي السيدة هاجر؟
بحسب أغلب الروايات، كانت السيدة هاجر مصرية الأصل، وتباينت الآراء حول وضعها الاجتماعي قبل أن تصبح زوجة للنبي إبراهيم عليه السلام.
يُقال إنها كانت أميرة في قومها، بينما تشير روايات أخرى إلى أنها كانت جارية في قصر فرعون، إلى أن وهبتها السيدة سارة، زوجة إبراهيم، له بعد أن عجزت عن الإنجاب.
رحلة التضحية والصبر
عندما أنجبت السيدة هاجر ابنها إسماعيل، واجهت محنة كبيرة عندما قرر النبي إبراهيم تركها مع رضيعها في صحراء مكة القاحلة، تنفيذًا لأمر الله.
وبرغم قسوة الموقف، لم تتذمر، بل أظهرت إيمانًا قويًا بقدرة الله على حمايتها.
راحت تركض بين جبلي الصفا والمروة بحثًا عن الماء لرضيعها، حتى جاءها الفرج الإلهي بتفجر بئر زمزم، الذي لا يزال مصدرًا للحياة في مكة حتى اليوم.
رمز الإيمان والعطاء
لم تكن السيدة هاجر مجرد أم حانية، بل أصبحت رمزًا للتضحية والصبر في مواجهة الابتلاءات.
وقد كافأها الله على إخلاصها بأن أصبحت جزءًا من شعائر الحج، حيث يخلد المسلمون سيرها عند السعي بين الصفا والمروة.
كما أن ابنها إسماعيل، الذي نشأ في مكة، أصبح نبيًا وأبًا للعرب المستعربة، مما جعلها أمًا لسلالة مباركة.
موقع دفنها وذكراها
توفيت السيدة هاجر عن عمر ناهز التسعين عامًا، ودُفنت في جوار بيت الله الحرام، في المكان الذي يُعرف الآن بـ"حِجر إسماعيل"، وهو جزء من الكعبة المشرفة.
وقد بقيت ذكراها العطرة متجددة في قلوب المؤمنين، شاهدة على أن الصبر والتوكل على الله لا يضيعان أجرًا.
تمثل السيدة هاجر نموذجًا خالدًا في قصص النساء العظماء، فهي ليست مجرد شخصية تاريخية، بل هي قدوة في الإيمان والثقة بالله.
قصة حياتها تحمل معاني عظيمة لكل من يواجه الصعوبات، لتكون شاهدًا على أن الصبر والتوكل هما مفتاح الفرج والنجاة.