حكم الدين في قطع صلة الرحم في رمضان

شهر رمضان المبارك فرصةً عظيمةً لتصفية النفوس، وتقوية العلاقات الاجتماعية، ومن أهمها صلة الرحم. ومع ذلك، فإن بعض الناس يتهاونون في هذا الواجب، بل قد يصل الأمر إلى القطيعة بين الأرحام، وهو ما يُعَدُّ من المحرمات في الإسلام، ويشتد التحذير منه في هذا الشهر الفضيل.
صلة الرحم في الإسلام
أوصى الإسلام بصلة الرحم وجعلها من أسباب رضا الله، حيث قال النبي ﷺ:"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (متفق عليه).
وهذا يدل على أن صلة الرحم ليست مجرد مستحب، بل هي سبب في البركة في الرزق والعمر. وقد حذَّر الله سبحانه وتعالى من قطيعة الرحم في قوله:"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [محمد: 22-23].
حكم قطع صلة الرحم في رمضان
أجابت لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بأن قطع صلة الرحم من المحذورات في رمضان، كما ذكر فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، حيث يجب على الصائم أن يحافظ على صيامه من كل ما يفسده أو يُضيع ثوابه. ومن هذه الأمور الغيبة، النميمة، القيل والقال، الخصام، وقطع صلة الرحم، وذلك استنادًا إلى حديث النبي ﷺ:"رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ" (رواه النسائي وابن ماجه وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم).
فالصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل يشمل أيضًا الامتناع عن كل ما يُضعف التقوى أو يُذهب ثواب الصوم، امتثالًا لقوله تعالى:"كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة: 183].
كيف نتجنب قطيعة الرحم في رمضان؟
- المبادرة بالصلح: حتى لو كان هناك خلاف، فإن رمضان هو أفضل وقت لإصلاح العلاقات والتسامح.
- الاتصال بالأهل: لا يشترط اللقاء المباشر، فالاتصال الهاتفي أو إرسال رسالة ودية قد يكون كافيًا لإحياء الود.
- الدعاء للأقارب: حتى إن كان هناك خلاف، فالدعاء لهم بالخير قد يكون وسيلة لتليين القلوب.
- عدم انتظار المبادرة: بعض الناس ينتظرون أن يبادر الطرف الآخر، لكن الفضل في الصلة لمن يبدأ بها.
قطع صلة الرحم ليس فقط ذنبًا عظيمًا، بل هو أيضًا مفسد للصيام، ويحرم المسلم من بركات هذا الشهر الكريم.