حكم تعمد شم روائح الطعام أثناء الصيام؟.. عالم أزهري يوضح
نحرص في شهر رمضان على معرفة الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام، ومنها استنشاق الروائح الطيبة كالعطور والبخور وروائح الطعام، ومدى تأثيرها على صحة الصيام.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، الحكم الشرعي المتعلق بهذا الأمر، مستندًا إلى أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
حقيقة الصيام وعلاقته بشم الروائح
أكد الدكتور عطية لاشين أن الصيام في جوهره هو الامتناع عن إدخال أي شيء إلى الجوف من المنافذ المعتادة كالفم والأنف، سواء كان طعامًا أو شرابًا أو أي مادة أخرى ذات قوام ملموس.
أما الروائح الطيبة أو حتى رائحة الطعام، فهي ليست من جنس الأكل أو الشرب، بل هي مجرد جزيئات عالقة في الهواء تدخل إلى الأنف أثناء التنفس الطبيعي، مثلها مثل الهواء العادي، وبالتالي لا تعدّ مفسدة للصيام.
واستشهد بقول الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: 101]، موضحًا أن الإسلام دين يسر، ولا ينبغي المبالغة في التشدد بالأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام، لا سيما في الأمور التي لا تؤدي إلى إدخال شيء ملموس إلى الجوف.
كما أشار إلى الحديث النبوي الشريف:"رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي: الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (رواه ابن ماجه)، مؤكدًا أن استنشاق الروائح أثناء السير أو الجلوس أمر لا إرادة للإنسان فيه، فلا يؤثر على صحة الصيام.
حكم تعمد شم الروائح الطيبة أثناء الصيام
ذهب بعض الفقهاء إلى القول بكراهة تعمد شم الروائح الطيبة، خاصة التي تصدر عن الطعام أو العطور المركزة، وذلك من باب تنزيه الصيام عن الشهوات وتجنب الترفه الزائد. وعلّلوا هذا الحكم بأن بعض الروائح قد تفتح شهية الصائم للطعام، مما قد يجعله أكثر عرضة لكسر صيامه أو الشعور بالجوع الشديد.
ومع ذلك، أوضح الدكتور عطية لاشين أن الكراهة هنا ليست بمعنى التحريم، بل هي توجيه للصائم نحو الأفضل، فلا مانع من استخدام العطور أو التعرض للروائح الطيبة إذا لم يكن الهدف من ذلك التلذذ أو زيادة الرغبة في الطعام.
هل استنشاق البخور يؤثر على الصيام؟
أما فيما يتعلق بالبخور، فقد أشار الدكتور عطية لاشين إلى أن البخور يختلف عن العطور العادية، لأنه يحتوي على جزيئات مادية قد تدخل إلى الحلق عند استنشاقه بعمق، ولذلك يفضل تجنب استنشاقه بشكل مباشر ومتعمد أثناء الصيام، حرصًا على صحة الصيام وخروجًا من الخلاف الفقهي.
وختم الدكتور عطية لاشين حديثه مؤكدًا أن الصائم يجب أن يحرص على روح العبادة في الصيام، وأن يبتعد عن كل ما قد يُضعف عزيمته أو يعكر عليه صفاء يومه الرمضاني، وأن يتجنب الوساوس الفقهية التي قد توقعه في التشدد غير المطلوب.
