لماذا اختار الله اللغة العربية للقرآن الكريم؟.. جمعة يُجيب

تساءل البعض: لماذا اختار الله العربية لغةً للقرآن الكريم؟ فأجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، موضحًا أن اللغة العربية تمتلك مميزات فريدة لا توجد في أي لغةٍ أخرى، مما يجعلها الأكثر ملاءمةً لنقل الوحي الإلهي.
مرونة اللغة العربية وسعتها
أكد جمعة أن العربية لغة واسعة ومرنة، حيث تتيح دلالات ألفاظها ومواقع الكلمات في الجملة إمكانيات تعبيرية لا تضاهيها لغة أخرى. ويتضح هذا جليًا عند محاولة ترجمة القرآن الكريم، حيث تُرجم إلى أكثر من 130 لغة، ومع ذلك، لم تستطع أي ترجمة أن تنقل جمال النص القرآني بدقة، بل قدمت فقط وجهة نظر المترجم.
وأشار إلى أن جرس الكلمات العربية، ودقة معانيها، وتأثيرها على السامع تختلف تمامًا عن أي لغة أخرى، وهو ما يجعل القرآن معجزًا في ألفاظه، ويفسر لماذا لم يستطع أحد أن يأتي بمثله رغم تحدي الله للإنس والجن.
استحالة نقل القرآن بنفس دقته إلى لغة أخرى
تحدث الدكتور جمعة عن الجهود الحثيثة التي بُذلت لترجمة القرآن الكريم، موضحًا أنه حتى لو استُخدمت أحدث المصطلحات في اللغات الأخرى، فإنه يستحيل نقل النص القرآني بجماله وإعجازه كما هو في العربية، "أليس هذا دليلاً على حكمة الله في أن ينزل القرآن عربيًا؟!"، ودعا المسلمين إلى تعلم اللغة العربية والاهتمام بها، مشيرًا إلى أنها ليست مجرد لغة، بل هي مفتاح لفهم كتاب الله وهديه.
الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم
استعرض الدكتور علي جمعة أوجه الإعجاز اللغوي في القرآن، موضحًا أن نظم الكلمات، رسم الحروف، تراكيب الجمل، جمال الألفاظ، وتأثيرها النفسي والروحي كلها جوانب لا يمكن محاكاتها. واستدل بحديث النبي ﷺ:"أُنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهرٌ وبطن، ولكل حدٍّ مطلع" (صحيح ابن حبان).
وأكد أن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه، ولا يبلى مع كثرة التكرار، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: "ولا يَخلَق عن كثرة الردِّ" (أي لا يفقد بريقه مهما تكرر تلاوته).
تأثير القرآن في العرب والعجم والجن
أشار الدكتور جمعة إلى أن القرآن أعجز فصحاء العرب، كما كان له تأثيرٌ بالغٌ على العجم، فدخلوا في دين الله أفواجًا. واستشهد بآيات سورة الجن، حيث يروي القرآن كيف أثر كلام الله في الجن أنفسهم، فآمنوا به بمجرد سماعه:
> "إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ" (الجن: 1-2).
حفظ القرآن عبر الأجيال.. معجزة فريدة
ومن عجائب القرآن أنه يحفظه العربي والأعجمي، الكبير والصغير، رغم أن حفظه ليس بالأمر السهل. وعلى مر التاريخ، لم يحفظ أحدٌ ترجمة معاني القرآن بأي لغة أخرى، سواء الإنجليزية أو اليابانية، بينما يحفظ الملايين النص العربي الأصلي، وهو ما يؤكد تفرد القرآن الكريم وعظمته.
اختتم الدكتور علي جمعة حديثه بتأكيد أن اختيار الله للغة العربية وحيًا لنقل رسالته الخاتمة هو أمر إلهي حكيم، وأنه يجب على المسلمين أن يحافظوا على لغتهم ويفهموها بعمق، لأنها مفتاح لفهم القرآن وهدايته.