بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في آخر أيامة.. فضل قيام الليل في النصف الثاني شهر شعبان

بوابة الوفد الإلكترونية

يعد قيام الليل في شهر شعبان من العبادات الجليلة التي تحظى بمنزلة خاصة عند الله عز وجل، حيث يُعد من الخصال الحميدة التي تقرّب العبد من ربه. فقد ورد في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس" (رواه الحاكم والبيهقي).

مكانة صلاة قيام الليل في الإسلام

تحتل صلاة قيام الليل مكانة عظيمة بين العبادات، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد الصلوات المفروضة من حيث الفضل والثواب. فقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" (رواه مسلم). كما بين النبي ﷺ أن الصلاة التي يؤديها العبد في خلوته، بعيدًا عن أعين الناس، تعادل أضعاف ما يصليه أمام الآخرين، حيث قال: "صلاة الرجل تطوعًا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسًا وعشرين".

فضل قيام الليل في شهر شعبان

يحمل قيام الليل في شهر شعبان فوائد عظيمة، فهو سبب لتكفير الذنوب، وجلب الرزق، والقرب من الله. فقد قال النبي ﷺ لسعد بن معاذ: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل" ثم تلا قوله تعالى:
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة: 16-17) (رواه الترمذي بسند صحيح).

قيام الليل وسيلة للقرب من الله

إن القرب من الله هو الغاية الأسمى لكل عبد، وقيام الليل من أقوى الوسائل التي تحقق ذلك. فقد قال النبي ﷺ: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الأخير، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن" (رواه الترمذي). فقيام الليل هو أمنية القلوب، وسعادة العبد، وقرة عينه، إذ يجد الإنسان فيه سكينة روحه وطمأنينة قلبه.

كما أن قيام الليل يقي العبد من الغفلة، حيث ورد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: "من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آية كُتب من المقنطرين" (رواه أبو داود بسند صحيح).

عدد ركعات قيام الليل

لم يُحدد الشرع عددًا معينًا لركعات قيام الليل، فقد جاء في القرآن الكريم: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) (الفرقان: 64)، دون ذكر عدد محدد. لكن ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يُصلي إحدى عشرة ركعة في قيام الليل، حيث قالت: "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا" (رواه البخاري ومسلم). كما جاء في رواية أخرى أنه كان أحيانًا يُصلي ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر.

وقت قيام الليل

قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي مع طلوع الفجر، ويمكن أداؤه في أي وقت من الليل، سواء في أوله أو وسطه أو آخره. فقد ورد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما كنا نشاء أن نرى رسول الله ﷺ في الليل مصليًا إلا رأيناه، ولا نشاء أن نراه نائمًا إلا رأيناه".

إلا أن أفضل وقت لقيام الليل هو الثلث الأخير من الليل، فقد سُئل النبي ﷺ: "أي الليل أسمع؟" فقال: "جوف الليل الآخر، فصلّ ما شئت" (رواه الترمذي).

فضل قيام الليل في الثلث الأخير

يرجع فضل قيام الليل في الثلث الأخير إلى أنه وقت نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا ليُجيب دعوات عباده، ويغفر لهم ذنوبهم. فقد قال النبي ﷺ: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حتى يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟" (رواه البخاري).

 

قيام الليل في شهر شعبان من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله، فهو سبب لمغفرة الذنوب، واستجابة الدعوات، وجلب الرزق، وزيادة القرب من الله. لا يوجد عدد محدد لركعاته، لكنه يكون أكثر أجرًا إذا أُدي في الثلث الأخير من الليل، حيث يكون العبد في أسمى حالاته الروحانية. وهو فرصة عظيمة للعبد ليكون من أولياء الله الذين ينعمون بالسكينة والطمأنينة في الدنيا، وينالون الجزاء العظيم في الآخرة.