رصاص الفرح خطف «رُقية»
فى تلك الليلة التى كان يُفترض أن تُكتب فى ذاكرة أبناء منطقة البراجيل بأوسيم باعتبارها ليلة فرح، انقلب كل شيء فى لحظة واحدة، بسبب رصاصة طائشة.
كانت رُقية مصطفى، صاحبة الـ11 عاما، تقف بجوار والدتها فى شرفة منزلهم بالطابق الثالث، تمسك بيد أمها، تميل برأسها قليلًا لتتابع موكب الفرح أسفل العقار، تضحك حينًا، وتلوّح بيدها الصغيرة حينًا آخر، كأنها تشارك العروسين فرحتهما بطريقتها البريئة.
فى الأسفل، كان الحفل فى ذروته.. أضواء، أصوات، ضحكات، ورقصات عفوية، ثم فجأة… صوت مختلف، صوت حاد، غريب، لم يشبه التصفيق أو الموسيقى، رصاصة أُطلقت فى الهواء، كما يحدث فى كثير من المناسبات دون وعى أو إدراك للعواقب، لحظة واحدة فقط كانت كافية لتحويل الفرح إلى صدمة. تشعر الأم بيد ابنتها ترتخى فجأة، التفتت لتجد الصغيرة تسقط أرضًا دون صوت، ودماء تنساب من جسدها، لم تصرخ فى البداية، كأن عقلها رفض تصديق ما تراه عيناها، ثوانٍ مرت كأنها دهر، قبل أن يعلو الصراخ، ويتحول الحفل بأكمله إلى فوضى وذهول.
هرع الجيران، وتوقفت الموسيقى، واختفت الزغاريد، وحلّ مكانها بكاء ونحيب، حمل البعض الطفلة مسرعين بها إلى أقرب مستشفى، فى سباق يائس مع الزمن، بينما كانت الأم تسير خلفهم وقد تجمدت ملامحها بين أمل ضعيف وخوف قاتل، لكن الرصاصة كانت أسرع من كل محاولات النجاة.
فى المستشفى، استقبل الأطباء الطفلة المصابة بطلق نارى فى الرأس، والتى فارقت الحياة فور وصولها، كانت الأجهزة الأمنية قد تلقت إخطارًا بالواقعة، وعلى الفور، وجّه اللواء محمد مجدى أبو شميلة، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، قوات الأمن إلى مكان الحادث، لم يكن الأمر مجرد حادث، بل جريمة غير مقصودة ارتُكبت بجهل واستهتار.
بالمعاينة، تبيّن وجود أثر طلق نارى، وأُمرت فرق البحث، تحت إشراف اللواء علاء فتحى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، بسرعة كشف ملابسات الواقعة، التحريات التى قادها اللواء هانى شعراوى، نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، كشفت تفاصيل موجعة، بأن الطفلة لم تكن داخل الحفل، لم تشارك فى الزحام، لم تقترب من مصدر الخطر، كانت فقط تقف فى شرفة منزلها، فى مكان يُفترض أنه آمن. كاميرات المراقبة المحيطة بالعقار لعبت دورها فى كشف الحقيقة، لقطات أوضحت لحظة إطلاق الأعيرة النارية، وحددت الشخص الذى أطلق الرصاصة، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهم.