رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

فخريات

سألنى أحد الأصدقاء : ما الفرق بين شكرِ الإنسان للإنسان، وشكرِ الله لعبدٍ من عباده؟

هذا السؤالٌ الذى قد يبدو فى ظاهره بسيطا، لكن حين تغوص فى معانيه تكتشف أنك أمام بابٍ واسع من أبواب المعرفة الإيمانية، يتجلّى فيه لطف الخلق وفضل الخالق، ويظهر فيه الفرق بين كلمةٍ تُقال على الأرض… وثناءٍ يتنزّل من السماء.

اعلم يا صديقى العزيز أن الفرق بين شكر الإنسان وشكر الله فرقٌ دقيق فى اللفظ، عميق فى المعنى، فلتتأمل معى.

أولًا: شكرُ الإنسانِ للإنسان

شكر الناس بعضهم بعضًا هو اعتراف بالفضل الظاهر، وتقدير للمعروف الذى أسداه أحدهم إلى الآخر.

ويقوم هذا الشكر على الأدب والخلق والإنصاف؛ فالقلوب بطبعها تميل إلى كلمة «شكرًا» لأنها تبعث فى النفس الشعور بالتقدير والاحترام.

وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: «ومن صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه…»

وهذا الحديث يؤكد أن شكر الناس بعضهم هو من تمام الأخلاق وطيب المعاملة.

ومع ذلك يظل شكر البشر نسبيًا محدودًا؛ مرتبطًا بزمان ومكان وعمل معيّن، وقد ينساه الناس أو ينقطع أثره.

ثانيًا: شكرُ اللهِ للإنسان

وهو معنى عظيمٌ أثبته القرآن، قال تعالى : {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}

أى إن الله يشكر لعبده القليل، فيضاعفه، ويُثيبه عليه فضلًا منه وكرمًا.

وقال تعالى : {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}

وهذه من أعظم صور الشكر الإلهى؛ أن يُجزى العبد أضعاف ما عمل.

وفى الحديث قال ﷺ : «من همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة…»

فهذا ذروة الشكر : أن يُثاب العبد على نيةٍ صادقة قبل أن يعمل شيئًا.

وقال ﷺ : «مَنْ تصدَّقَ بعدْلِ تمرَةٍ مِنْ كسبٍ طيِّبٍ، ولَا يقبَلُ اللهُ إلَّا الطيِّبَ، فإِنَّ اللهَ يتقبَّلُها بيمينِهِ، ثُمَّ يُرَبيها لصاحبِها، كما يُرَبِّى أحدُكم فَلُوَّهُ حتى تكونَ مثلَ الجبَلِ…»

وهذا قبولٌ مضاعفٌ وتربيةٌ للعمل حتى يُصبح كالجبل، وهو من أعظم معانى شكر الله لعباده.

ونستطيع أن نفهم من ذلك أن شكر الله للعبد يتضمن:

الثناء الجميل، والستر، وقبول الطاعة، ومضاعفة الأجر، والتوفيق، ورفع الذكر، وإعطاء فوق المتصوَّر.

فهو شكرٌ إلهى لا يحده حدّ؛ يشفع الحسنة بالحسنة، ويزيد على الجهد أضعافًا، ويعطى بلا نهاية.

فإذا نزل شكر الله على عبدٍ، جعله من أهل البركة والنور والقبول.

وفى ضوء ذلك يتجلّى الفرق بين الشكرين:

**شكر الناس: يكون فى كلمة، أو ابتسامة، أو اعتراف بفضل.

أما شكر الله : يكون رحمةً ونورًا ورفعَ درجات.

**شكر الإنسان قد يُنسى أو ينقطع.

أما شكر الله: باقٍ ممتدّ، يُثمر فى الدنيا، ويدّخر للآخرة.

**الإنسان يشكر بقدر معرفته.

أما الله (جل جلاله) فيشكر بقدر كرمه، وهو الكريم الذى يشكر القليل ويعطى الكثير.

**شكر الناس عمل بشرى.

أما شكر الله (عز وجل) فهو وسام قبول إلهى، يُكتب للعبد فى صحائف النور.

فيا صديقى العزيز : إن شكر الخلق لطفٌ من البشر…

أما شكر الحقّ سبحانه وتعالى فهو رفعةٌ فى الدنيا، ونجاةٌ في

الآخرة، وفضلٌ لا يُحدّ ولا ينفد.

فاللهم اكتب لنا القبول، وبلّغنا من الكرم ما لا يخطر على بال، واسترنا بسترك الجميل، واجعلنا ممن إذا نظرتَ إليهم رضيت، وإذا رضيتَ عنهم باركت، وإذا باركتَ رفعت.

رئيس الإدارة المركزية لشئون القرآن بالأوقاف